في ندوة لعلاء الأسواني بعنوان "ماذا لو رحل الرئيس السيسي؟" جاءت لتمثل خطاباً نقدياً حاداً تجاه نظام قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي وجميع حاشيته، ويطرح خلالها أسواني تساؤلًا جوهريًا حول مستقبل مصر إذا رحل عبد الفتاح السيسي، مبديًا رؤية تركز على الديكتاتورية والمشكلات البنيوية في النظام السياسي والاقتصادي بمصر، لا على شخصية الحاكم فقط.

 

مقدمة وتقديم الشخصيات
بدأت الندوة بإشادة بأساتذة ومفكرين أمثال عبد الخالق فاروق – عالم الاقتصاد المصري المعروف، الذي ألّف كتابًا يثبت بالأرقام أن مصر ليست دولة فقيرة، بل أن الفقر نتيجة سوء الإدارة والفساد، مشيرًا إلى اعتقال فاروق فور صدور كتابه والاتهامات "المعلبة" ضده مثل نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.

وتناول الأسواني قضايا ناشطين آخرين: يحيى حسين عبد الهادي، محمد أكسجين، محمد عادل، مشددًا أن كل هؤلاء إما مسجونون أو تعرضوا للتنكيل فقط لأنهم عبروا عن آرائهم، وليس جراء ارتكابهم لجرائم عنف حقيقية.

 

نقد السلطة القضائية والعدالة
يفند الأسواني استقلالية القضاء المصري، حيث يُحكم على المعتقلين السياسيين دون سماع الدفاع أو تمكين المحامين من الاطلاع على أوراق القضية. يشير إلى أن السلطة التنفيذية تسيطر على القضاة، وأن المعتقل السياسي يُعتبر معتقلاً وليس متهمًا قانونيًا عندما ينهار مفهوم القانون ويخضع القاضي لأوامر الأمن الوطني.
يجادل الأسواني بأن ممارسة "التدوير" – أي توجيه تهم جديدة للمعتقل قبل انتهاء مدة حبسه – تخلق بيئة قمعية دائمة، حيث يمكن لأي مواطن أن يُعتقل ويُحرم من حقوقه الأساسية بسهولة.

 

المجتمع المصري تحت الديكتاتورية
يرى أسواني أن أغلبية المواطنين اختارت نمط "المواطن المستقر" الذي لا يعبر عن رأيه ويتجنب الصدام مع السلطة، لكنه في الوقت نفسه يعاني من ضغوط اقتصادية واجتماعية شديدة، مثل رفع الأسعار، انهيار التعليم والصحة، وتدهور جودة الحياة العامة. يؤكد أن نظام الولاء يُقدم على الكفاءة، حتى على مستوى تعيين الوزراء مثل وزير التعليم الذي يشكك في كفاءته ومصداقية شهاداته الأكاديمية.

 

العلاقة بين الديكتاتورية ومعاناة الشعب
يربط الأسواني انتشار القمع، غياب الشفافية، وتفاقم عدد المعتقلين السياسيين، بسياسات النظام القائمة على اعتبار الشعب "رعايا" لا مواطنين، وبالتالي انتزاع كافة حقوقهم في التعبير والتنظيم والمشاركة السياسية.

ينتقد أسواني الاعتماد الشعبي على الأمثال والمقولات التي تكرس غياب دور المواطن في اختيار الحاكم، مثلاً: "ربنا يولي من يصلح"، و"ربنا يوفق الرئيس ويرزقه البطانة الصالحة" – ويرى أنها انعكاس لفقدان الثقة في قدرة الشعب على اختيار من يحكمه، والاعتماد على القضاء والقدر بدلًا من المشاركة.

 

هل المشكلة في السيسي أم النظام؟
يحاجج أسواني بأن المشكلة ليست فقط في السيسي شخصيًا، بل في النظام ذاته. حتى لو تغير الحاكم أو تغيرت سياساته، سيظل أساس الأزمة بنيوي مادامت الديكتاتورية تحكم البلاد. يسرد أمثلة من تاريخ الديكتاتورية في ألمانيا وإيطاليا، ليؤكد أن النظام الديكتاتوري – وليس الفرد – هو الذي يؤدي دائمًا إلى الكوارث الوطنية والاجتماعية.

ويشير إلى دراسة علمية ربطت السلطة بالإدمان البيولوجي لدى الحاكم، حيث تزداد إفرازات الهرمونات مثل التستوستيرون والدوبامين مما يعزز الثقة بالنفس وجنون العظمة، ومنها يتولد سلوك انفرادي في اتخاذ القرار والصراع على السلطة.

 

أهمية الديمقراطية وتداول السلطة
ينادي أسواني بأن الحل الوحيد يكمن في وجود نظام ديمقراطي مبني على الانتخابات الحرة، وتداول سلمي للسلطة، حيث يصبح الحاكم "خادمًا عامًا" يخدم الشعب لا نفسه أو بطانته. استشهد بتجربة لولا دا سيلفا في البرازيل ليثبت أن الديمقراطية تصنع فارقًا حقيقيًا في حياة الشعوب، وأن القوانين والدستور هي الضمان لحقوق المواطنين وللمحاسبة حتى للرئيس نفسه.

بالمقابل، ينتقد الأسواني السيسي لانفراده باتخاذ القرار وعدم الاستماع للمشورة أو الاعتماد على دراسات الجدوى في المشروعات، وهو ما أدى – في رأيه – إلى الاقتصاد المتدهور وتفاقم الديون. يربط ذلك بكوارث تاريخية مثل هزيمة 1967، الناتجة عن صراعات السلطة والانفراد بالقرار.

 

الدور الخارجي في استمرار الديكتاتورية
يشدد الأسواني على دور الولايات المتحدة وإسرائيل في دعم استمرار الديكتاتورية العربية لضمان مصالحهما، ويرى أن النظام المصري يضحي أحيانًا بالقضايا الوطنية أو الكرامة أمام الخارج، في سبيل البقاء في الحكم، مثل قضية التنازل عن جزر تيران وصنافير.

وأخيرا يفند أسواني فكرة أن رحيل السيسي وحده سيحل الأزمات، ويؤكد أن الديمقراطية وحدها هي الطريق نحو نهضة مصر التي تستحقها. يرى أيضًا أن مصر بحاجة لنظام يضمن انتخابات حقيقية ودستورًا محترمًا وتداولًا سليمًا للسلطة، بدلًا من الرهان على "ديكتاتور جيد" أو استمرار حكم الفرد.

كما أن تقرير الندوة يكشف أن الأسواني يوجه نقدًا منهجيًا للنظام السياسي والاجتماعي في مصر، ويدعو لتغيير جذري قائم على الديمقراطية، معتبرًا أن غيابها هو أصل كل مشكلات مصر، وليس فقط سياسات السيسي أو شخصيته الفردية.