كشفت لجنة حماية الصحافيين الدولية (CPJ)، في تقريرٍ صادرٍ من مقرّها بنيويورك، أنّ مدينة الفاشر – عاصمة ولاية شمال دارفور – تحوّلت منذ سيطرة قوات الدعم السريع المدعومة من دولة الإمارات، عليها إلى ساحةٍ مفتوحة لانتهاكاتٍ جسيمة بحقّ الصحافيين والعاملين في الحقل الإعلامي، وصفتها اللجنة بأنها "جرائم حرب ضد حرية الصحافة والكرامة الإنسانية".

 

اغتصاب صحافيات واختفاء إعلاميين

 

ووفق التقرير، فإنّ ما لا يقل عن ثلاث صحافيات تعرّضن للاغتصاب على أيدي عناصر من قوات الدعم السريع أثناء اقتحام المدينة، فيما اختفى 13 صحافياً وصحافية لا يُعرف مصيرهم حتى الآن، وسط مخاوف من تعرّضهم للتصفية أو الاحتجاز القسري.

 

وأوضح التقرير أنّ الانتهاكات لم تقتصر على الجرائم الجنسية فحسب، بل شملت الاعتداءات الجسدية، والاختطاف، والاستيلاء على مقار المؤسسات الإعلامية وتحويلها إلى مراكز احتجاز واستجواب، كما أكّد أن بعض هذه الجرائم تمّ توثيقها بالفيديو من قِبل الجناة أنفسهم، ثم نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في مشهدٍ صادم يعكس الإفلات التام من العقاب.

 

مطالب دولية بحماية عاجلة


وأعربت لجنة حماية الصحافيين عن قلقها البالغ من تصاعد الانتهاكات في الفاشر، داعيةً إلى توفير حماية عاجلة للصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام، وضمان الإفراج الفوري عن جميع المختفين قسرياً، ومحاسبة المتورطين في هذه الانتهاكات.


وقالت اللجنة في بيانها: "إن استهداف الصحافيين بهذا الشكل المنهجي يُظهر أن حرية الإعلام في السودان تواجه أخطر مراحلها منذ اندلاع النزاع المسلح، وأن الفاشر باتت رمزاً للقمع والعنف الممنهج ضد الحقيقة".

 

تحذيرات من كارثة إنسانية


وفي سياقٍ متصل، عبّرت منظمة "أطباء بلا حدود" عن قلق بالغ إزاء مصير آلاف المدنيين المحاصرين داخل المدينة منذ سيطرة الدعم السريع عليها.


وذكرت المنظمة أن السكان يواجهون "خطر الموت في أي لحظة" بسبب استمرار القتال وغياب الخدمات الطبية وندرة الغذاء والمياه، مشيرةً إلى أن الفرق الإنسانية غير قادرة على الوصول إلى معظم الأحياء نتيجة الاشتباكات والانفلات الأمني.

 

سقوط الفاشر بعد حصارٍ دام 18 شهرًا


وسيطرت قوات الدعم السريع، يوم الأحد الماضي، على مدينة الفاشر بعد حصار استمر 18 شهراً، تخللته معارك دامية وقطع متواصل للاتصالات والإمدادات الإنسانية.


ومع دخول القوات المدينة، تحدثت منظمات حقوقية محلية وشهود عيان عن إعدامات ميدانية وعنفٍ جنسيٍ واسع النطاق ونهبٍ منظم للمنازل والمراكز الطبية، إلى جانب استهدافٍ مباشر للعاملين في الإغاثة والصحافة.

 

دعوات للمساءلة الدولية


في ختام تقريرها، طالبت لجنة حماية الصحافيين المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بضرورة فتح تحقيق مستقلّ وشامل حول الانتهاكات المرتكبة في الفاشر، معتبرةً أنّ ما يجري هناك لا يمكن فصله عن النمط الواسع للعنف ضد الصحافيين في السودان منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.