في تحرّك غير مسبوق منذ بدء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، دخلت قبائل وعشائر شمال سيناء على خط الأزمة، بإعلانها التعبئة الشعبية والقبلية لمواجهة الحصار الخانق المفروض على القطاع، ومطالبتها بفتح معبر رفح فورًا لإدخال المساعدات الإنسانية، في وقت تتكدس فيه قوافل الإغاثة داخل الأراضي المصرية، على مرمى حجر من المحتاجين الجائعين خلف الأسلاك الحدودية.

وفي بيان حازم، أصدره مجلس عشائر محافظة شمال سيناء، أعلنت العشائر رفضها القاطع لما وصفته بـ"الجريمة البشعة" التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان غزة، مشيرة إلى أن هذا الحصار لا يمكن فصله عن "تواطؤ دولي وصمت عربي مخزٍ".

وأكد المجلس أن ما يحدث من "مجاعة مفتعلة" يهدد حياة مئات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ، مستنكرًا تخاذل المجتمع الدولي، ومشددًا على أن "أهل غزة لا يجوز أن يُتركوا فريسة للجوع والموت بينما جيرانهم وأشقاؤهم على حدود القطاع يقفون متفرجين".

 

استعداد شعبي لحماية القوافل
وحمّل بيان المجلس السلطات مسؤولية اتخاذ القرار الحاسم في هذا الملف، مطالبًا عبد الفتاح السيسي بفتح معبر رفح "فورًا ودون تأخير"، ورفض الرضوخ لأي ابتزاز سياسي أو عسكري.

كما أعلنت العشائر جاهزيتها الكاملة لتأمين قوافل المساعدات الإنسانية إلى غزة، داعية إلى "حراك سلمي شعبي ومنظم في الشوارع وساحات الاعتصام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي".

ووجّه المجلس نداءه إلى كل قبائل سيناء وأبناء مصر الأحرار، مؤكدًا أن "غزة أمانة في أعناقنا، ولن نرضى أن تُجوع وتُباد ونحن على حدودها".

 

"جاهزون للتضحية من أجل غزة"
بدوره، أكد الشيخ موسى المنيعي، أحد أبرز رموز عشائر سيناء، أن "ما يحصل في غزة يدمي القلب"، مضيفًا أن أبناء سيناء يرون أطفال غزة يموتون جوعًا بينما المساعدات على بعد أمتار، الأمر الذي وصفه بـ"المشهد المؤلم والمخزي".

وشدّد المنيعي على أن "العشائر لن تبقى صامتة"، قائلًا: "نحن على استعداد لأن نفدي غزة بأرواحنا، وقد دفعنا من دمائنا من أجل فلسطين عبر التاريخ، ولن نُقصّر اليوم".

وأوضح أن للقبائل السيناوية امتدادات عائلية داخل الأراضي الفلسطينية، وعلاقات قوية مع جهات رسمية وأمنية في الدولة المصرية، وهو ما يعزز قدرتها على لعب دور فاعل في كسر الحصار، إذا ما توفر القرار السيادي والدعم الرسمي لذلك.

 

صمت غير مبرر… وتكدس المساعدات
من جانبه، أشار الناشط السياسي زهدي جواد، من مدينة العريش، إلى ما سماه "التقصير الفادح" في التعامل مع الكارثة الإنسانية في غزة، موضحًا أن شوارع العريش ومخازن المؤسسات الدولية ممتلئة بالمساعدات العالقة منذ شهور، بينما الفلسطينيون يموتون من الجوع.

وأكد جواد أن "التضامن اللفظي لم يعد كافيًا"، داعيًا إلى اتخاذ خطوات فعلية للضغط على إسرائيل من خلال المعبر البري المصري، مشيرًا إلى أن القبائل تمتلك القدرة الحقيقية على التحرك، لكن "ينقصها القرار السيادي الذي يحرّك الزعامات القبلية في هذا الاتجاه".

وحذّر من أن استمرار الجمود السياسي في هذا الملف سيُفاقم من المأساة، خاصة مع فساد كميات كبيرة من المساعدات بسبب طول مدة التخزين وحرارة الصيف القاسية في شمال سيناء.

 

الحصار: 14 كيلومترًا من الصمت القاتل
ومنذ إغلاق معبر رفح في مايو 2024، بعد بدء العملية البرية الإسرائيلية في رفح الفلسطينية، تكدست مئات الشاحنات والطائرات الإغاثية التي وصلت إلى العريش من مختلف دول العالم، دون أن يُسمح لها بدخول القطاع.

ويمتد الشريط الحدودي بين مدينة رفح المصرية ونظيرتها الفلسطينية على مسافة 14 كيلومترًا، تفصلها جدران إسمنتية وسياجات أمنية شديدة الحراسة، عززها الجيش المصري منذ بداية الحرب.