في تطور جديد يكشف حجم القمع الذي تمارسه السلطة في مصر، أطلقت الإعلامية منى الشاذلي نداءً مؤثرًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، أكدت فيه أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ينكّل ويروّع أفراد أسرتها المتبقين داخل مصر في محاولة لإسكاتها إلى الأبد، محمّلةً إياه المسؤولية الكاملة عن أمنهم وسلامتهم.
هذه الرسالة لم تكن مجرد استغاثة شخصية، بل تعكس مأساة أوسع تطال عائلات معارضين ونشطاء يعيشون تحت تهديد دائم بسبب مواقف ذويهم.

ونشرت منى فيديو على صفحتها على تويتر، قائلة: "#الارهابي #السيسي ينكل ويروّع أفراد أسرتي المتبقين داخل #مصر لمحاولة إسكاتي للأبد، وأنا أحمّله مسؤولية أمنهم وسلامتهم".

 

سياسة العقاب الجماعي
ما كشفته منى الشاذلي يندرج ضمن ما يسميه خبراء حقوق الإنسان بـ"العقاب الجماعي"، وهي سياسة اعتاد نظام الانقلاب في مصر على ممارستها منذ سنوات.
فعندما يفشل في إخضاع معارض في الخارج، يوجّه أجهزته الأمنية للضغط على أسرته في الداخل من خلال المداهمات الليلية، أو الاستدعاءات المتكررة، أو الحرمان من الحقوق الأساسية.
هذه الممارسات لا تستهدف فقط إخضاع الأفراد، بل ترسل رسالة تخويف للمجتمع بأسره: "أي محاولة لرفع الصوت ستدفع ثمنها أنت وأهلك".
 

خبراء: جريمة لا تسقط بالتقادم
الخبير القانوني محمود رفعت أوضح أن ما يحدث "جريمة يعاقب عليها القانون الدولي"، مشيرًا إلى أن استهداف الأبرياء لأسباب سياسية يمكن أن يُصنّف ضمن جرائم ضد الإنسانية.
وأضاف: "عندما يستخدم النظام عائلات المعارضين كورقة ضغط، فإنه يقرّ ضمنيًا بفشله في المواجهة السياسية والفكرية، ويضع نفسه تحت طائلة المحاسبة الدولية".

من جانبه، اعتبر الكاتب الصحفي سليم عزوز أن رسالة منى الشاذلي "فضحت النظام على الملأ"، قائلًا: "النظام الذي يخشى صوت إعلامية في الخارج ويعاقب أسرتها في الداخل، هو نظام يعيش أضعف مراحله. هذا السلوك لا يصدر عن سلطة واثقة، بل عن سلطة مأزومة تخشى سقوطها".
 

شهادات متكررة ومعاناة ممتدة
ليست منى الشاذلي وحدها من رفعت صوتها بهذا الشكل.
تقارير حقوقية أكدت أن العديد من عائلات المعارضين تعاني المصير نفسه.
فأسرة الفنان والمقاول محمد علي تعرضت لضغوط أمنية بعد كشفه قضايا فساد تتعلق بالجيش والرئاسة.
كما طالت المضايقات أقارب الكاتب علاء الأسواني، وأسر عشرات النشطاء المنتمين لتيارات سياسية مختلفة.
كل هذه الشهادات تعكس نمطًا متكررًا يكشف عن استخدام الأسر كـ"رهائن" في معركة النظام ضد خصومه.
 

غضب شعبي مكتوم
تصريحات منى الشاذلي أثارت موجة تضامن واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها كثيرون مرآةً لما يعانيه آلاف المصريين بصمت.
كتب أحد المعلقين: "اليوم يستهدفون منى وأهلها، وغدًا قد يكون أي مواطن ضحية. القمع لا يعرف حدودًا".
بينما رأى آخرون أن "التنكيل بالأسر مؤشر خطير على أن النظام لم يعد يملك سوى العصا الأمنية لإدارة المجتمع".

وعلق أبو علي: 

 

وطالب سعد: 

 

وقال سناب: 


 

أبعاد سياسية وأخلاقية
سياسة استهداف الأسر لا تمثل فقط انتهاكًا قانونيًا، بل تكشف أيضًا عن أزمة أخلاقية عميقة.
النظام الذي يزعم حماية الوطن لا يتردد في تمزيق النسيج الاجتماعي وإرهاب العائلات.
وفي الوقت نفسه، يسعى إلى تصدير صورة زائفة عن الاستقرار والشرعية إلى الخارج.
هذه الازدواجية لم تعد تنطلي على كثير من المراقبين، بل باتت فضيحة معلنة تلاحق السيسي وحكومته في المحافل الدولية.
 

مسؤولية مباشرة على السيسي
نداء منى الشاذلي يجب أن يُقرأ بوصفه تحذيرًا جديًا من مغبة الاستمرار في هذه السياسة.
فالمسؤولية الكاملة عن أمن وسلامة أفراد أسرتها، كما غيرهم من أسر المعارضين، تقع على عاتق عبد الفتاح السيسي شخصيًا.
استمرار هذا النهج لن يؤدي إلا إلى مزيد من عزلة النظام داخليًا وخارجيًا، وإلى تراكم الغضب الشعبي الذي قد ينفجر في أي لحظة.

في النهاية، لا يمكن إسكات الأصوات الحرة مهما اشتد القمع.
فالتاريخ علّمنا أن الأنظمة التي تُرهب الأبرياء لتخفي فسادها لا تدوم طويلًا.
صرخة منى الشاذلي اليوم ليست مجرد استغاثة شخصية، بل وثيقة إدانة جديدة تضاف إلى سجل نظام يزداد قتامة، وتذكير بأن الحرية أثمن من أن تُقايض بالخوف.