كشفت مصادر مطلعة بصندوق التمويل العقاري التابع لوزارة الإسكان، أن فئة محدودي الدخل تمثل الشريحة الأكثر تضررًا من قرار رفع أسعار الفائدة على التمويلات العقارية، إذ تستحوذ هذه الفئة على نحو 75% من إجمالي التمويلات الخاصة بوحدات الإسكان منخفضة التكلفة، ما يجعلها الأكثر عرضة لتأثيرات زيادة الفائدة من 3% إلى 8% متناقصة.

ويأتي القرار ضمن توجه حكومي جديد أقره مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، يقضي برفع أسعار العائد على التمويلات ضمن مبادرتي التمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل من 3% و8% إلى 8% و12% متناقصة على الترتيب، بحسب ما أعلنه البنك المركزي المصري في بيان رسمي.

 

زيادة الفائدة الجديدة… من المستفيد ومن المتضرر؟

وأوضح المصدر – الذي طلب عدم ذكر اسمه – أن نحو 600 ألف مواطن يستفيدون سنويًا من برامج التمويل العقاري منخفض الفائدة، مشيرًا إلى أن تلك الزيادة في سعر العائد ستنعكس مباشرة على المتقدمين الجدد فقط، في حين تبقى التعاقدات السابقة خاضعة للفائدة القديمة.

وأضاف أن الصندوق يعكف حاليًا على دراسة الطلبات القديمة التي لم تُقبل في السابق، بهدف منح أصحابها فرصة جديدة للاستفادة من الفائدة القديمة، وهو ما تم بالفعل في الإعلانات الثلاثة الأولى للمبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين".

 

مبادرات تمويلية بين الدعم والتقشف

كان البنك المركزي قد أطلق عام 2021 مبادرة كبرى للتمويل العقاري بقيمة 100 مليار جنيه، بسعر عائد متناقص 3% وفترة سداد تصل إلى 30 عامًا، لتيسير امتلاك السكن للفئات محدودة ومتوسطة الدخل.
لكن مع تصاعد الضغوط التضخمية وتوجه الدولة نحو سياسات نقدية أكثر تشددًا، جرى في عام 2022 نقل مسؤولية دعم فروق الفائدة في خمس مبادرات – من بينها التمويل العقاري – من البنك المركزي إلى جهات حكومية تنفيذية، تنفيذًا لتوصيات صندوق النقد الدولي الذي شدد على ضرورة تقليص تدخل البنك المركزي في دعم النشاط التمويلي.

 

تعديل حدود الدخل

وفي سياق متصل، أعلن وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الدكتور شريف الشربيني، خلال أكتوبر الماضي، عن تعديل حدود الدخل للمواطنين الراغبين في التقدم لحجز وحدات سكنية ضمن مبادرة "سكن لكل المصريين".

وقالت الرئيسة التنفيذية لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، مي عبد الحميد، إن الحد الأدنى لصافي الدخل الشهري لفئة منخفضي الدخل أصبح 3500 جنيه، بينما يصل الحد الأقصى إلى 15 ألف جنيه للأسرة و12 ألف جنيه للفرد. أما متوسطي الدخل، فيبدأ الحد الأدنى لهم من 12 ألف جنيه، ويصل الحد الأقصى إلى 25 ألف جنيه للأسرة و20 ألف جنيه للفرد.

 

تحديات على طريق السكن الميسر

يرى خبراء الاقتصاد أن ارتفاع أسعار الفائدة على التمويلات العقارية يهدد بإبطاء معدلات الإقبال على شراء الوحدات السكنية، خاصة بين الفئات منخفضة الدخل، التي تعتمد بشكل أساسي على المبادرات المدعومة.

ويحذر الخبراء من أن التوسع في الفائدة قد يحد من فاعلية برامج الدعم الحكومي في تحقيق العدالة الاجتماعية والإسكان الميسر، في وقتٍ تتزايد فيه الأعباء المعيشية مع ارتفاع الأسعار وتراجع القوة الشرائية للمواطنين.