في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، شهدت مدينة دراو شمال محافظة أسوان حادثاً مفاجئاً، حيث اصطدمت باخرة سياحية تحمل اسم ماركيز 2 بكوبري فارس فانهار جزء منه جزئياً، ما أثار مخاوف كبيرة بخصوص سلامة المنشآت العمرانية الواقعة على ضفاف النيل.

 

يأتي هذا الحادث بعد أيام قليلة من وقوع عدد من الحوادث الإنشائية المتفرقة في محافظات مصر المختلفة، ما يعيد تسليط الضوء على أهمية الصيانة الدورية للبنية التحتية، ولاسيما المنشآت القريبة من مجرى النيل والتي تتعرض لعوامل بيئية وحركية خاصة.

 

الخلفية ووصف الحادث

 

بحسب المصادر، في مدينة دراو شمال محافظة أسوان اصطدمت الباخرة السياحية “ماركيز 2” بكوبري فارس أثناء عبورها نهر النيل ما أدى إلى انهيار جزئي في جسم الكوبري.

 

وفي التفاصيل: تلقت الأجهزة الأمنية والإدارات المعنية بلاغاً بالحادث فور وقوعه، وانتقلت إلى موقع الواقعة لإجراء المعاينة الأولية وتقييم التلفيات.

 

كما بيّن مصدر مسؤول أن اللجنة الفنية المتخصصة تم تشكيلها فوراً لفحص الكوبري وتحديد مدى تأثره، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة ترميمه وضمان سلامة المرور.

 

حتى الآن، لم ترد أنباء عن وقوع إصابات بشرية، وهو ما خفّف من حجم الكارثة المحتملة على مستوى الأرواح.

 

الأسباب الأولية تشير إلى أن الباخرة فقدت السيطرة أو توازنها أثناء المرور تحت الكوبري، ما تسبب في الاصطدام.

 

الجهات المختصة أكدت أن العمود الذي اصطدمت به الباخرة لم يتأثر بشكل جوهري، بحسب المعاينة الأولية.

 

سياق أوسع: حوادث متفرقة وتساؤلات البنية التحتية

 

هذا الحادث يأتي في سياق تشهد فيه مصر عدداً من الحوادث الإنشائية أو المرورية التي كشفت هشاشة بعض مكونات البنية التحتية، وأبرزت غياب الصيانة الدورية أو ضعف التنفيذ في بعض الحالات.

 

تقرير حديث أشار إلى أن المدن المصرية تعاني من تدهور في البنية التحتية، نتيجة الإهمال في الصيانة، وغياب التخطيط السليم، وعدم تجديد شبكات المياه والطرقات والصرف الصحي في العديد من المناطق.

 

كذلك، تقرير آخر أكد أن هناك فجوة بين المبالغ المعلنة لتطوير الطرق والمشروعات وبين النتائج الفعلية على الأرض، مشيراً إلى أن “غياب الصيانة الدورية” و”سوء جودة التنفيذ” من أبرز الأسباب.

 

وبالتالي، حادث دراو ليس حالة معزولة فحسب، بل يمكن اعتباره مؤشّراً على أن المنشآت – وخصوصاً تلك القريبة من مجرى النيل أو المعرضة لعوامل بيئية وحركية – تحتاج إلى مراجعة جدّية لضمان سلامتها واستمرارية أدائها.

 

تحليل: لماذا الصيانة الدورية ضرورية؟

 

أولاً: عوامل بيئية وحركية خاصة للمنشآت النيلية

 

المناطق الواقعة على ضفاف النيل تتعرض لعوامل متعددة: تغير في مستوى ماء النيل، تيارات مائية، حملات مرور للقوارب الكبيرة والسياحية، تآكل تدريجي للأنظمة الخرسانية، تأرجح حراري، إلخ. هذه العوامل تجعل المنشآت مثل الكوبريات أكثر عرضة للتلف إذا لم تُصان بانتظام.

 

ثانياً: التكلفة والمخاطر عند الإهمال

 

عند الإهمال تتفاقم التلفيات، وتتحول من إصلاح بسيط إلى إعادة بناء أو إلى حوادث مهدّدة للناس والممتلكات. حادث كوبري فارس، رغم خلوه حتى الآن من إصابات بشرية، إلا أنه قد يتسبب في توقف حركة المرور، ويضع عبئاً اقتصادياً كبيراً على المحافظة.

 

ثالثاً: صيانة بدلاً من تفكيك الثقة

 

كل حادث يلحق البنية التحتية يقلل من ثقة المواطنين والمستثمرين في قدرة الدولة/المحافظة على إدارة الموارد وتأمين السلامة. الصيانة الدورية تُعد استثماراً في الثقة، لا فقط في الخرسانة أو الحديد.
رابعاً: الصيانة كجزء من المنظومة وليس كإجراء منفصل

 

الصيانة الجيدة تتضمن: التفتيش الدوري، قياس التشققات، تأكيد سلامة الأساسات، مراقبة الحمولات التصميمية الفعلية، وصيانة الطوارئ. غياب هذا المنظور يعني أن المنشأة قد تبدو سليمة حتى لحظة الفشل.

 

ختاما فإن حادث اصطدام باخرة “ماركيز 2” بكوبري فارس بمدينة دراو، الذي أسفر عن انهيار جزئي في الكوبري، ليس مجرد واقعة منفصلة، بل ينبه إلى هشاشة بعض مكونات البنية التحتية في مصر، ولاسيّما تلك المنشآت الواقعة على ضفاف نهر النيل والتي تتعرض لعوامل خاصة. إن ضمان سلامة هذه المنشآت لا يتحقق فقط بتصميم أولي جيد، بل يتطلب صيانة دورية، ورصداً مستمراً، وتخصيص موارد كافية، وتحفيزاً مؤسّسياً لإدارة عملية الصيانة بشكل احترافي. وإهمال ذلك قد يؤدي إلى كلفة بشرية ومادية أكبر مما يُعتقد.