كتب حبيب قشطة أن فرحته مع زوجته نور لم تكتمل حين أخبرهما الطبيب أن الجنين الذي انتظراه قد فارق الحياة داخل رحمها بسبب سوء التغذية. قشطة، البالغ 27 عاماً، قال إن زوجته حملت أربعة أشهر وسط القصف الإسرائيلي العنيف، لكنها لم تحصل إلا على طعام فقير مثل الفول المعلب والزعتر، حتى أخبرهما الطبيب لاحقاً أن قلب الجنين توقف نتيجة نقص العناصر الغذائية.

أوضح تقرير ميدل إيست آي أن هذه الحادثة ليست فردية، إذ سجّلت وزارة الصحة الفلسطينية في النصف الأول من 2025 ما لا يقل عن 2500 حالة إجهاض ووفاة لحديثي الولادة. في مستشفى ناصر بخان يونس، أبلغ الأطباء عن تضاعف حالات الإجهاض في يناير وفبراير مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023. ويرى المختصون أن سوء التغذية ونقص الفيتامينات وانهيار الخدمات الطبية المستمرة تحت الحصار والتشريد والقصف الدائم تقف وراء هذه المآسي.

تقرير الوزارة أشار أيضاً إلى وفاة 361 شخصاً بسبب الجوع، بينهم 139 طفلاً. الفئات الأضعف، مثل النساء الحوامل والمرضى والأطفال وكبار السن، تعاني أكثر من غيرها.

في خيمة مهترئة غرب خان يونس يعيش سليم عصفور، الرجل الثمانيني الذي فقد 35 كيلوجراماً من وزنه ولم يعد قادراً على الوقوف. يقول: "جسدي ينهار ببطء، لم أتخيل أن أختم حياتي هكذا. كنت نشيطاً وخالياً من الأمراض، أما الآن فأعاني ضعفاً شديداً في بصري وارتفاعاً دائماً في ضغط الدم بسبب الاعتماد على المعلبات".

رغم إدخال بعض المساعدات والسلع عبر المعابر مؤخراً، لم يستعد عصفور عافيته، إذ بقيت البروتينات كاللحوم والدواجن والبيض غائبة عن مائدته. يوضح أن السلع القليلة المتاحة أسعارها مرتفعة ولا تكفي الجميع، مضيفاً: "أحياناً قضيت خمسة أيام متتالية بلا خبز، أعيش فقط على شوربة عدس خفيفة بالماء".

يشير التقرير إلى أن القرار الإسرائيلي باعتبار غزة مدينة قتال وإيقاف فترات التوقف المخصصة لإدخال المساعدات عمّق الأزمة. ومع أن بعض السكان يستطيعون التوجه جنوباً نحو نقاط التوزيع المدعومة أمريكياً، فإن عصفور أكد عجزه عن السير أو التدافع وسط آلاف الجوعى تحت الرصاص. قال: "أنا رجل مسن، لا أستطيع الركض ولا حمل الطعام، وحتى إن وصلت فلن أجد قوتاً كافياً. لذلك نوفر ما نحصل عليه للأطفال، بينما نكتفي نحن بالكاد بفتات".

إلى جانب ذلك، تدهورت أوضاع المستشفيات في غزة بفعل القصف ونقص الإمدادات، ما أجبر نساء حوامل على مراجعة نقاط طبية بدائية بدلاً من المستشفيات. الأطباء هناك يؤكدون أن غياب الغذاء الأساسي والظروف الصحية اللائقة يضاعف معدلات الإجهاض والوفاة بين الأجنة والأمهات.

يعكس صوت عصفور حال آلاف العائلات، إذ يقول: "الجوع أنهكنا جميعاً. إن لم يقتلني القصف، سأموت من الجوع أو من الحزن على ما آل إليه حالنا". هذه الشهادات تسلط الضوء على حرب التجويع التي تنفذها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة، حيث يواصل المدنيون مواجهة خطر الموت البطيء وسط حصار خانق وانهيار تام لمقومات الحياة.
https://www.middleeasteye.net/news/no-heartbeat-gazas-pregnant-and-elderly-bear-brunt-israels-starvation