أشعل الكاتب والأكاديمي الفلسطيني فايز أبو شمالة، ورئيس بلدية خان يونس الأسبق، مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشره تغريدة حادة عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، قال فيها:
"الشعب العربي الفلسطيني يغفر كل الخطايا والذنوب، بما فيها ذنب السرقة والسطو المسلح، والقتل غير العمد، ولكن الشعب العربي الفلسطيني لن يغفر ذنب الخيانة، ولن يغفر خطايا من وضع يده في يد العدو الإسرائيلي، ويواصل التنسيق والتعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية رغم حرب الإبادة الجماعية في غزة."
https://x.com/FayezShamm18239/status/1981344768971141247
كلمات أبو شمالة جاءت بمثابة صرخة في وجه من وصفهم بـ"الخونة الجدد"، في إشارة واضحة إلى العصابات المسلحة التي تعمل تحت إشراف الاحتلال الإسرائيلي داخل قطاع غزة، وعلى رأسها عصابة "أبو شباب"، التي كشفت تقارير أمنية وإعلامية فلسطينية عن ارتباطها المباشر بجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، وتورطها في أعمال إجرامية ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
خلفية: عصابات "أبو شباب" بين الإجرام والخيانة
كشفت مصادر أمنية فلسطينية أن الاحتلال الإسرائيلي يقف وراء تشكيل وتمويل وتسليح العصابة التي يقودها المدعو أبو شباب ونائبه غسان الدهيني، بهدف خلق حالة من الفوضى الأمنية داخل قطاع غزة، وتحديدًا في المناطق الحدودية جنوبي القطاع.
وتعود جذور هذه العصابة إلى أواخر عام 2024، حين بدأت قوات الاحتلال في تجنيد عناصرها بشكل منظم، ومنحتهم ملاذًا آمنًا في المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية شرق مدينة رفح، بالقرب من معبر كرم أبو سالم، الذي يُعد البوابة التجارية الوحيدة المتبقية لقطاع غزة.
من هذا الموقع الاستراتيجي، تمكنت العصابة من التحكم في قوافل المساعدات الإنسانية، وارتكاب عمليات سطو وسرقة ممنهجة، حيث أعادت بيع المواد الغذائية والمستلزمات الطبية للمواطنين بأسعار باهظة، في وقت يعيش فيه القطاع أزمة إنسانية غير مسبوقة نتيجة الحصار والحرب الإسرائيلية المتواصلة.
تمويل وتسليح بإشراف إسرائيلي مباشر
أكدت المصادر الأمنية أن الجيش الإسرائيلي تولّى الإشراف المباشر على تسليح عصابة "أبو شباب"، ومنحها الدعم اللوجستي، في الوقت الذي كانت فيه المقاومة الفلسطينية تخوض معارك عنيفة في مناطق متعددة من القطاع.
ويطلق أبو شباب على نفسه لقب "قائد القوات الشعبية"، بينما تصفه المقاومة بأنه زعيم عصابة إجرامية متورطة في إطلاق النار على المدنيين، و"قطع الطرق أمام قوافل الإغاثة الإنسانية" المتجهة إلى المناطق المنكوبة في جنوب القطاع.
اللافت أن الاحتلال استغل معرفة أبو شباب الدقيقة بمناطق رفح وخبرته السابقة في تجارة السلاح والمخدرات لتوظيفه في تنفيذ مهام قذرة، تشمل اغتيال النشطاء، وزعزعة الأمن الداخلي، وتشويه صورة فصائل المقاومة أمام الرأي العام المحلي والدولي.
من سجن إلى خيانة.. قصة تحول
بحسب التقارير الأمنية، فإن أبو شباب كان معتقلًا لدى الأجهزة الأمنية في غزة منذ عام 2015، بعد إدانته في قضايا تجارة وترويج وتعاطي المخدرات، وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 25 عامًا.
غير أن مجريات الحرب الإسرائيلية التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2023، وما تبعها من قصف عنيف على السجون والمنشآت الحكومية، أتاحت له الفرصة للهروب من سجن "أصداء الواقع" غرب خان يونس، ليظهر بعدها في صفوف المجموعات المسلحة الموالية للاحتلال.
تؤكد المصادر أن جيش الاحتلال أعاد تأهيله وتكليفه بقيادة مجموعة من العناصر الإجرامية، بهدف تنفيذ خطة تهدف إلى تفكيك البنية الاجتماعية والأمنية لقطاع غزة، عبر إثارة الفوضى، ومنع وصول المساعدات، وإشعال نزاعات داخلية.
الشاباك الإسرائيلي وراء الخطة
صحيفة "معاريف" الإسرائيلية كشفت في تقرير حديث أن جهاز الشاباك هو من يقف وراء مشروع تجنيد عصابة "أبو شباب"، مشيرة إلى أن رئيس الجهاز رونين بار أوصى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو –المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب– بتنفيذ خطة لتجنيد العصابة وتسليحها بشكل "مدروس ومحدود".
وأضافت الصحيفة أن الهدف من الخطة هو اختبار إمكانية إقامة نموذج حكم بديل عن حماس في مناطق محددة جنوب غزة، من خلال مجموعة من العملاء المحليين والمجرمين، على أن تبقى تحت إشراف ومراقبة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
وتشير الصحيفة إلى أن العصابة تضم عشرات العناصر، معظمهم من المطلوبين في قضايا تهريب ومخدرات وسرقات، جرى اختيارهم بعناية لتجنيدهم في مهام أمنية لصالح إسرائيل، مقابل مبالغ مالية ومكافآت غذائية، في ظل الظروف القاسية التي يعيشها القطاع.

