م/ عصام السعيد

كنت في مناسبة عائلية.. اجتمعتُ فيها مع كثير من أفراد العائلة الكرام في جوٍ من الفرحة والسعادة، وتناولنا الحديث عن مصر الجديدة وعن رئيسها المحترم د/ محمد مرسى، وعن حزب الأغلبية؛ حزب الحرية والعدالة، وعن مواقفه وجهوده فى النهوض بالوطن - بحكم وجوده في موقع المسئولية الآن - مع شركاء الأمانة والمسئولية من القوى السياسية والشبابية والشخصيات الوطنية العامة.

فاجأني أحد الحاضرين بطلب شخصي مقرون بعرض مالي - بحكم وجودي في حزب الحرية والعدالة والإخوان - فطلب مني المساعدة في استخراج تراخيص منفذ بيع اسطوانات البوتاجاز مقابل أن أكون شريك له بالنصف فى هذا المشروع، وهذا العرض يأتي من فردٍ لا يمكن له أن يعرض عليَّ مثل هذا العرض لو لم يكن متأكدًا - من وجهة نظره - أنه يمكن الاستفادة مني..

تذكرت لحظتها قول الله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون} وقول المفسرين أن الرشوة من أشد أنواع أكل الأموال بالباطل، لأنها دفع المال إلى الغير لقصد إحالته عن الحق.. والرشوة من أنواع السحت المحرم بالقرآن والسنة، فقد ذمّ الله آكلي السحت: {سَمّاعُونَ لِلكَذِبِ أَكّالُونَ للسُّحت} وقال صلى الله عليه وسلم: «كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به ، قيل: وما السحت؟ قال: الرشوة في الحكم»

وكان ردي الطبيعي المباشر في هذا الموقف: أتظن أننا كإخوان مسلمين أو حزب الحرية والعدالة يمكن أن نقبل مثل هذه العروض التى ننتفع بها مقابل عملنا بالشان العام؟! أو مقابل خدمة الناس وخدمة الوطن!!

"أظنك أخطأت العنوان"

أظنك تستحضر في ذهنك صورة بعض الفاسدين المفسدين من أعضاء الحزب الحاكم البائد..

لماذا كانت الثورة والدماء إذًا.. ألا تعلم أن رسول الله قال: ((لعن الله الراشي والمرتشي والرائش))، أترضى لي أن أكون ملعونًا عند الله؟!

ونبَّه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن ما يأخذه المسئول من المتعاملين معه بسبب مكانته هو رشوة أياً كانت تسميتها، فقال: ((هدايا العمال غلول)) والغلول هو الخيانة .. أترضى أن أكون خائنا في أعين الناس؟!.

نحن يا سيدي لم نتصدر الشأن العام لتحقيق مصالح شخصية أو مكاسب مادية أو وجاهة اجتماعية..

 نحن نقوم بهذا الواجب حسبةً لله وابتغاء مرضاته، نرجو ثوابه، ونرجو النفع العام للأفراد، والصالح العام للوطن..

نرجو نجاح المشروع الإسلامي لنهضة الأمة الذي نوقن أنه الحل الأمثل لمشكلات وطننا وأمتنا والعالم أجمع..

ونحن إذ نقوم بهذا العمل نتحمل في سبيله كثيرًا من المشقة والجهد والإنفاق، وغيرها من التضحيات، ونحتسب ذلك عند الله.

ونحن يا سيدى نكتسب قوتنا فى الحق ومكانتنا لدى كل مسئول وجرأتنا في فتح ملفات الفساد من إيماننا بالله، وإيماننا بسموِّ فكرتنا الإسلامية، وكفاية مشروعنا الإسلامي الحضاري..

ونكتسب قوتنا من نظافة أيدينا وترفُّعنا عن المنفعة الشخصية، وعدم سعينا للمصالح الخاصة وحرصنا على المال العام وصيانته، وحرصنا على الشأن العام، وبالجملة مراقبتنا لله تعالى فى كل ما نفعل.

 وحينما تضيع منا هذه الأدوات تضيع قوتنا وجرأتنا في الحق، وقدرتنا في الإنجاز على الأرض، خصوصًا مع ملفات الفساد المنتشرة.

يا سيدي نحن في الإخوان أو فى حزب الحرية والعدالة لا يستطيع أحد مجرد أن يفكر فى أن يطلب من زميلٍ له أو من هو فى موضع مسئولية أعلى منه أو أقل منه – أن يطلب شيء لنفسه أو يخص أمر لأقاربه أو لذويه، ومن يسول له شيطانه أي هاجس من ذلك سيجد النهى والزجر والإبعاد، وليس هذا إلا العرف السائد بيننا – فنحن دائمًا بيننا خُلُق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر..

يا سيدي نحن في حزب الحرية والعدالة نُذكِّر أنفسنا دائما بآداب وأخلاق العمل العام وتصدر المواقع والمناصب إذا ابتلانا الله بها، ومنها:
1 - إخلاص النية لله سبحانه وتعالى.
2 - استحضار نية النفع العام للناس.
3 - التواضع في التعامل مع الناس.
4 - الكفاءة معيار لكل فردٍ في مكانته في الحزب وفي كل مهمة يكلفه الحزب بها.
5 - نسعى لأداء خدمات الناس ونترفع عن أي مصالح شخصية.

ونحن نخشى العقوبة فقد حذرنا النبي بأنه : (ما من ذنب أعظم أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخره لصاحبه في الآخرة من البغي) ..

ونحن معنيون بإظهار تجربة الإسلام في الحكم بأفضل ما يمكننا طمعا في التمكين لدين الله في الأرض وضرب النموذج الأفضل للعالم في الحكم عساه يكون داعيا لهم إلى الإيمان بالله ودينه الإسلام ..

نستعين على ذلك بما أمرنا الله به: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}..

غض قريبي طرفه محرجًا وقال لي: وفقكم الله لما فيه خير هذا الوطن .. وبمثل هذه الروح تنتصر الأوطان وتنهض البلاد وتعلو رايتها ..

أزلت عنه حرجه بالحديث في موضوع آخر..