محمد السروجي

حالة جديدة من الاشتباك في المربع الإعلامي والسياسي باختلاف ألوانه السياسية والفكرية ومرجعياته العقدية، اشتباك موجود في كل بلدان العالم الديمقراطي والاستبدادي، اشتباك يمارسه البعض وهو على مقاعد المعارضة ثم يعاني ويتضرر منه عند انتقاله وجلوسه على مقاعد الحكم واتخاذ القرار، ويمارسه البعض للمعارضة والمعارضة فقط ، في جميع الأحوال لم ولن يختفي هذا الاشتباك لكن قد تختلف حدته ونسبته، هذا ما تعانيه الساحة السياسية المصرية الآن، لذا أطرح بعض النقاط قياماً بالواجب الشرعي والمسئولية الوطنية، منها:

** الإعلام أحد أهم أدوات الرقابة والمساءلة وهو شريك متضامن في بناء مصر ما بعد الثورة ، بناء الإنسان المصري وبناء مؤسسات الدولة المصرية

** الإعلام أكثر من غيره تأثيراً في ترسيخ أجواء وثقافات الحرية والديمقراطية والنظام والانضباط ، ترسيخ قيم التسامح والتعايش والقبول ، لا قيم الاستبداد والحذف والاشتباك بل وأحياناً إثارة الفتن

 ** حرية التعبير والمعارضة والتقويم حق مشروع لكل المصريين ، ومحاولة البعض التمييز لجعل مربع الإعلام دون غيره على صدره وسام أو على رأسه ريشه بل يطالب له  بحصانة مثل القضاة أو نواب البرلمان ، يصادم القيم الديمقراطية والحقوق السياسية ولن يكون !

** حرية الكلمة مسئولية لها تبعات سياسية وأدبية وقانونية ، وبالتالي حرية الرأي والرأي الاخر تحكمها الحقوق والواجبات المتبادلة ، أي انه ليس من العدالة والمساواة أن يعبر طرف بل قد يتجاوز ويسئ ، وحين الرد عليه أو مقاضاته يدخلنا البعض في مربعات الارهاب الفكري والابتزاز السياسي بدعوى تكميم الأفواه ومصادرة الحريات

** تجنب فرض الوصاية من أحدٍ على أحدٍ سواء كانت الوصاية الدينية أو الفكرية ، خاصةً من النخبة التي اكتشفت أنها تحتاج لمعرفةٍ معمقةٍ بالشعب المصري وسماته الشخصية.

** مراجعة الإعلام بصفةٍ عامة، والخاص في المقدمة، لأدائه في الفترة السابقة، وسيكتشف أنه سارٍ ولمسافات طويلة في الاتجاه المعاكس، لكن فرص التصحيح ما زالت متاحة ومطلوبة

** مهمة الإصلاح والتطوير وحل الأزمات المستعصية والمتعمدة أحيانًا، لا يقوى عليها فصيل منفرد مهما كانت إمكاناته؛ لذا فالعمل المشترك هو السبيل الوحيد .

** طي صفحات الماضي وما بها من أخطاء بل وخطايا، وبدء صفحة جديدة يحكمها القبول المتبادل والتسامح والتعايش

خلاصة الطرح

المرحلة التي نحياها جديرة بثقافة ولغة مختلفة تناسب هذا التغيير الهائل في المشهد العام، الأجواء تؤكد أن شعار "الشعب يريد" أصبح منهجًا علميًّا وعمليًّا لا فكاكَ منه ولا يمكن تجاوزه ولا يمكن الاستغناء عنه لأنه أكبر ضمانة للثورة والدولة معًا، الشعب كلٌّ كبير، وغيره أجزاء مهما ظنَّ بعضها هواجس وأمراض التضخم الوهمي ، نحن بحاجةٍ لثقافة وحدوية ولغة خطاب تصالحي  يعتبر كل الأطياف؛ نعم الإعلام المهني والأخلاقي من اهم أدوات الرقابة ، ولكن يجب ألا ينسى هو أو غيره أن الرقابة والإرادة الشعبية هي الأصل التي بموجبها يمنح الشعب أو يمنع لأنه صاحب السلطة والكلمة العليا دون غيره.

_______________

كاتب مصري