اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس السبت 26 يوليو 2025، السفينة الإغاثية "حنظلة" في المياه الدولية، واختطف 21 ناشطًا دوليًا كانوا على متنها خلال محاولتهم كسر الحصار القاتل المفروض على قطاع غزة.
العملية التي جرت على بُعد نحو 40 ميلاً بحريًا من سواحل غزة، وثقها بث مباشر لعدة دقائق، أظهر جنود الاحتلال يصعدون بأسلحتهم إلى متن السفينة، ويأمرون النشطاء برفع أيديهم، قبل أن ينقطع البث فجأة، لتبدأ بعدها مرحلة من الغموض والقلق حول مصير المتضامنين.
سفينة "حنظلة".. أيقونة الأمل تحت قبضة الاحتلال
السفينة "حنظلة"، التي سُمّيت تيمنًا بالطفل الكاريكاتيري الذي ابتكره الفنان الفلسطيني الشهيد ناجي العلي، كانت تبحر ضمن "أسطول الحرية" محمّلة بمساعدات إنسانية منقذة للحياة، من بينها حليب أطفال، حفاضات، أدوية، وطعام، موجهة إلى سكان غزة الذين يرزحون تحت وطأة مجاعة وانهيار صحي غير مسبوق.
انطلقت "حنظلة" من ميناء سيراكوزا الإيطالي في 13 يوليو، وتوقفت في غاليبولي لتجاوز بعض الأعطال التقنية، قبل أن تواصل الإبحار في 20 يوليو صوب غزة، وسط مراقبة بحرية وجوية إسرائيلية مكثفة.
الاقتحام.. "قرصنة بحرية" باعتراف القانون الدولي
بحسب اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، فإن عملية الاقتحام جرت في المياه الدولية، ما يجعلها "جريمة قرصنة بحرية مكتملة الأركان وانتهاكًا سافرًا للقانون الدولي". وتابعت اللجنة: "إسرائيل لا تمتلك أي شرعية قانونية لاحتجاز السفينة أو ركابها في عرض البحر، فهم مدنيون دوليون غير مسلحين".
ائتلاف "أسطول الحرية" أكّد في بيان رسمي أن الاتصال بالسفينة فُقد تمامًا في الساعة 11:43 صباحًا بتوقيت فلسطين، بعد أن قطعت قوات الاحتلال البث وكاميرات المراقبة ووسائل الاتصال، وصعدت عنوة على متن السفينة واستولت على حمولتها الإنسانية.
الإضراب عن الطعام.. احتجاج ناعم في وجه السلاح
ردًا على عملية الاختطاف، أعلن المتضامنون على متن السفينة دخولهم في إضراب مفتوح عن الطعام، مؤكدين أنهم لن يتناولوا أي طعام تقدمه سلطات الاحتلال.
وقال أحد النشطاء في فيديو تم تسجيله مسبقًا: "إذا كنت تشاهد هذا الفيديو، فاعلم أننا اختُطفنا في عرض البحر. نحن نُحرم من حقنا في الإغاثة والاحتجاج السلمي، بينما يُرتكب بحق الفلسطينيين في غزة جريمة إبادة جماعية".
من هم ركّاب "حنظلة"؟
على متن "حنظلة" 21 ناشطًا من 12 دولة، من بينهم:
من الولايات المتحدة: هويدا عراف (محامية)، كريستيان سمولز (مؤسس نقابة عمال أمازون)، جاكوب بيرجر (ناشط يهودي)، بوب سوبيري (محارب قديم يهودي).
من فرنسا: إيما فورو (نائبة في البرلمان الأوروبي)، جابرييل كاتلا (ناشطة إنسانية).
من إيطاليا: أنطونيو ماتزيو (صحفي)، أنطونيو لا بيتشيريللا (منظم بيئي).
من أستراليا: تانيا صافي (صحفية لبنانية الأصل)، روبرت مارتن (ناشط حقوقي).
من تونس: حاتم العويني (نقابي وحقوقي).
من النرويج: فيجديس بيورفاند (ناشطة سبعينية).
ومن فلسطين: محمد البقالي ووعد الموسى (صحفيان في الجزيرة).
ردود الفعل الدولية والمحلية
المكتب الإعلامي في غزة أدان بشدة العملية ووصفها بـ"جريمة قرصنة وانتهاك صريح للقانون الدولي"، محمّلًا الاحتلال كامل المسؤولية عن حياة النشطاء، وطالب المجتمع الدولي بتأمين الحماية للقوافل الإنسانية.
حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حيّت شجاعة النشطاء، واعتبرت اعتراض السفينة "تحديًا سافرًا للإرادة الإنسانية، وجريمة إرهاب وقرصنة"، مطالبة باستمرار تسيير القوافل البحرية حتى كسر الحصار المفروض على غزة منذ 18 عامًا.
السياق الزمني.. تواتر الاستهداف الإسرائيلي
تُعد عملية اعتراض "حنظلة" الثالثة خلال شهرين فقط ضمن هجمات الاحتلال على "أسطول الحرية":
في يونيو الماضي، اعترضت البحرية الإسرائيلية سفينة "مادلين" واعتقلت 12 ناشطًا، ثم رحّلتهم لاحقًا.
في مايو، هاجمت مسيّرات إسرائيلية سفينة "الضمير" قرب مالطا.
والآن في يوليو، تُختطف "حنظلة" من المياه الدولية.
كل هذه الهجمات، وفقًا للائتلاف، تمّت في ظل صمت دولي، ما شجّع الاحتلال على التمادي في سياسة القرصنة وفرض الحصار بالقوة المسلحة.
تواطؤ إقليمي؟ غياب الرد المصري
السفينة "حنظلة" كانت قد غيّرت مسارها نحو السواحل المصرية، وطلبت عبر قنوات رسمية إذنًا طارئًا بدخول المياه الإقليمية المصرية لحماية أرواح الركاب، لكنها لم تتلقّ أي رد من السلطات المصرية، فعادت إلى مسارها الأصلي نحو غزة، لتواجه الهجوم الإسرائيلي.
الفيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=A4hF5rA-v-Q
https://x.com/arab48website/status/1949210756421144986
https://x.com/paldf/status/1949210485309554791
https://www.youtube.com/watch?v=jgVluaq7eQg