نقل موقع العربي الجديد عن صندوق النقد الدولي أنه وافق مبدئيًا على صرف الدفعتين الخامسة والسادسة من قرض مصر البالغ ثمانية مليارات دولار، قبل نهاية عام 2025. وجاء القرار بعد أسبوع من مفاوضات شاقة في واشنطن بين الوفد المصري ومسؤولي الصندوق خلال اجتماعاته السنوية مع البنك الدولي.
شارك في الوفد المصري محافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزراء المالية والتنمية الاقتصادية والتخطيط والاستثمار، حيث عرضت القاهرة خطة إصلاح مؤسسي ونقدي جديدة. وأصدر مجلس الوزراء بيانًا قال فيه إن المباحثات جاءت أكثر إيجابية من المتوقع، إذ توافق الطرفان على ملامح المرحلة المقبلة التي تركز على دعم القطاع الخاص وكبح التضخم.
لكنّ اقتصاديين نقل عنهم العربي الجديد رأوا أن الأزمة الحقيقية تكمن في ندرة العملة الأجنبية داخل البنوك مقارنة بوتيرة الاستيراد. وأوضح الخبير عبد النبي عبد المطلب أن القاهرة لا تسعى فقط للحصول على الشريحة المتبقية من القرض، بل تحاول أيضًا تأمين تمويل إضافي بقيمة 1.3 مليار دولار لاستعادة ثقة المستثمرين وتحفيز الإنتاج والتصدير بدلًا من تمويل العجز.
وكشفت مصادر للموقع أن صندوق النقد وضع شرطين رئيسيين لتجديد الثقة في برنامج الإصلاح المصري: أولًا، الإبقاء على سعر صرف مرن تحدده قوى السوق دون تدخل من البنك المركزي، وثانيًا، رفع حصيلة الخصخصة إلى المستوى المستهدف بعدما لم تتجاوز نصف هدف عام 2025 حتى الآن.
يتلقى الاقتصاد المصري دعمًا متكررًا من الصندوق منذ عام 2016، حين وقعت القاهرة برنامجًا بقيمة 12 مليار دولار لإعادة إنعاش الاقتصاد. ومنذ ذلك الحين، أصر الصندوق على خفض الدعم الموجه للوقود والكهرباء والسلع الغذائية مقابل توسيع شبكات الحماية الاجتماعية.
ورفعت الحكومة مطلع أكتوبر أسعار عدد كبير من المنتجات البترولية للمرة الثانية هذا العام، بنسبة تراوحت بين 10.5 و12.9 بالمئة، بعد زيادة قاربت 15 بالمئة في أبريل، في محاولة لتقليص عجز الموازنة.
غير أن هذه السياسة النقدية والمالية تعكس مأزقًا أعمق في إدارة الاقتصاد المصري. فبينما يصف المسؤولون الاتفاق مع الصندوق بأنه "إصلاح"، يعيش المصريون ضغوطًا متزايدة مع ارتفاع الأسعار وانكماش فرص العمل، في وقت تواصل الدولة بيع أصولها لتلبية شروط المؤسسات المالية الدولية.
وتكشف مفاوضات واشنطن عن اختلال ميزان القوة بين القاهرة وصندوق النقد؛ إذ يفرض الصندوق رؤية اقتصادية نيوليبرالية تُقدّم مصلحة المستثمرين والأصول الأجنبية على حساب الأمان الاجتماعي للمواطنين. كما يثير اعتماد الحكومة المصرية المفرط على القروض والخصخصة تساؤلات حول قدرتها على بناء اقتصاد إنتاجي مستدام لا يعتمد على الديون.
يبدو أن "الموافقة المشروطة" من الصندوق ليست إلا تمديدًا لأزمة الثقة بين الطرفين، حيث تواصل القاهرة تنفيذ الإصلاحات التي تطالب بها المؤسسات الدولية دون نتائج ملموسة على معيشة الناس. وفي النهاية، يجد المواطن نفسه يدفع ثمن قرارات تُتخذ بعيدًا عن احتياجاته اليومية، بينما يزداد ارتباط الاقتصاد المصري بقيود الدين الخارجي ومصالح الدائنين.
https://www.newarab.com/news/imf-conditionally-approves-next-tranches-egypts-8bn-loan

