كتب جنيد أحمد أن شعار "ماذا سيفعل محمد؟" الذي ردده المسلمون الليبراليون في الغرب بعد أحداث 11 سبتمبر صار يومًا ما بمثابة درع يواجهون به الشبهات والاتهامات. في ذلك الوقت، حرص قادة المسلمين على تقديم النبي صلى الله عليه وسلم بصفته رمزًا للصبر والتسامح والغفران، وأخفوا صورته كقائد ينظم الجيوش ويواجه العدوان. صار السؤال يُكرر في خطب الجمعة وحوارات الأديان، كأن النبي أقرب إلى قديس مسالم أو مدرب روحاني لا إلى رجل دولة.
يشير التقرير المنشور في ميدل إيست مونيتور إلى أن هذا الخطاب المسالم لم يأتِ صدفة، بل كان نتاج ضغط سياسي واجتماعي فرض على المسلمين في الغرب أن يبرهنوا ولاءهم ويجملوا صورة الإسلام. جرى التركيز على الجهاد الداخلي "جهاد النفس" وتجاهل الحديث عن الدفاع أو المقاومة. بذلك تحوّل السؤال "ماذا سيفعل محمد؟" إلى شعار مطمئن يرفع في المؤتمرات والملصقات.
لكن مع اشتداد العدوان على غزة اليوم، حيث تتساقط القنابل على المستشفيات والمدارس ويُحاصر السكان بلا ماء ولا دواء، صمتت الأصوات التي طالما رددت ذلك السؤال. لم يعد يظهر في خطب أو ندوات، وكأن ترديده صار خطرًا. والسبب – كما يرى الكاتب – أن الإجابة معروفة وواضحة: النبي محمد لم يوصِ بالصمت أمام الإبادة، بل دعا إلى الدفاع المنظم واعتبر مقاومة الظلم واجبًا. القرآن يقول: "وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان" (النساء: 75).
يوضح الكاتب أن التقليد الإسلامي السائد يقر بأن الجهاد الدفاعي فريضة عند تعرّض الأمة للتهديد بالفناء. لذلك لو وُجه السؤال بصدق: "ماذا سيفعل محمد في غزة؟"، لكانت الإجابة أنه سيحشد القوى للدفاع عن المستضعفين ولن يكتفي بالدعاء أو النشاط الافتراضي. ولهذا السبب يتجنب كثير من المسلمين الليبراليين طرح السؤال الآن، لأنه يهدم سرديتهم السابقة التي صاغوها لعقود.
ويصف المقال المأزق الذي يواجه هؤلاء: بعد أن أنفقوا عشرين عامًا في تقديم الإسلام على أنه روحانية مسالمة فقط، صار الاعتراف بحق الدفاع عن المظلومين يهدد صورتهم أمام الغرب ويضعهم في خانة "المسلمين السيئين". لذلك يلجأون إلى صيغ عامة عن السلام أو إدانة "العنف من الطرفين"، ويتجنبون التطرق إلى حقيقة الموقف النبوي.
ويبرز الكاتب المفارقة في مواقفهم: عند نشر الرسوم المسيئة في أوروبا، استشهدوا بقدرة النبي على الصبر والعفو، وأكدوا أنه لم يرد على الإساءات بالعنف. لكن حين يتعلق الأمر بمجازر الإبادة، يتوارى ذكر النبي كليًا. يتحول الصمت هنا إلى شكل من أشكال التواطؤ، وإلى خضوع لهيمنة الخطاب الغربي الذي يريد إفراغ الإسلام من بعده السياسي والعدلي.
ويعتبر المقال أن السؤال الحقيقي اليوم ليس "ماذا سيفعل محمد؟"، بل "لماذا يخاف الليبراليون المسلمون من طرحه؟". السبب – بحسب الكاتب – أن الإجابة ستفضح حقيقة أن النبي كان رحيمًا نعم، لكنه أيضًا كان حازمًا حين اقتضت العدالة ذلك. ولأن هذه الصورة لا تناسب موائد الحوار بين الأديان أو تطمئن أجهزة الأمن، جرى حجبها.
يخلص الكاتب إلى أن استدعاء صورة النبي بعد 11 سبتمبر كان في جوهره سياسيًا لا دينيًا، يهدف إلى البقاء وكسب القبول. أما في زمن غزة، فإن طرح السؤال ذاته قد يفضي إلى كشف حقيقة غير مريحة: أن الإسلام لا يكتفي بالدعوة إلى الصبر، بل يوجب مقاومة الظلم. لذلك اختار كثير من الليبراليين الصمت، وهو صمت قد يُسجّل في التاريخ كأعلى أصواتهم.
https://www.middleeastmonitor.com/20250903-what-would-muhammad-do-the-taboo-question-in-the-time-of-gaza/