كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن مداولات سرّية بين الولايات المتحدة والاحتلال الاسرائيلي لبحث خطة تقضي بتقسيم قطاع غزة إلى منطقتين منفصلتين، ضمن تصور جديد لما يُعرف بـ"غزة الجديدة" — كيان اقتصادي وسياسي جديد يخضع لهيمنة إسرائيلية كاملة في نصف القطاع تقريبًا.
وبحسب التقرير الذي نُشر، فإن الخطة، التي يجري إعدادها في أروقة الإدارة الأميركية، تستند إلى مقترح يقضي بتخصيص منطقة أولى تُخضعها إسرائيل لسيطرة عسكرية مباشرة وتشمل مشاريع الإعمار وإعادة تأهيل البنية التحتية، بينما تبقى المنطقة الثانية — التي تديرها حركة حماس — في عزلة اقتصادية خانقة إلى حين "نزع سلاحها بالكامل".
مشروع "غزة الجديدة".. إعادة رسم الخريطة بغطاء إنساني
نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن الصحيفة قولها إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تناقش مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي خطة لإعادة تشكيل الواقع السياسي والأمني في القطاع عبر تقسيمه إلى "منطقة إعادة إعمار وتنمية"، وأخرى توصف بأنها "منطقة خطر" تخضع لعقوبات اقتصادية مشددة.
وتنص الخطة، وفق التقرير، على أن مشاريع الإعمار والاستثمارات الدولية ستركّز فقط في الجزء الذي يسيطر عليه الجيش الإسرائيلي، والذي يغطي نحو 53% من مساحة القطاع، بينما يُترك الجزء الذي تحتفظ به حماس في عزلة كاملة من الخدمات والتمويلات، تمهيدًا لإضعاف الحركة ودفعها لتسليم سلاحها مقابل رفع الحصار.
تحركات أميركية ميدانية.. كوشنر في قلب المشهد
وأوضحت هيئة البث أن جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترمب، يقود هذا المشروع بالتعاون مع نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، حيث وصل الثلاثة إلى إسرائيل مؤخرًا لعقد اجتماعات مكثفة مع مسؤولين إسرائيليين لبحث تثبيت وقف إطلاق النار واستكشاف فرص تطبيق مشروع "غزة الجديدة".
وتشير المعلومات إلى أن الهدف من المشروع هو تحويل المنطقة الخاضعة لجيش الاحتلال إلى منطقة “آمنة” مستقرة اقتصاديًا، بحيث تكون جاذبة للاستثمارات الأجنبية وتُقدّم كـ"نموذج بديل" لغزة الحالية، في محاولة لإقناع المجتمع الدولي بتمويل إعادة الإعمار تحت إشراف أميركي-إسرائيلي مباشر، وليس عبر السلطة الفلسطينية أو الأمم المتحدة.
منطقة معزولة تحت الحصار.. و"نزع السلاح" شرط الاندماج
تقوم الفكرة الأساسية للمخطط على إبقاء الجزء الآخر من غزة — الذي تديره حماس — في عزلة اقتصادية تامة، مع منع أي تدفق للمساعدات أو المشاريع إليه إلا بعد تفكيك الحركة وتسليم سلاحها بشكل كامل.
ووفقًا للتقرير، تراهن واشنطن وتل أبيب على أن الضغوط الاقتصادية والسياسية قد تُجبر حماس على قبول "صفقة نزع السلاح مقابل الاندماج"، ما يسمح بعودة تدريجية للإدارة المدنية بإشراف "مجلس السلام الدولي"، وهو كيان إداري مؤقت تدعمه واشنطن وتترأسه شخصية دولية مقربة من ترمب.
دمار شامل وأطلال تنتظر الإعمار
خلال عامي العدوان الإسرائيلي الممتد منذ 8 أكتوبر 2023 وحتى خريف 2025، تعرّضت غزة لدمار شبه كامل؛ إذ دمّرت إسرائيل نحو 90% من البنى التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء.
وتقدّر الأمم المتحدة تكلفة إعادة إعمار القطاع بنحو 70 مليار دولار، وهو رقم يفوق قدرات أي جهة محلية أو إقليمية، مما يجعل السيطرة على ملف الإعمار أداة ضغط مركزية في يد الاحتلال.

