في خطوة جديدة أضافت أعباء، على المواطنين المصريين، قررت حكومة مصطفى مدبولي  رفع أسعار الوقود للمرة الثانية على التوالي في نفس العام، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول توقيت القرار، ومدى تأثيره على شرائح المجتمع المختلفة، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها العديد من المواطنين، فيما طالبت النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص برفع الحد الأدنى للأجور إلى 9 آلاف جنيه شهريًا.

 

رفع أسعار الوقود: خطوة لتوسيع دائرة الغلاء

 

أعلنت حكومة مدبولي عن رفع أسعار البنزين والسولار بمقدار جنيهين للتر، وهو ما يعادل زيادة تقدر بحوالي 13%، في خطوة تحمل في طياتها تمريغًا للقدرة الشرائية للمواطنين. ففي ظل الوضع الاقتصادي الحالي، تأتي هذه الزيادة لتضع عبئًا جديدًا على عاتق الطبقات المتوسطة والفقيرة، الذين يعتمدون بشكل كبير على النقل العام والسلع الأساسية، التي ستشهد هي الأخرى زيادات نتيجة ارتفاع أسعار الوقود.

 

لم تقتصر الزيادة على البنزين والسولار فقط، بل طال رفع الأسعار أيضًا غاز تموين السيارات، ما يساهم في رفع تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق. على الرغم من هذه الزيادات، تم الإعلان عن تثبيت الأسعار لمدة عام، في خطوة تبدو غير واقعية في ظل الوضع الاقتصادي المتقلب الذي يشهده العالم.

 

النقابات تطالب برفع الحد الأدنى للأجور

 

من جهة أخرى، وفي ضوء ارتفاع أسعار الوقود، طالبت النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص برفع الحد الأدنى للأجور إلى 9 آلاف جنيه شهريًا.

 

ومن جهته قال شعبان خليفة، رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، إن النقابة تُعد خط الدفاع الأول عن العمال، وتسعى باستمرار لحماية حقوقهم وتحسين أوضاعهم المعيشية.

 

وأضاف رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، أن النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، تمثل مظلة دفاعية لنحو 21 ألف عامل تحت لوائها.

 

وتابع "خليفة"، خلال مداخلة هاتفية في برنامج تلفزيوني، أن قرار الحكومة الصادر في 17 أكتوبر برفع أسعار الوقود أدى إلى توقعات بزيادة أسعار السلع والخدمات والمواصلات بنسبة تتراوح بين 20% و35%، وهو ما يستوجب تحريك الأجور لتصل لـ 9 آلاف جنيه بما يتناسب مع ارتفاع تكاليف المعيشة.

 

وأوضح أن أي زيادة في الأجور تفقد قيمتها سريعًا مع استمرار موجات ارتفاع الأسعار، مما يجعل تفعيل مواد قانون العمل رقم 14 لسنة 2025 ضروريًا لضمان التوازن بين مستويات الأجور ونسب التضخم.

 

وشدد رئيس النقابة على أن المواد (101، 102، 103) من قانون العمل نصت بوضوح على أن المجلس القومي للأجور هو الجهة المختصة بتحديد الحد الأدنى للأجور على مستوى الجمهورية، مع مراعاة احتياجات العمال وأسرهم.

 

وأشار إلى أهمية انعقاد المجلس دوريًا كل 6 أشهر لمراجعة الحد الأدنى للأجور بما يواكب المتغيرات الاقتصادية ويصون حقوق العاملين في القطاع الخاص.

 

ويُعتبر هذا المطلب ضرورة وليس رفاهية، خاصة في ظل تآكل القدرة الشرائية بسبب زيادة الأسعار المستمرة، والتي لا تعكس الأجور الحالية للمواطنين.

 

وحذر ممثلو النقابة من أن الزيادة في الأسعار ستؤدي إلى غلاء غير مسبوق في السلع والخدمات الأساسية، ما يزيد من العبء على الطبقات العاملة. وفي ظل هذه الظروف، يصبح من الضروري أن يتم ربط الحد الأدنى للأجور بالتضخم بشكل دوري، في خطوة تسعى إلى حماية دخل العاملين من تآكل قيمته بسبب الزيادة في الأسعار.

 

أداء الحكومة تحت المساءلة

 

تستمر الحكومة في التذرع بأن زيادة أسعار الوقود جزء من الإصلاحات الاقتصادية التي يتطلبها الوضع الراهن، وأنه لا بد من تقليل الدعم على المدى الطويل لتخفيف الأعباء على الموازنة العامة. ومع ذلك، لا تقدم الحكومة ما يكفي من الشفافية حول آلية التسعير، ولا تبين بشكل واضح كيفية توزيع المكاسب الناتجة عن رفع الأسعار مقارنة بالخسائر التي يتحملها المواطنون، الذين هم في الأساس من يدفع ثمن الإصلاحات الاقتصادية التي لا تُقاس بالعدالة.

 

علاوة على ذلك، فإن استمرارية الحكومة في فرض ضرائب غير مباشرة، في ظل عدم وجود رقابة كافية على هوامش الربح في القطاعات المحتكرة، يُعتبر خطأً فادحًا، إذ أن هذا يفاقم من غلاء الأسعار ولا يساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين.

 

الخلاصة إن قرار حكومة مدبولي برفع أسعار الوقود هو خطوة تساهم في زيادة معاناة المواطنين في ظل موجات الغلاء المتزايدة. في الوقت نفسه، تظل الحكومة بعيدة عن إيجاد حلول جذرية لمواجهة آثار هذه الزيادة على الطبقات الفقيرة والمتوسطة. إن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 9 آلاف جنيه يجب أن يكون أولوية، بما يتماشى مع الظروف الاقتصادية الحالية، وإلا ستظل كلفة الإصلاح تُرحَّل إلى من لا طاقة لهم بتحملها.