كتبت إلهام العقبي، الكاتبة والصحفية والناشطة الحقوقية اليمنية، أنّ سؤال ابنتها الكبرى عام 2019 أثناء قصف التحالف السعودي المدعوم غربيًا – "ماما، لماذا يقصفوننا؟" – ما زال يتردد في ذهنها كجرح مفتوح. وأشارت إلى أنّها منذ بدء الحملة العسكرية في مارس 2015 أخذت ترصد الطرق العديدة التي تسلب الحرب معنى الطفولة في اليمن: كيف ينتزع الموت الآباء من أبنائهم، وكيف يغتصب الجوع براءة الصغار، وكيف يجعلهم الحصار يكبرون قبل أوانهم.
تذكر الجارديان أنّ صور الشبان الذين عبروا من الطفولة إلى الجندية ثم إلى القبور تملأ شوارع صنعاء. وتروي الكاتبة أنّ كل مرة تمرّ بجوار تلك الصور الموشّحة بكلمة "شهيد" تفكر في عدد الأطفال الذين سيتركون ألعابهم ليُزَجّ بهم في ساحات القتال. أما الذين لم يُجبروا على حمل السلاح، فيواجهون حربًا أخرى: الجوع الذي ينحف وجوههم، ويغور عيونهم، ويتركهم بلا قدرة على البكاء.
وتوضح العقبي أنّ الأمهات في غزة يشتركن مع أمهات اليمن في ذات الخسارة؛ إذ لم يخسرن أبناءهن فقط تحت القصف الإسرائيلي، بل أيضًا حين عجزوا عن الحصول على دواء أو رغيف خبز أو عدالة غائبة. الحرب – تقول – لا تقتل بالأجساد وحدها، بل تسلب الأرواح والأحلام، وتحوّل البقاء نفسه إلى عذاب يشبه الموت.
وتؤكد الكاتبة أنّ البقاء على قيد الحياة لا يعني النجاة، فالناجون يعيشون في ظل معاناة مستمرة: من فقد الدواء والغذاء، ومن العيش المدفون تحت ركام الضغوط المجتمعية والإقليمية والدولية. وتضيف أنّ القوى العالمية تعرف تمامًا ما يحدث في اليمن وغزة، لكنها متورطة في الدماء عبر بيع السلاح وتمويل الحصار.
وترى أنّ صمت المجتمع الدولي ليس إلا انعكاسًا لربحهم من مآسي المدنيين، وأنهم يكممون أفواه شعوبهم حتى لا يسمعوا شكاوى أو صرخات الألم. وفي مواجهة سؤال ابنتها عن سبب القصف، ردّت العقبي بأنّ العالم يعتبرهم ضعفاء يسهل التهامهم، ثم حاولت أن تمنحها بعض الأمل بحديث عن الصمود وإعادة بناء الوطن عبر التعليم. لكن هذا الأمل بدا هشًا أمام التعب النفسي والإنهاك الذي تشعر به الأمهات في الحروب.
وتقول الكاتبة، إنّ المدنيين لا يجب أن يلوموا أنفسهم، فالمسؤولية تقع على تجار الأسلحة ومن يشترونها. وتؤكد أنّنا نعيش زمنًا يفتك فيه الأقوياء بأرواح الأطفال، ويمزقون قلوب الأمهات، ويتركون العالم ينهار على رؤوس الضعفاء. وترى أنّ السلام الحقيقي لن يتحقق إلا حين يُعترف بالبشر المستضعفين كأناس كاملين لا كأهداف لمصالح القوى الكبرى وجشعها.
وتختم العقبي بقولها إنّ الحرب في اليمن وغزة كشفت قسوة النظام الدولي وازدواجية معاييره، وأنّ إنقاذ الطفولة يبدأ بالاعتراف بإنسانية الضحايا، لا بالتعامل معهم كأرقام أو خسائر جانبية في صفقات السلاح والسياسة.
https://www.theguardian.com/global-development/2025/sep/03/in-yemen-as-in-gaza-bombs-starvation-are-stealing-the-lives-of-our-children