في شهادة صادمة حصلت عليها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان من أحد المعتقلين السابقين، تتكشف صورة قاتمة عن طبيعة الانتهاكات التي تُمارَس داخل مقرات الأمن الوطني.

المعتقل، الذي مر بتجربة الاختفاء القسري، يروي تفاصيل مرعبة عن تعذيبه قائلاً: "ما عندناش عورة إلا العين"، وهي العبارة التي كان يرددها ضباط الأمن الوطني أثناء تعصيب أعين الضحايا، في محاولة لإخفاء وجوههم عن المعتقلين الذين يتعرضون لصنوف من التنكيل.

عبارة تختزل مزيجًا من الخوف والتخفي، وتفضح الممارسات التي تحوّل مقار الأمن إلى أماكن للرعب الممنهج.
 

تفاصيل الشهادة
يروي المعتقل أنه خلال فترة اختفائه القسري جرى تقييد يديه من الخلف وتعليقه كالذبيحة، بينما بقيت عيناه معصوبتين طوال الوقت.
وخلال تلك الفترة تعرّض لأشكال متعددة من التعذيب الجسدي والنفسي، شملت:

  • الضرب المبرح المتكرر.
  • التعليق لفترات طويلة في أوضاع مؤلمة ومهينة.
  • الصعق بالكهرباء في مناطق حساسة من الجسد.
  • تهديدات بالاعتداء الجنسي والإيذاء النفسي المستمر.

الهدف من تلك الانتهاكات كان واضحًا: انتزاع اعترافات قسرية تحت وطأة الألم والخوف، وهو ما يُجرّمه الدستور نفسه فضلًا عن القوانين الدولية.
 

شهادات متكررة وانتهاكات ممنهجة
هذه الشهادة ليست الأولى من نوعها؛ فالشبكة المصرية وثّقت مئات الشهادات المشابهة لمعتقلين ومختفين قسريًا خلال السنوات الماضية.
جميعها أكدت على وجود نمط متكرر ومنهجي من الانتهاكات التي تشمل تقييد الأيدي، التعليق المؤلم، تغطية الأعين، الضرب المبرح، والصعق بالكهرباء.

الأمر يكشف أن ما يحدث ليس مجرد ممارسات فردية أو تجاوزات معزولة، بل سياسة ممنهجة داخل الأجهزة الأمنية تهدف إلى ترسيخ الخوف وانتزاع اعترافات غير قانونية.
 

أماكن احتجاز سرية خارج القانون
الانتهاكات لا تقتصر على المقرات الرسمية للأمن الوطني فقط، بل تمتد إلى أماكن احتجاز سرية وغير خاضعة لأي رقابة قضائية أو قانونية، ومن أبرز تلك المواقع:

  • معسكر الجلاء بالإسماعيلية.
  • سجن العازولي العسكري.
  • مقار تابعة لجهاز المخابرات.
  • مواقع احتجاز غير معلنة يُنقل إليها المعتقلون بعيدًا عن أعين القضاء والمحامين.
     

التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم
وفقًا للدستور، يُحظر التعذيب بشكل مطلق، ولا يُعتد بأي اعتراف يُنتزع بالإكراه، كما أن الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، التي تُلزم مصر بالالتزام ببنودها، تؤكد أن التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم.
القانون الدولي كذلك يضعها في خانة "الجرائم ضد الإنسانية"، ما يستوجب المساءلة الفردية لكل من أمر أو شارك أو تستر على هذه الانتهاكات.