خرج المئات من عمال شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالإسكندرية، في وقفات احتجاجية متزامنة شهدتها عدة مواقع تشغيلية وإدارية تابعة للشركة، وذلك للمطالبة بضم العلاوات المتأخرة التي لم تُصرف منذ العام 2016، رغم قرارات حكومية بإقرارها.
الاحتجاجات التي توزعت على محطات مأخذ الكيلو 40، ومريوط 1 و2، والسيوف، وشرقي، والمعمورة، والعامرية، بالإضافة إلى عدد من فروع خدمة العملاء، جرت في وقت واحد وبصورة سلمية، من دون التأثير على سير العمل، كما أكد اثنان من العمال المشاركين.
رواتب لا تسد رمق العيش
بحسب المشاركين، فإن مطلبهم الأساسي هو ضم العلاوات التي أقرتها الحكومة منذ 2016 وحتى 2020، مؤكدين أن تدهور أوضاعهم المعيشية وصل إلى حد العجز عن تلبية الضروريات الأساسية، كالإيجار والطعام والتعليم، حيث لا يتجاوز متوسط الرواتب 4500 جنيه، بينما الحد الأدنى للأجور المعلن من الحكومة يبلغ 7000 جنيه شهريًا.
يقول أحد العاملين، الذي تجاوزت خدمته 15 عامًا:
“مرتبنا قبل الاستقطاعات أقل من 5000 جنيه، وبعدها يطلع كام؟! ده حتى مش بيكفينا نعيش عيش حاف. الحكومة بتقول إن الشركة قطاع عام، بس إحنا مش شايفين من ده غير الاسم.. لا تأمين حقيقي، ولا أجور آدمية”.
ويضيف: “كل سنة يقولولنا العلاوات جاية، والعلاوات جاية، ومفيش حاجة بتيجي. تعبنا من الوعود، والناس بقت مش قادرة تصبر”.
العدالة عبر القضاء فقط!
العامل الثاني أوضح أن نحو 300 من زملائه لجأوا إلى القضاء وحصلوا بالفعل على أحكام نهائية بضم العلاوات الخمس، وتم تنفيذها خلال الأسبوع الماضي، ما رفع رواتبهم بشكل ملحوظ، في حين لا يزال الباقون محرومين منها.
“يعني اللي رفع قضية خد حقه، والباقي لأ! هو أنا علشان آخد حقي كعامل في شركة حكومية لازم أعمل قضية وأستنى سنين في المحاكم؟! طيب ليه الحكومة ما بتطبّقش العلاوات على الكل من غير تفرقة؟ مين اللي أقر العلاوات؟ مش الحكومة؟!”.
ويشير العامل إلى تناقض في موقف إدارة الشركة، قائلاً إن الإدارة في السابق كانت تطالبهم بعدم اللجوء إلى القضاء، وتعدهم بضم العلاوات تلقائيًا، لكنها ما لبثت أن تراجعت وقالت لهم حرفيًا: “اللي عايز حقه يروح المحكمة”.
تحركات مشابهة في القليوبية.. أزمة عامة
الأزمة الحالية لا تبدو حكرًا على الإسكندرية، فقد شهدت شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالقليوبية، في 11 مارس الماضي، احتجاجات مشابهة من محصلي الفواتير وقارئي العدادات بنظام العمولة، في أفرع القناطر الخيرية والخصوص وشبرا الخيمة وبنها، حيث طالب المحتجون حينها بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وتحرير عقود عمل شاملة.
وقد أشار عمال القليوبية إلى أن دخلهم الشهري يتراوح بين 1000 و4000 جنيه فقط، بناءً على نسب تحصيل وصفوها بـ"التعجيزية"، رغم أن بعضهم يعمل بالشركة منذ أكثر من عقد من الزمن.
"العيش بكرامة".. مطلب مشترك
الاحتجاجات في الإسكندرية والقليوبية تؤشر إلى أزمة هيكلية متجذرة في شركات الخدمات العامة، حيث يواجه العاملون تدنيًا حادًا في الأجور وغيابًا لآليات العدالة في التوزيع والتطبيق الإداري، ما يضطر العديد منهم إلى اللجوء إلى القضاء، رغم أن ما يطالبون به هو في الأصل حق مُقَرّ لهم بموجب قرارات حكومية.
وفي ظل استمرار تجاهل هذه المطالب، واستمرار تآكل الأجور مقابل ارتفاع تكاليف المعيشة، تبرز تساؤلات عديدة حول مدى التزام الحكومة بتحقيق العدالة الاجتماعية، لا سيما للعاملين في القطاعات الخدمية التي تُعد شريان الحياة اليومية للمواطنين، مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي.