كشفت مصادر في لجنة قطاع طب الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات عن إصرار اللجنة على إعادة طلب التحقيق مع الدكتور وليد الديب، نقيب أطباء الأسنان بالإسكندرية، بعد تصريحاته التي دعا فيها طلاب الثانوية العامة للتريث قبل الالتحاق بكليات طب الأسنان. ويأتي هذا الإصرار رغم إعلان النقابة العامة لأطباء الأسنان رفضها التام لهذا التحقيق، معتبرة أن تصريحات الديب تأتي في إطار الدور التوعوي للنقابة، وتحذير منطقي في ظل تفاقم أزمة سوق العمل في قطاع طب الأسنان، وارتفاع أعداد الخريجين إلى مستويات غير مسبوقة دون وجود فرص حقيقية لاستيعابهم. تصريحات فجّرت الأزمة وكان وليد الديب قد دعا في بيان رسمي طلاب الثانوية العامة وأولياء أمورهم إلى الرجوع للنقابة قبل اتخاذ قرار الالتحاق بكليات طب الأسنان، مؤكدًا أن هناك "كثيرًا من الأمور التي يجب معرفتها لحماية مستقبلهم"، في إشارة إلى التكدس الواضح في أعداد الخريجين وغياب التوازن بين العرض والطلب في سوق العمل. تصريحات الديب لم تمر مرور الكرام، إذ رأت لجنة قطاع طب الأسنان في المجلس الأعلى للجامعات أنها تمثل "تغوّلًا على صلاحيات وزير التعليم العالي"، خاصة بعد تطرقه إلى خطة الوزارة بفتح كليات جديدة دون مراعاة الاحتياجات الفعلية للقطاع، معتبرة أن هذه التصريحات تخرج عن النطاق المهني وتستوجب المساءلة. النقابة ترد وترفض التحقيق في المقابل، أصدرت النقابة العامة لأطباء الأسنان بيانًا حاسمًا أكدت فيه أن تصريحات نقيب الإسكندرية "لا تمثل مخالفة مهنية أو إساءة لأي جهة"، بل تعبر عن قلق مشروع تجاه مصير مئات الخريجين سنويًا في ظل غياب فرص التعيين والتدريب الجيد. وأكد نقيب أطباء الأسنان العام، الدكتور إيهاب هيكل، أن النقابة "لن تسمح بإجراء أي تحقيق مع الدكتور وليد الديب"، مشيرًا إلى أن ما قاله يعكس موقفًا رسميًا للنقابة نفسها من تفاقم أزمة أعداد المقبولين بكليات طب الأسنان، وخاصة بعد قرارات التوسع في إنشاء كليات جديدة، دون تقدير لحجم الفائض الكبير في الخريجين. وأشار هيكل إلى أن النقابة ستقف خلف الديب بكامل الدعم النقابي والقانوني، في مواجهة ما اعتبره "محاولة لتكميم الأفواه وإسكات الأصوات التي تنبه للمخاطر المستقبلية". الديب يتمسك بموقفه: لا تحقيق مع النقباء من جانبه، شدد الدكتور وليد الديب على عدم قانونية التحقيق مع النقباء المنتخبين بشأن تصريحات تتعلق بأداء مهامهم، موضحًا أن بيانه الأخير لم يأتِ من فراغ، بل لإعادة تسليط الضوء على أزمة ممتدة منذ سنوات، وسط تجاهل رسمي واضح. وأضاف: "نحن على بُعد ساعات من إعلان نتيجة الثانوية العامة، والآلاف من الطلاب وأولياء الأمور في حيرة بين طموحاتهم وواقع سوق العمل المأزوم. دعوتي كانت لتحذيرهم، وليس لتخويفهم"، مقترحًا تقليل أعداد المقبولين بالكليات كحل سريع، أو رفع التنسيق للحد من الالتحاق العشوائي بالتخصصات الطبية. خلفية الأزمة: كليات بالمئات وسوق متخم وتتزامن هذه الأزمة مع تحرك حكومي واسع لزيادة أعداد الكليات الطبية. ففي فبراير الماضي، صدرت موافقة المجلس الأعلى للجامعات على إنشاء 12 جامعة أهلية جديدة، من بينها 6 كليات لطب الأسنان، في محافظات القاهرة، وطنطا، والفيوم، وعين شمس، والسويس، وكفر الشيخ. ويثير هذا التوسع قلقًا كبيرًا داخل الوسط الطبي، في ظل اعتماد وزارة الصحة منذ عام 2022 سياسة "التكليف حسب الاحتياج"، مما يعني أن الخريجين الجدد من أطباء الأسنان والصيادلة وغيرهم قد لا يجدون مكانًا لهم في حركة التكليف الحكومية مستقبلاً، ما يُشكل تهديدًا حقيقيًا لمساراتهم المهنية. وتأججت الأزمة مؤخرًا بعد تأخر إعلان حركة التكليف لخريجي دفعتي 2023 و2024 من طب الأسنان والصيدلة، ما دفع بعضهم إلى تدشين حملات إلكترونية ومناشدات برلمانية لسرعة إعلان التكليف، ورفض تطبيق سياسة الاحتياج التي تهدد بإقصاء المئات خارج الخدمة الحكومية. ثانوية عامة على الأبواب وأزمة بلا حلول في هذه الأثناء، يترقّب طلاب الثانوية العامة في مصر للعام الدراسي 2025 إعلان نتيجتهم، والمقرر اعتمادها رسميًا خلال الساعات المقبلة من وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف، وسط مخاوف متزايدة من اختيار تخصصات طبية لا تتوافق مع احتياجات السوق، أو تنذر بمستقبل مهني غير مضمون.