يعاني السواد الأعظم من المصريين من تدهور حاد في الأوضاع المعيشية في ظل تدني الأجور وارتفاع الأسعار، كأحد ثمار سياسة الاقتراض التي تنتهجها حكومة الانقلاب، والإذعان لمطالبات صندوق النقد برفع الدعم عن الخدمات الأساسية مقابل استكمال صرف دفعات قرض ممتد بقيمة 8 مليارات دولار.
ويواجه المصريون معدلات تضخم مرتفعة منذ أوائل 2022 في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، مما أدى إلى سحب مستثمرين أجانب مليارات الدولارات من أذون الخزانة المصرية.
ولجأت حكومة الانقلاب في مواجهة أزمة اقتصادية ممتدة ونقصًا مزمنًا في العملة الأجنبية إلى طلب قرض حجمه 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لتحقيق الاستقرار في اقتصادها.
وأقرت حكومة الانقلاب مؤخرًا، زيادة جديدة في أسعار الوقود، بقيمة جنيهين دفعة واحدة في اللتر، وهي الزيادة الثانية من نوعها عقب الزيادة التي أقرت في مارس الماضي.
وارتفع سعر بنزين 95 من 19 جنيهًا إلى 21 جنيهًا للتر، وبنزين 92 من 17.25 إلى 19.25 جنيهًا، وبنزين 80 من 15.75 إلى 17.75 جنيهًا، كما زاد سعر السولار من 15.5 إلى 17.5 جنيهًا للتر. أما غاز السيارات فارتفع سعره من 7 جنيهات إلى 10 جنيهات للمتر المكعب، بينما ارتفع سعر أسطوانة غاز الطبخ إلى 225 جنيهًا.
انتقادات عمرو أديب
اللافت للانتباه، خروج انتقادات من جانب الإعلام الموالي للأجهزة الأمنية عقب الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود، لما يترتب عليها من زيادات في أسعار السلع والخدمات الأساسية، في الوقت الذي يتصاعد فيه حجم الغضب المكتوم بين المصريين جراء ارتفاع الأسعار بشكل فاق إمكانية كثير من المصريين خلال السنوات الأخيرة.
وقال الإعلامي عمرو أديب إن الزيادات الأخيرة في الأسعار تضغط بشكل كبير على المواطنين، خاصة الطبقة المتوسطة، وطالب حكومة مدبولي باتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف الأعباء. معلقا: "مش ضد رفع الأسعار، بس لازم توضيح وتواصل، الناس اللي دخلها 20 أو 25 ألف بتصوت مش بس الغلابة اللي موجوعين، كل الناس تعبانة"، وأضاف:" صندوق النقد لم يطلب من مصر رفع أسعار الوقود".
على الرغم من أن انتقادات أديب قد تبدو للبعض مثار سخرية، لكنها تعكس شعورًا متزايدًا في أوساط الإعلام الموالي للانقلاب بأن الأوضاع قد تجازوت حدود العقل والمنطق، في ظل تآكل القيمة الشرائية للجنيه، وتدني مستوى الدخل في بلد يعيش أكثر من 66 بالمائة من سكانه تحت خط الفقر، بحسب البنك الدولي.
زيادة تكاليف الغذاء والشراب 200 بالمائة
وتظهر تقارير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن تكاليف الغذاء والشراب زادت بنحو 200 بالمائة خلال الفترة التي ارتفع فيها سعر الدولار من 6 جنيهات إلى 24 جنيهًا، ويمثل الغذاء المكوِّن الأكبر في إنفاق الأسرة المصرية بنسبة 37 بالمائة مما يجعل لزيادته أثرًا مهمًا على مستوى معيشة الملايين من الأسر المصرية.
ونتيجة لذلك، لجأت كثير من الأسر في مصر إلى إعادة ترتيب أولويات الأنفاق، وباتت تقتصر على شراء السلع الضرورية التي لا يمكن بحال الاستغاء عنها، وتوقفت عن شراء سلع أخرى كانت فيما مضى جزءًا أساسيًا من احتياجاتها.
إذ باتت احتياجات أي أسرة مكونة من 4 أفراد لا تقل عن 25 ألف جنيه شهريًا، وهو ما يفوق معدلات الأجور المتعارف عليها في مصر للعاملين في القطاع الحكومي والخاص.
وأعلنت حكومة الانقلاب، رفع الحد الأدنى لأجور موظفي القطاع العام إلى 7 آلاف جنيه شهريًا اعتبارًا من يوليو 2025. كما أُعلن في فبراير الماضي عن رفع الحد الأدنى لأجور العاملين في القطاع الخاص إلى 7 آلاف جنيه شهريًا.
ويظهر ذلك حجم التفاوت في أجور وإنفاق المصريين، مما يفاقم معاناة الطبقة المتوسطة والفقيرة في توفير الاحتياجات المعيشية الأساسية، ودفع كثيرين إلى مضاعفة ساعات العمل، والعمل في وظائف أخرى أضافية لتحقيق الاستقرار المعيشي لأسرهم.

