21/07/2011
حازم سعيد :
اتفقنا أيها القارئ الكريم فى نهاية المقالة الماضية أن نتحدث عن الجهات التى تدعم المتآمرين على مصر وعلى الثورة ، ومن يمول أنشطتهم ؟
وقد طلبت منك قراءة مقالة الأستاذ فهمى هويدى تحت عنوان " فتش عن التمويل " والتى يفضح فيها جزءاً مما انكشف من سوأة هؤلاء المانحين والمنتفعين ، وكيف أنهم لا يخجلون من تمويل المنظمات المصرية لتنفيذ أجندات خاصة لديهم .
انكشف ذلك وبدا جلياً وأصبح من المعلوم بالضرورة بعد تصريحات السفيرة الأمريكية الجديدة بالقاهرة آن باترسون عن أن الولايات المتحدة أنفقت منذ ثورة 25 يناير 40 مليون دولار لدعم الديمقراطية فى مصر، وأن 600 منظمة مصرية تقدمت بطلبات للحصول على منح مالية أمريكية لدعم المجتمع المدنى.
جاء ذلك خلال جلسة عقدتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى نهاية الشهر الماضي لاعتماد باترسون لخلافة مارجريت سكوبى بالقاهرة ، إضافة إلى سفراء جدد لكل من قطر والإمارات والكويت وكازاخستان.
وأوضحت السفيرة أنه تم تخصيص 65 مليون دولار للمساعدات المتعلقة بدعم الديمقراطية فى مصر، وهناك 150 مليون دولار لتشجيع النمو الاقتصادى، مضيفة أن 600 منظمة مصرية تقدمت بطلبات للحصول على المنح المقدمة لمنظمات المجتمع المدنى.
هذه التصريحات ومن قبلها مقالة الأستاذ فهمي هويدى ، ومن قبلها ومن بعدها الأحاديث المتواترة بين النخبة المثقفة والتى تهتم بإنشاء أو حضور فعاليات المراكز البحثية والحقوقية عن سهولة الدعم الذى تحصل عليه المراكز الحقوقية والبحثية ومنظمات حقوق الإنسان من السفارة الأمريكية مباشرة بمجرد أن تقدم دراسة جدوى عن بحث من الأبحاث فى أى موضوع حقوقي ، ودون المرور على الحكومة المصرية ولو بنوع إخبار وبالآلاف والملايين ... كل ذلك يكشف لنا عن سوأة التمويل الخارجي والتى طالما رمونا بها وهم الجناة ، واتهمونا بمثلها وأحالونا للسجون والمعتقلات ، وهم الفاعلون ؟!
هذا الموضوع يستحق أن نقف معه مجموعة من الوقفات بالتدبر والتأمل والحذر من هؤلاء الأجانب الذين يمتلكون أجندات واضحة ، يحاولون فرضها على بلادنا قبل وبعد الثورة ، ويزداد حرصهم فى ظل الحرية التى أصبحت سمة لبلادنا بعد الثورة التى أتاحت لشعوبنا أن تتحكم بإرادتها واختياراتها ، وهو ما لن يأتى على هوى هذه الأجندات الأجنبية .
1. بداية .. أعترف أننى حين فتحت هذا الملف ما كنت أخال الأمر بهذه السهولة ، وكنت أظن أنني سوف أتعب وأجهد للتوثق من المعلومات حول التمويل وحتى لا أرمى الناس بالشبهة ، فإذا بتصريحات الوزيرة الفاضحة والتى كشفت وأكدت عن مخططات وأبعدتنا عن إساءة الظن بالناس ورميهم بالشبهات ، بل إنها وثقت ما كنا نريده ، وبمنتهى السهولة واليسر ، بل إن ما عثرت عليه من مواد مبعثرة على النت عن هذا الموضوع لهو من الكثرة التى جعلتنى أتردد فى الكتابة أصلاً حول هذا الموضوع إلا على سبيل التأكيد والترسيخ للمعلومة ، وأكتفى بالإشارة فى نهاية المقالة لبعض الروابط الكثيرة جداً التى عثرت عليها أثناء خطة المقالة .
