في ظل استمرار الحرب المدمرة على قطاع غزة، تتصاعد المبادرات الشعبية والحقوقية الدولية لمحاولة كسر الحصار البحري المفروض منذ أكثر من 18 عامًا، في وقت تواصل فيه سلطات الاحتلال الصهيوني ارتكاب مجازر إبادة جماعية بحق المدنيين.
آخر هذه المبادرات تمثل في “أسطول الصمود العالمي”، الذي يضم ناشطين من 44 دولة، والذي أعلن رفضه لتهديدات وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير ضد السفن المشاركة في رحلته الإنسانية، مؤكدًا عزمه على المضي قدمًا لإيصال المساعدات العاجلة إلى القطاع المحاصر.
رد الأسطول على التهديدات
أدان “أسطول الصمود” تصريحات بن غفير، التي وصف فيها المشاركين زورًا بالإرهاب، معتبرًا أنها تمثل "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي واتفاقيات جنيف"، ومحاولة مكشوفة لترهيب المتطوعين.
وأكد في بيان رسمي أن "لا الترهيب ولا حملات التشويه قادرة على إسكات المطالب العالمية بالعدالة والكرامة"، مشددًا على أن الهدف من الرحلة ليس سياسيًا بل إنساني بحت، وهو إيصال الغذاء والدواء والماء إلى شعب يواجه المجاعة والقتل والدمار.
أبعاد إنسانية وقانونية
شدد البيان على أن غزة تملك حقها القانوني في استقبال السفن والبضائع عبر ساحلها، لكن الحصار البحري والبري والجوي المفروض منذ عام 2007 يحرم الفلسطينيين من هذا الحق، ما أدى إلى تفاقم الكارثة الإنسانية.
التحالف، الذي يضم أطباء وصحفيين وبرلمانيين وحقوقيين، اعتبر أن هذه المبادرة تمثل واجبًا أخلاقيًا وقانونيًا أمام الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين في غزة، مطالبًا المجتمع الدولي بتوفير الحماية اللازمة للأسطول وضمان وصوله الآمن.
الخطة الصهيونية لمنع الأسطول
في المقابل، طرح وزير الأمن القومي الصهيوني خطة تتضمن احتجاز المشاركين في سجني "كتسيعوت" و"دامون" المعروفين بظروفهما القاسية، في محاولة لمنع الأسطول من بلوغ هدفه.
وتأتي هذه الخطوة في سياق سياسة صهيونية مستمرة منذ 7 أكتوبر 2023، شملت القتل والتجويع والتدمير والتهجير، رغم قرارات محكمة العدل الدولية بوقف الإبادة، حيث تجاوز عدد الضحايا الفلسطينيين 225 ألفًا بين شهيد وجريح، إضافة إلى آلاف المفقودين والنازحين، ومأساة مجاعة طالت الأطفال خصوصًا.
تحرك دولي متجدد
كان الأسطول قد انطلق من ميناء برشلونة الأحد الماضي، لكنه اضطر للعودة بسبب سوء الأحوال الجوية، قبل أن يستأنف رحلته مجددًا مساء الإثنين. ومن المقرر أن يصل إلى تونس للانضمام إلى سفن إضافية، قبل أن يتجه مباشرة إلى غزة.
ويتكون "أسطول الصمود العالمي" من عدة منظمات، أبرزها: اتحاد أسطول الحرية، حركة غزة العالمية، قافلة الصمود، ومنظمة "صمود نوسانتارا" الماليزية، ويضم آلاف المتطوعين الذين يوحدهم هدف كسر الحصار وكشف الوجه الحقيقي للاحتلال أمام العالم.
رسالة إلى العالم
وبين تهديدات الاحتلال وإصرار المتضامنين، يظل "أسطول الصمود العالمي" رمزًا لمقاومة الحصار، وصوتًا مدويًا ضد الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون.
ورغم أن الاحتلال الصهيوني يحاول تجريم التضامن ووصم النشطاء بالإرهاب، فإن مشهد آلاف المتطوعين من مختلف القارات يؤكد أن قضية غزة لم تعد مجرد ملف إقليمي، بل قضية إنسانية عالمية.
الأسطول اليوم لا يحمل فقط دواء وغذاء، بل يحمل أيضًا رسالة إلى العالم: أن الصمت على الجريمة جريمة، وأن الكرامة لا تُحاصر.