دخلت قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس بمحافظة المنيا في حالة حداد وصمت مشوب بالذهول بعد وفاة 6 أطفال من أسرة واحدة خلال 10 أيام، في ظروف لا تزال غامضة، بينما تسارع الجهات القضائية والصحية لكشف ملابسات هذه المأساة التي أثارت تساؤلات كثيرة، ولم تقدم إجابات شافية حتى الآن.
وفي تطور لافت، أمرت النيابة العامة بديرمواس باستخراج جثامين ثلاثة من الأشقاء الستة المتوفين لتشريحها، بعدما تبين أنهم دُفنوا دون العرض على الطب الشرعي وبناءً على تصريح دفن صادر من مكتب الصحة، دون علم النيابة، وهو ما اعتبره البعض تجاوزًا للإجراءات القانونية في حالة وفاة مفاجئة بهذا الحجم.
كما استدعت النيابة زوجة الأب ناصر محمد علي، التي كانت تقيم مع الأطفال ووالدهم، للاستماع إلى أقوالها بشأن الظروف المحيطة بالوفيات، ولفتح تحقيق في مدى معرفتها أو تورطها في أي شبهة جنائية.
وشمل التحقيق أيضًا مدير مستشفى ديرمواس الذي منح تصاريح الدفن دون الرجوع للنيابة أو استدعاء الطبيب الشرعي، رغم الاشتباه في تأخر الطاقم الطبي في إسعاف الأطفال في الساعات الأولى بعد ظهور الأعراض.
الضحايا.. أحبة رحلوا فجأة
قائمة الضحايا بدأت بـ ريم ناصر (10 سنوات)، تلاها عمر (7 سنوات)، ثم محمد (11 سنة)، قبل أن يلحق بهم تباعًا كل من أحمد (5 سنوات)، رحمة (12 سنة)، وأخيرًا فرحة (14 سنة)، التي توفيت بعد أكثر من عشرة أيام من إخوتها، وسط محاولات مستميتة من الطاقم الطبي بمستشفى الإيمان بأسيوط لإنقاذها، دون جدوى.
وقد صُدم الأهالي بالموت المتتابع للأطفال، الذين لم يكونوا يعانون من أمراض مزمنة، وكانوا يلعبون صباحًا كما أكد شهود من الجيران، قبل أن يسقطوا واحدًا تلو الآخر، ما أثار الشكوك حول احتمال تعرضهم لتسمم غذائي أو تسمم بيئي أو حتى شبهة جنائية.
وزارة الصحة تنفي وجود وباء
وفي محاولة لتطمين الرأي العام، أصدرت وزارة الصحة بيانًا رسميًا أكدت فيه أنها أجرت تحقيقًا ميدانيًا ومعمليًا موسعًا شمل مراجعة السجلات الصحية وتحليل بيانات الترصد الوبائي، وأكدت أن "لا توجد زيادة في معدلات الإصابة بالأمراض المعدية في المنطقة، ولا توجد مؤشرات على انتشار عدوى أو وباء في دلجا".
لكن البيان لم يقنع الكثيرين، خاصة في ظل غياب تفسير علمي واضح لحالة الوفاة الجماعية المفاجئة لأطفال في عمر الزهور، وهو ما أبقى الباب مفتوحًا أمام كل الاحتمالات.
دلجا تحت وقع الصدمة
تحولت شوارع القرية إلى ما يشبه مأتماً مفتوحًا، بعدما ودّعت الأسرة أطفالها الستة في جنازات مأساوية متتالية، حضرها المئات من سكان القرية والمناطق المجاورة. وقال “أبو علي”، أحد جيران العائلة:
"ما حصل لا يوصف.. أولاد زي الورد، محبوبين من كل الناس، كانوا بيلعبوا الصبح، وفجأة وقعوا واحد ورا التاني. الدنيا اتقلبت، والناس مش فاهمة حاجة لحد دلوقتي. ولا في إجابات، ولا في مسؤول طالع يقول الحقيقة".
مطالبات بالشفافية والمحاسبة
في ظل الصدمة، تصاعدت الأصوات الشعبية والإعلامية المطالبة بـتحقيق فوري وشفاف في الواقعة، ومحاسبة أي مسؤول عن إهمال طبي أو إداري قد يكون ساهم في الكارثة.
وطالبت عائلات الضحايا وأبناء القرية بـإعلان نتائج التحاليل والتشريحات فور صدورها، وعدم الاكتفاء ببيانات إنكارية عامة من الجهات الرسمية، في قضية تمس الأمن الصحي والاجتماعي بشكل بالغ الخطورة.