2. الوقفة الثانية أنه لا تلام الجهات الممولة على ما تنفقه ، وذلك أن هذا سلوك الأمم الغالبة ، ولو كنا نحن الغالبين فلن نستبعد أن ننفق مثل ما أنفقوا أو أكثر للتبشير بفكرتنا أو قضيتنا ، أو الحفاظ على هامش الحرية الذي يجعل الناس يستمعون لرسالة الحق والخير التى نحملها ، ودائماً ما تنفق الأمم الغالبة لتثيبت ملكها وتوطيده ، ولكن من يلام عليه أحد صنفين : الأول فريق ارتمي تحت أرجل الغرب وركع ومنح لهم كل شئ ، ولم يبق على جسده حتى ورقة التوت التى يمكن أن تستر عورته ، وتبذل لهم ، وقدم مصالحهم على مصالح شعبه ، وضحى بكل قضية إلا الولاء والتبعية للغرب .
والصنف الثاني هو من رضي بأن يكون مع الخانعين وأن يكون من المغلوبين ، ولم يأخذ بأسباب العلم والإيمان والحضارة التى ترتقي به ليكون فى مصاف الغالبين ، وأحب أن يكون فى صفوف الكسالي والقاعدين .
3. ثالثاً : بات من المسائل المحسومة امتلاك الجهات الممولة لأجندة : الصراع العقدى وكيف أنه الأساس فى القضية كلها ، وما وعد بلفور وتسليم فلسطين لليهود على طبق من الذهب أو الفضة منا ببعيد ، وما تصريحات بوش الإبن وهو يغزو العراق منذ سنوات قليلة عن الحرب الصليبية الجديدة إلا علامة فارقة على هذا الصراع العقدي الدينى الأيديولجي بيننا وبين الغرب ، أو بيننا وبين النظم الغربية الحاكمة .
يذكرنا ذلك بقول الله عز وجل : ) إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون ، والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ) سورة الأنفال : آية 36 .
وها هم أنفقوا وينفقون ، وما وقائع البذخ فى النفقة على استفتاء التعديلات الدستورية والفضائيات التى طبلت ضدها منا ببعيد ، ثم كانت الحسرة والفشل الذريع للأجندة الغربية الممولة .
4. الغرب لن يرضى أبداً عن استقلالانا وحريتنا وقدرتنا على تصريف أمورنا ، وأن يكون قرارنا من رأسنا ، والله عز وجل حدثنا فى محكم آياته : " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " ، ومن بعده حدثتنا سنن التاريخ عن ذلك ، وعن أن محاولات الدس والتآمر لم تنقطع أبداً ، وما محاولة اليهود لقتل نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم إلا من المعلوم بالضرورة فى التاريخ ، وما مقتل سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلا مصداق ذلك ، وما حوادث الوقيعة بين معسكري أمير المؤمنين علي رضى الله عنه وكاتب وحي رسول الله سيدنا معاوية رضى الله عنه وقتل طلحة بن عبيد الله رضى الله عنه بيد متآمرين بعد أن انسحب من القتال فى أهنأ ليلة كانت كفيلة بالصلح بين المسلمين لتتحول الأمور عن الصلح إلى القتال بعد مقتله إلا تأكيد ذلك فى سلسلة طويلة من الدسائس والمؤامرات على مدار التاريخ الإسلامي .
5. التمويل الذى انكشف أمره ليس بغريب ، ونحن الإسلاميين حين ننفيه عنا لأننا ننفق على دعوتنا من جيوبنا ولنا فى ذلك نياتنا سواءاً من زكاة أموالنا أو صدقاتنا ، وعندنا فى عقيدتنا أن الله اشترى منا أنفسنا وأموالنا بأن لنا الجنة ، وأننا حين نبايع الله عز وجل على العمل لدينه فإنما نبيع أنفسنا وأموالنا خالصة لله ، وأجر الآخرة من رضوان الله ومثوبته وجنته التى فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر لأكبر معين لنا على شح أنفسنا لننفقها هى وأموالنا رخيصة فى جنب الله سبحانه .
