محمد السروجي
ردة حضارية وديمقراطية تعانيها بعض القوى المسماة بالمدنية على خريطة العمل السياسي المصري ، فبعد سنوات طوال من التنظير الفلسفي والتأصيل السياسي للتغيير الديمقراطي عبر صندوق الاقتراع ، وبعد ثورة سلمية رائعة وملهمة بحجم ثورة 25 يناير.
فرضت هذه القوى علينا جميعاً أجواء مقصودة من الانفلات العام الذي انتقل من مربعات الحوارات الناعمة والخشنة والتظاهرات السلمية والسجالات المشروعة إلى مربعات العنف والعصابات الملثمة تحت غطاء سياسي وإعلامي غير أمين ولا برئ يبرر أجواء العنف والنهب والسلب بخلفيات سياسية مريضة تسفر في الأخير عن المزيد من الخسائر المادية والبشرية ليكون الخاسر الأكبر هو الوطن وليس بقايا الساسة والإعلاميين الخاسرون منذ اللحظات الأولى.
مجموعات ملثمة لا نعرف من هم وماذا يريدون وإلى أي تيار سياسي أو جناح عسكري ينتمون؟ شعارات عنف معلنة وممارسات خراب مشهودة واعتداء آثم على المدارس والفنادق والممتلكات وقطع الطرق والكباري وخطوط المترو ثم الظهور على فضائيات الفتنة وشق الصف بمظهر إجرامي وآثم مخالفة لكل الأعراف والقوانين ومواثيق الشرف المهني والأخلاقي، ماذا ننتظر إذاً؟ أين الحسم الأمني وفقاً للقانون حماية للأموال والأعراض والممتلكات بل وللوطن؟ هل يخشى البعض القفز الإعلامي لدكاكين حقوق الإنسان التي تساهم وبدرجة غير مسبوقة في معارك الاستنزاف لمقدرات الوطن؟ هل يخشى البعض الكائنات الفضائية فارغة الشكل والمضمون؟ المسألة مازالت تحت السيطرة لكنها غير مضمونة ولا مأمونة، فقد يغري البعض أجواء التساهل والترهل الأمني، وبالتأكيد سيغري البعض الأموال والمنح والعطايا بغير حساب في أجواء البطالة والفقر والحاجة.
من الخطأ والخطر أن نترك جهاز الشرطة المخترق من بقايا أمن الدولة وشبكات المصالح وتجار المخدرات والآثار والسلاح، من الخطأ والخطر أن نترك جهاز الشرطة خاصة الشرفاء فيه لاختبارات قد ينجح أو يفشل فيها، من الخطأ والخطر أن ندخل الجيش في اختبار مع الشعب لاعتبارات في الغالب غير مأمونة ولا مضمونة في ظل تدخل إقليمي ودولي واضح، لكن هناك بدائل شعبية وأهلية رائعة ومضمونة التنفيذ والعواقب معاً، هي العودة المحسوبة والمنضبطة للجان الشعبية بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية وتحت إشرافها للقيام بمهمة سهلة وميسرة وتبني حملة تطهير تقوم فيها هذه اللجان الشعبية بطريقة سلمية ونقية بمحاصرة ومطاردة والإمساك بفرق ومليشيات البلطجة والخراب وتسليمها لأجهزة الأمن.
المسألة ليست كميا كما يقول الشباب الوطني المتحمس لكنها وسيلة ناجعة لعلاج أزمة أمنية مفتعلة ومقصودة، بل ووقاية من ردود أفعال شعبية وطنية ومتحمسة لكنها قد تكون فردية أو عشوائية تفرض علينا معارك استنزاف وعنف نحن في غن عنها، الشعب هو الحل، الشعب يريد، هذا هو الواقع الحالي وبالتالي يجب أن يتحرك الشعب لحماية نفسه ودولته ومؤسساته وأملاكه وأعراضه قبل فوات الأوان، عندما يتحرك الشعب أو قطاع كبير من الشعب سنغلق الأبواب كل الأبواب على ميلشيات الخراب وغبار الإعلام وأموال الفسدة والمخربين ، الشعب هو الحل والأجهزة الأمنية جزء هام وحيوي ووطني لكنها وحدها وسط هذا الركام لا تكفي، الموقف مازال تحت السيطرة لكن مع حتمية الحسم الشعبي .... حفظك الله يا مصر ....
إشارة :
عندما يهدد الأمن القومي فلابد أن يتقدم حق الوطن على حقوق بعض المواطنين "رئيس الوزراء البريطاني خلال الشغب في ضواحي لندن".
________________
المستشار الإعلامي لوزير التربية والتعليم

