محمود الشاذلي*

لحظات حرجة عاشتها مصر أمس الأول حاولت فيها أن تتنفس الصعداء قبل غلق باب الترشيح للانتخابات الرئاسية.. قول واحد.. لم يعد أمر استهداف المرشحين الإسلاميين للرئاسة وآخرين ليبراليين مجرد شعور إنما هو حقيقة واقعة كشفها استبعاد حازم أبو إسماعيل ود. أيمن نور. وتواتر الأنباء باستبعاد المهندس خيرت الشاطر علي خلفية قانونية وأبو الفتوح علي خلفية الادعاء بحصوله علي جنسية قطرية. وكذا العوا لأصله السوري وذلك بعد غلق باب الترشيح. لذا أحسن الإخوان والجماعة الإسلامية صنعاً بترشيح د. محمد مرسي ود. صفوت حجازي في اللحظات القاتلة تحسباً لمؤامرة الدقائق الأخيرة.

انقلب السحر علي الساحر ونسف الإعلام دون أن يدري كل الجهود الخبيثة التي بثها في الفترة الأخيرة لتمهيد الطريق لعمر سليمان مروراً علي أشلاء الإخوان بعد استثارة الرأي العام ضدهم بالباطل ليظهر سليمان علي أنه المنقذ. كشف الإعلام بقدر الله تعالي دون أي فذلكة أبعاد المؤامرة وتفاصيلها قبل غلق باب الترشح بساعات عندما تسربت أنباء استبعاد حازم أبو إسماعيل ورطت اللجنة القضائية لتأكيده في الوقت القاتل الأمر الذي جعل الجميع ينتبه خاصة بعد أن أبدي سليمان رغبته في الترشح رغم أنه سبق له وأن رفض. ولا أتصور أبداً أن الرجل الذي قاد المخابرات المصرية لمدة 18 عاماً وكان مسئولاً عن حماية دولة بحجم مصر يكون بهذا التردد والاهتزاز وإلا نكون أمام وضع كارثي. إذن ما جري من سيناريو كان مدبراً له وبدقة وعناية ولكنها إرادة الله التي كشفت المستور.

لا يستطيع أن يقنعني أحد أن ترشيح سليمان لهذا المنصب الرفيع جاء عفوياً أو كان منفرداً. وأن اختطاف ضابط المخابرات السابق ممدوح قطب لحزب الحضارة من رئيسه عمرو حلمي تحت رعاية العسكر ورغم أنف أعضاء الحزب والتقدم للترشح جنباً إلي جنب مع أحمد شفيق رئيس وزراء المخلوع لا يكون لدعم سليمان.

لا يستطيع أن يقنعني أحد بأن الرجل الذي وصفه الخبراء بأنه رجل الاستخبارات الأمريكية في الترحيل القسري للمتهمين للتعذيب في مصر وكان نائباً للمخلوع لا يكون مسئولا عن المذابح والقتل والسحل للثوار. أو استبعاده عما شهدته البلاد من انفلات أمني وتزكية الاعتصامات ودعم الاحتجاجات والاعداد لطوابير العيش وافتعال أزمة السولار والبنزين وأنابيب الغاز. ووقف عجلة الانتاج والاصرار علي حكومة الجنزوري رغم فشلها حتي تتسلم حكومة الأغلبية البلاد أطلالاً فتستحيل مهمتها ويواكب ذلك تنظيم حملة شرسة ومغرضة علي البرلمان. والجمعية التأسيسية لإعداد الدستور حتي يأتي اليوم الذي يكفر فيه الناس بالثورة ويقبلون بأي طرح يخرجهم مما هم فيه حتي ولو كان عبر سليمان.

الآن.. الآن وفقط يبقي علي من سبق لهم الانتساب للإخوان أن يتقوا الله ويراجعوا أنفسهم بعد استغلال الإعلام لهم أسوأ استغلال. عليهم أن يصمتوا جميعاً ولا يكونوا شركاء في اختطاف الوطن. وهم أكبر من أن يكونوا في طابور الشتامين للإخوان الذين يريدون أن يعرفهم الناس ولو بالسوء من القول. ويدركون ان أي ثمن لا يساوي فقدان الإنسان احترامه لنفسه وذويه وقبوله أن يكون مسخاً بلا قيمة. وليصمت د. محمد حبيب طويلاً ليحافظ علي ما بقي له من قدر في نفوسنا منذ أن كنا نستمع إليه في السبعينيات بمعسكر شاطيء أبو يوسف بالإسكندرية. وليصمت معه وفوراً الهلباوي. والخرباوي. والمليجي. ونوح. وخالد داود. والشاب درَّة. والبراء حفيد الراحل الكريم أستاذنا جابر رزق.

ويبقي الأمل في قيادة الإخوان لمسيرة الوطن. ويبقي الالتفاف حول مرشحهم ودعمه خياراً وحيداً. ويبقي علي شعب مصر بمختلف أطيافه وجماعاته أن يلتفوا حولهم بعد الكشف عن الحملة المسعورة ضدهم لإبعادهم عن المشهد. ويبقي الرهان علي هذا المشهد العظيم وقدرته علي مواجهة المتآمرين علي هذا الوطن. أقول ذلك اتساقاً مع قناعاتي وما ينبع من ضميري. وواجبي الوطني الذي يتطلب توضيح الرؤية لإنقاذ الوطن قبل أن يتهاوي بعد أن خيم عليه المؤامرات. ولا أدعي شرف عضوية جماعة الإخوان المسلمين أو حزب الحرية والعدالة. إنما أدرك جيداً قدرهم. مكانتهم. ونضالهم. لأنني أفخر بأنني أحد أبناء جيل تعلم من الإخوان وعلي يديهم وأيدي أبرز رموزهم المجاهد الكبير الحاج أحمد البس رحمه الله. والمجاهد الكبير الأستاذ لاشين أبو شنب متعه الله بالصحة والعافية وغيرهم كثير من إخوان الغربية وذلك في مقتبل العمر وريعان الشباب قبل أن تجرفنا مسيرة الحياة وتتقاذفنا أمواجها صعوداً وهبوطاً وننخدع في أحزاب وأفراد حتي فقدنا نعمة النضال. وشرف التضحية ونبلها. بل وإلي الإخوان يرجع الفضل في ترشيد السلوك واستقامة النفس.

_________

مساعد رئيس التحرير بجريدة الجمهورية