أما العلماني الذى يرفض أن يحكم الدين حياته ، ويتمنى أن يكون الدين مقصوراً على المسجد ، فالسؤال هنا هو لماذا سينفق وهو لا يملك نية الآخرة التى تهون هذه النفقة ، إن معادلة النفقة من مالي الخاص مقابل الأجر الأخروى المضمون ، لا يمكن أبداً أن يقوم أمامها النفقة من المال الخاص لأجر دنيوى مظنون ، وأمثال أولئك العلمانيين من رجال المال والأعمال فإنهم يحسبونها بكل دقة قبل أن يقوموا بإنفاق قرش واحد وليس جنيه ، فما بالك بمنصة فى التحرير تتكلف فى اليوم الواحد أكثر من ستين ألف جنيه منصوبة بشكل دائم ، وما بالك بمئات الوجبات يومياً مع مكافآت نقدية تصل إلى الألاف ، وما بالك من العشرات من رواتب القياديين والذى يصل الواحد منهم فى العديد من المنظمات والائتلافات المشكلة لتفتيت كلمة الثوار وكما تحدثت التقارير الصحفية لأكثر من خمسة آلاف جنيه ، وما بالك بفضائيات خاصة تنفق ملايين فى السنوات الأولي لها قبل أن تدر ربحاً .. ربما الأخيرة بالذات تصلح كمشروع تجاري أما ما قبلها من أمثلة فلا يمكن أبداً أن تكون إلا دلالة على التمويل الخارجي والإنفاق على حساب صاحب المحل وهو هنا أمريكا وأروربا .
6. السؤال الذى يطرح نفسه بعد ذلك هو أين ذهبت الأموال وكيف أنفقت ، ومن يتولى مراجعة الإنفاق والرقابة عليه ، أيكون الأمريكان والأوربيون بهذا السفه ليعطوا من ينفق هكذا بغير حساب ؟! أم أنهم يخدعون بتقارير وهمية تضخم من قوة هؤلاء الطبالين والمجعجعين .
7. أقول الأروبيون والأمريكان لأن هذا الإنفاق ليس أمريكياً خالصاً ، كما حدثتنا مقالة الأستاذ فهمى هويدى ، وهو ما يلفت نظرنا للتعاون الوثيق بين الغرب لتنفيذ أجنداتهم فى بلادنا ، وفى مصر بالذات ، لما هو معلوم عن دورها المحوري فى تحريك الأمة العربية .. بل الإسلامية كلها ، ولما تحمله قوة وعزة مصر من دلالة على قوة وعزة الأمة العربية والإسلامية والعكس بالعكس صحيح ، وهو الأمر الذى ينبغى أن يلفت نظر كل القوى الوطنية الشريفة لتتوحد وتنحى خلافاتها جانباً للعمل لما فيه صالح مصر والأمة العربية والإسلامية بدلاً من التفرق والتشرذم أمام قوم قد توحدوا وطووا صفحة خلافاتهم لتحقيق أجنداتهم وآمالهم .
8. هذا يجرنا لضرورة الإشارة والتأكيد على يقظة أولي الأمر وهم هنا المجلس الأعلي العسكري والحكومة الانتقالية بقيادة شرف ضد هذا التمويل العجيب والذى يمر افتئاتاً على الحكومة المصرية وعلى المجلس الأعلي ذاته ولا يراعى سيادتهما على بلدهما مصر ، وكذلك ضرورة يقظة الثوار الشرفاء والقوى الوطنية النزيهة والتى تعمل وتنفق من جيوبها ابتغاء مرضات الله لما فيه عزة مصر واستقلالها وحريتها وكرامتها ، ضد محاولات سرقة بلادنا وتنفيذ الأجندات الأجنبية بها .
فعلى كل القوى الوطنية الشريفة أن تتيقظ ، بالوعي تارة وبفضح قوى التآمر أخري ، وبالعمل لما فيه صالح الناس والاندماج معهم والتلاحم لما فيه خير معاشهم طول الوقت وهذا هو السلاح الأكيد المضمون لمقاومة الدسائس والمؤامرات .. وربنا الرحمن المستعان على ما يصفون ..
--------------------
[email protected]
مجموعة من الروابط لموضوعات تفضح التمويل الخارجى وتتحدث عنه :
فيديو :
http://www.youtube.com/watch?v=1OBo-vywlRg
روابط مكتوبة وتقارير :
http://www.shorouknews.com/contentdata.aspx?id=486248
http://elshaab.org/thread.php?ID=2690
http://www.akhbarelyom.org.eg/issuse/detailze.asp?mag=akh&field=news&id=5180
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=446913
http://aloooo.com/?page=show_det&id=11

