شهدت محافظة الدقهلية شمال مصر واقعة مأساوية يوم الأحد، حين قام طالب بالمرحلة الإعدادية بطعن زميله بمفك خلال مشاجرة مدرسية في قرية الحصص بمركز شربين. الضحية كان يدعى زياد السعيد علي الشافعي، في الصف الثاني الإعدادي، وتلقى جرحًا قطعيًا عميقًا في الرأس أدى إلى وفاته قبل وصوله إلى المستشفى. المشاجرة بدأت برش المياه بين الطلاب على سبيل المزاح ثم تحولت إلى مشادة كلامية وتصعيد بالعنف، انتهى باستخدام أداة حادة (مفك) في الاعتداء.
تفشي العنف في المدارس المصرية
هذه الحادثة ليست حالة معزولة في مصر، بل تعكس واقعًا صعبًا يكشف تصاعد معدلات العنف والبلطجة داخل المدارس بجميع أنواعها: الحكومية، الرسمية، اللغات، المعاهد، والمدارس الخاصة والدولية. هناك توثيق متكرر لحوادث مشاجرات وحوادث اعتداء بدنية بالأسلحة البيضاء داخل المدارس، منها حادثة وفاة طالب "آدم" في الإسكندرية إثر تعدي زملائه عليه بالضرب بعد خلاف بسيط حول مستلزمات مدرسية.
كما تم رصد اعتداءات على المعلمين وكوادر المدرسة، مما يفاقم من تفشي العنف ويضعف دور المدرسة في توفير بيئة تعليمية آمنة. تصاعدت مشاهد البلطجة وأسلوب القوة واستعراض العضلات بين الطلاب، ليس فقط في المدارس الحكومية بل حتى في المدارس الدولية التي يفترض فيها توفير بيئة تربية أفضل.
أبرز الحوادث والتواريخ:
في 14 يوليو 2025، وقعت مشاجرة داخل كلية التكنولوجيا والمدرسة الإيطالية في الفيوم، أسفرت عن إصابة خمسة طلاب نتيجة تصاعد الشجار بينهم أثناء تواجدهم بالمدرسة.
في 23 سبتمبر 2025، نشبت مشاجرة بين طالبين في إحدى المدارس بالجيزة، بسبب خلافات على المزاح، وتم ضبط طرفي المشاجرة من قبل الشرطة، دون إصابات.
في 29 سبتمبر 2025، وقعت مشاجرة أخرى أمام مدرسة في حي مصر القديمة بالقاهرة، بين طالبات، وأسفرت عن إصابة طالبة بكدمات في الرأس، وتم القبض على المتورطين.
في 18 يناير 2025، شهدت إحدى مدارس التجمع القبطي مشاجرة بين طالبات، حيث اعتدت إحداهن لفظيًا وجسديًا على زميلتها، مما أثار استياء وتداولت مقاطع الفيديو لهذا الحادث على وسائل التواصل.
في 20 يناير 2025، أُبلغ عن حادثة اعتداء على طالبة في مدرسة كابيتال الدولية، حيث قام بعض الطالبات بضرب زميلتهن بشكل عنيف، مما أدى إلى فصل نهائي لثلاث منهن ودخول القضية إلى النيابة بعد بلاغ من ولي أمر الطالبة المعتدى عليها.
في أكتوبر 2025، تكرر وقوع مشاجرات في المدارس بمحافظات مختلفة، منها مشاجرة في مدرسة هدى شعراوي الإعدادية بنات، حيث اعتدى طالبات على زميلاتهن، وفي مدرسة عبد المجيد عامر بمحافظة القليوبية، حيث تعرض المعلم للاعتداء من قبل طالب وذويه، وكلها أحداث تسببت في حالات إصابة واستنكار شديد من أولياء الأمور والجهات الأمنية.
كما شهدت المدارس والجامعات خلال الأشهر الماضية، عدة حالات عنف وتعدي جسدي، وانتهاك قد تصل حد القتل كما حدث في الدقهلية حين أُصيبت فتاة قبل أن توفى إثر مشاجرة، كما تكررت حالات مشابهة في جامعات أخرى أدت إلى إصابات واعتداءات على الطلاب والكادر التعليمي
فشل حكومي
رغم ما أعلنته وزارة التربية والتعليم من إجراءات رادعة وصارمة مثل فصل الطلاب المتورطين في أعمال عنف، وتطبيق لوائح انضباط جديدة، إلا أن هذه الإجراءات لا تبدو كافية أو فعالة في الحد من تفشي العنف. حوادث العنف المدرسي تتكرر بشكل مستمر مع فشل واضح في إحداث تغيير جذري. هناك غياب واضح للاستراتيجيات المتكاملة التي تشمل التوعية والتأهيل النفسي والاجتماعي للطلاب وأسرهم، فضلاً عن تجاهل أسباب المشكلة الحقيقية التي تكمن في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والمعاناة النفسية للأطفال والمراهقين.
اللجوء للحلول الأمنية فقط، كما حصل في الجامعات المصرية، مثل السماح لقوات الأمن بدخول أسوار الجامعات، لم يمنع وقوع الاشتباكات والاعتداءات، مما يوثق فشل منهج القمع والإجراءات الأمنية المخالفة لحقوق الطلاب.
وأخيرا فحادثة قتل الطالب في الدقهلية هي صورة قاتمة لما آلت إليه أوضاع المدارس في مصر اليوم، من حيث تفشي العنف والبلطجة بين الطلاب، سواء في المدارس الحكومية، أو اللغات، أو الخاصة والدولية. الأسباب تتعدى الخلافات البسيطة وتصب في ضعف النظام التربوي، والفقر، وانتشار سلوكيات العنف في المجتمع، إلى جانب فشل الإجراءات الحكومية في التصدي بفعالية لهذه الظاهرة. تتطلب الأزمة معالجة شاملة تتضمن نهجًا تربويًا واجتماعيًا نفسيًا، وليس مجرد إجراءات عقابية.

