بينما أعلنت سلطات الانقلاب نتائج انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة وسط أجواء وصفتها بأنها "هادئة ومنظمة"، لم يشعر قطاع واسع من المواطنين أصلًا بوجود انتخابات من هذا النوع.
فالمشهد مرّ على أغلب المصريين دون أن يترك أثرًا أو حتى خبرًا متداولًا، ما أثار سخرية حادة عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تساءل كثيرون عمّا إذا كانت الانتخابات قد جرت بالفعل، في ظل ضعف المشاركة وغياب التغطية الإعلامية المؤثرة.
هذه السخرية لم تقتصر على النكات العابرة، بل تحولت إلى نقد جوهري يعكس فقدان الثقة في جدوى العملية الانتخابية التي يصفها معارضون بأنها "مجرد مسرحية سياسية" تهدف لإضفاء شرعية شكلية دون مضمون حقيقي.
 

سخرية المواطنين: "هو كان فيه انتخابات؟"
جاءت التعليقات الشعبية على إعلان النتيجة مليئة بالتهكم.

فقالت أفكار موسى: "سبحان الله... هو فيه انتخابات وإعادة كمان كل شيء جايز"

 

وأشار سيف فضل ساخرًا: "ده كان فيه انتخابات مجلس شيوخ وخلصت وتم إعلان النتيجة وكمان اتعمل إعادة وخلصت... ما شاء الله دي كانت انتخابات سرية!!"


أما صابر فتساءل بدهشة: "انتخابات إيه!!! هو كان فيه انتخابات!!!!!"


بينما تهكم رضا بقوله: "وهو أصلًا كان في انتخابات...؟؟!!"

هذه العبارات تعكس حالة من اللا مبالاة والاغتراب السياسي، حيث يشعر المواطن العادي أن ما يُدار باسم الانتخابات لا علاقة له بالواقع ولا يلامس اهتماماته أو مشاركته.
 

غياب الشفافية: "انتخابات سرية ومفاجآت"
توالت التعليقات التي تكشف عن استهجان عام لفكرة أن الانتخابات جرت وانتهت دون أن يلحظها الجمهور.

فقالت سارة محمد: "إيه ده هو كان في انتخابات والله إمتى وفين في بلدنا ولا بلد تاني؟"

 

وأضاف مازن متعجبًا: "هو كان فيه جولة إعادة؟ ليه ما بيقولولناش ويعملوها مفاجأة؟"

هذه التعليقات تسلط الضوء على انعدام الشفافية الإعلامية وضعف التغطية، ما جعل العملية برمتها تمر كأنها سرية أو مقتصرة على دائرة ضيقة.
 

انتخابات أم "مسرحية مكلفة"؟
العديد من التعليقات ذهبت أبعد من السخرية إلى التشكيك في جوهر الانتخابات.

كتب حمزة: "عامة هي كانت مسرحية أدفع تلاتين مليون وأنت تنجح"


وقالت عزة "لم تسرق إرادة شعب فعلم انك في وادي والشعب في وادي تاني".

بينما كتب محمد برعي بنبرة غاضبة: "يا جدع بالذمة انت مصدق إن كان فيه انتخابات:: مش عيب عليك تكون راجل كدا ولابس البدلة وتكذب!!!! الكذب يؤدي إلى الفجور والفجور يؤدي والعياذ بالله إلى النار"


هذا الخطاب يكشف عن رؤية راسخة لدى معارضين كثر بأن الانتخابات ما هي إلا واجهة شكلية تخلو من المنافسة الحقيقية، وتدار بمنطق شراء المقاعد أو ترتيبات مسبقة بين السلطة وحلفائها.
 

أصوات المعارضة: تشكيك في الجدوى
لم تقتصر ردود الفعل على المواطنين العاديين، بل امتدت إلى أصوات معارضة بارزة.

الكاتب علاء الأسواني اعتبر أن "انتخابات بلا مشاركة شعبية هي استهزاء بإرادة المصريين".

أما المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي فقال إن "المجالس التي تُشكَّل بهذه الطريقة مجرد ديكور لنظام فردي يهيمن على كل السلطات".

من جانبه وصف السياسي محمد البرادعي العملية بأنها "محاكاة هزلية للديمقراطية"، في حين شدد الحقوقي نجاد البرعي على أن "إعادة إنتاج هذه الأشكال الانتخابية يقضي على أي أمل في انتقال ديمقراطي".

هذه المواقف تكشف بوضوح أن أزمة الشرعية لا تقتصر على الجمهور العادي، بل تشمل نخبة من المثقفين والمعارضين الذين يرون أن العملية الانتخابية في شكلها الحالي مجرد أداة لتزيين المشهد السياسي دون تأثير فعلي.
 

سخرية لاذعة: "فين فقرة الرقص؟"
ولم تخلو التعليقات من السخرية اللاذعة التي تكشف عن انفصال كامل بين المواطن والعملية الانتخابية.

قال أحمد متهكمًا: "ما إنتوا اللي غلطانين، ماهو لو كان فيه فقرة رقص قدام اللجان كنا حسينا إن فيه انتخابات"

 

وقال أمين "انتم صدقم نفسكم أن كان فيه انتخابات قول يا باسط".


إعلان نتائج انتخابات مجلس الشيوخ تحول إلى مادة للجدل والسخرية أكثر من كونه حدثًا سياسيًا مؤثرًا.
فبين مواطنين لم يشعروا بوجود الانتخابات أصلًا، ومعارضين بارزين يشككون في جدواها ومصداقيتها، تبرز أزمة عميقة في العلاقة بين الشعب وصناديق الاقتراع.

في ظل هذه المعطيات، يظل السؤال معلقًا: هل يمكن للانتخابات في مصر أن تستعيد يومًا معناها الحقيقي كأداة للتعبير الشعبي، أم ستظل مجرد واجهة شكلية تفتقد للشرعية والثقة؟