أثارت زيارة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الأخيرة إلى القاهرة التي استمرت لمدة 5 أيام، والتي بحث خلالها مع قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، الأزمات الإقليمية وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين بلديهما، وفقًا للرئاسة المصرية، ردود فعل في إثيوبيا التي تنظر بعين الخوف من التقارب بين القاهرة وأسمرة.

 

وبحسب مجلة "هورن ريفيو" الإثيوبية، فإن زيارة أفورقي إلى القاهرة أضافت بُعدًا آخر إلى التوترات المتفاقمة في منطقة القرن الأفريقي، وجاءت عقب دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد العلنية لإريتريا لوقف دورها كمركز عبور للأسلحة - وهي ملاحظة فُسِّرت على نطاق واسع على أنها إشارة إلى تسهيل أسمرة للجماعات التابعة لها داخل إثيوبيا. 

 

وأشارت إلى أن توقيت زيارة أفورقي وأجندتها المعلنة بشأن "أمن البحر الأحمر" أبرز اتساع الخلاف بين أديس أبابا وأسمرة، في الوقت الذي سلّط فيه الضوء على اهتمام مصر المتجدد باستغلال هذا الانقسام لتحقيق نفوذ استراتيجي.

 

وأوضحت المجلة، أنه من وجهة نظر القاهرة، لطالما كان التوازن بين إثيوبيا وإريتريا نتاجًا لمخاوفها المتعلقة بحوض النيل، لافتة إلى أن مصر غذت حركات انفصالية إريترية، مثل جبهة التحرير الإريترية وجبهة التحرير الشعبية الإريترية، لتقليص قدرة إثيوبيا على تسخير موارد النيل. 

 

وتابعت: "وقد تعلّم أفورقي مبكرًا استغلال هذا التصور لإثيوبيا كخصم استراتيجي للقاهرة. وتحت قيادته، تطورت العلاقة إلى تحالف تكتيكي: حيث أصبحت إريتريا بمثابة ثقل موازن مناسب للطموحات الإثيوبية، ومصر الراعي الخارجي لهذا التوازن".

 

سد النهضة الإثيوبي

 

واعتبرت المجلة أن اكتمال سد النهضة الإثيوبي الكبير أحد تحولاً جذريًا في الديناميكيات الإقليمية. بالنسبة للقاهرة، لا يمثل السد مجرد نزاع تقني، بل تهديدًا وجوديًا لسيطرتها التاريخية على مياه النيل. وقد أدى تبني إثيوبيا لـ"مبدأ المياهين" - الذي يؤكد الحقوق على كل من حوض النيل والبحر الأحمر - إلى تفاقم المخاوف المصرية. 

 

وأردفت: "بالنسبة للقاهرة، فإن سيطرة إثيوبيا على المنبع وتطلعها إلى الوصول البحري معًا يُهددان بتقويض العمق الاستراتيجي لمصر. وقد دفعت هذه التصورات مصر إلى توسيع نفوذها عبر حوض البحر الأحمر، مستخدمةً الأدوات الدبلوماسية والأمنية للحفاظ على نفوذها".

 

وعرجت المجلة إلى توقيت زيارة أفورقي للقاهرة، مشيرة إلى أنها جاءت بعد أيام قليلة من خطاب آبي أحمد أمام البرلمان، وسقوط مدينة الفاشر السودانية في أيدي قوات الدعم السريع، وسط تقارير تفيد بأن كلاً من مصر وإريتريا تقدمان الدعم للقوات المسلحة السودانية، بينما أصدر حميدتي مؤخرًا تحذيرات مبطنة موجهة إلى البلدين.

 

الاحتواء الدبلوماسي

 

ورأت أنه بالنسبة لأديس أبابا، فإن الضرورة الملحة هي الاحتواء الدبلوماسي. وأنه يجب على الحكومة إعادة إشراك مصر في حوار منظم يهدف إلى عزل نفوذ أريتريا المزعزع للاستقرار، مع إثبات أن الشراكة مع إريتريا تقوض مصالح مصر طويلة الأمد، فضلًا عن تقويض الاستقرار الإقليمي. 

 

وأكدت أنه يجب أن تتجاوز هذه الدبلوماسية الإدارة الانفعالية للأزمات، لتضع إطارًا مستدامًا يحكم التعاون بين دول حوض النيل والبحر الأحمر.

 

وأوضحت أن مصر، عى الرغم من عدائها، تعمل ضمن منطق استراتيجي واضح؛ أما أسمرة، على النقيض من ذلك، فترى في التوتر الدائم وسيلةً لتأكيد أهميتها. 


https://hornreview.org/2025/11/02/isayas-afeworki-in-cairo-the-red-sea-intrigue-the-making-of-regional-chaos/