استغلال بعض النشطاء السياسيين في القاهرة الهجوم الإجرامي على جنودنا وضباطنا في سيناء لتصفية حساباتهم مع الرئيس مرسي، بمنزلة جريمة أخرى في وقت حرب إرهاب صريحة تشنُّ على مصر مدعومة بتمويل دولي.

ما يكتبه هؤلاء أو يقولونه يبتعد عن الحقائق، فاليد الأمنية لمصر مغلولة في سيناء، ويمكن لأي عناصر إجرامية التحرك بسهولة على النحو الذي بوغت به المركز الأمني على بوابة رفح، حين كان الشهداء يتناولون إفطارهم.

تحويل الأنظار عن الأسباب الحقيقية وترديد الاتهامات الإسرائيلية، يقوم به نشطاء في القاهرة مثل محمد أبو حامد المتهم بالتحريض على اغتيال حارس مسكين لمقر حزب الحرية والعدالة في المقطم.

عندما يتحول الجدل السياسي إلى تحريض على اغتيال المختلفين في الرأي، يجب أن يتحرك الأمن فورًا، وإلاّ ستصير مصر ميليشيات مسلحة تأخذ ثأرها بأيديها في غيبة الدولة.

أبو حامد ونشطاء غيره تبنوا تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو ووزير دفاعه باراك، اللذين انتقدا مصر بشدة لإطلاقها الإسلاميين الذين اعتقلهم النظام المخلوع، وفتح معبر رفح مع غزة.

لم يلفت نظر بعض نشطاء القاهرة الذين يخاصمون مرسي أن حصار غزة والحروب الإسرائيلية المدمرة التي شنت عليها لم يوفِّر أي تأمين لسيناء في عهد مبارك وجهازه الأمني الحديدي وعلاقاته الممتازة مع إسرائيل، رغم ما كان يجري من تبادل للمعلومات بين جهازي المخابرات المصرية برئاسة عمر سليمان، وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية كالشاباك والموساد.

إسرائيل التي تطالب مصر ببسط سيطرتها الأمنية على سيناء، هي نفسها التي لا تسمح إلا بوجود رمزي لشرطة مصرية بتسليح بسيط لا يتيح لها مقاومة الإرهابيين، وقد أكد ذلك أدمن المجلس العسكري في بيان تشعر بالمرارة بين سطوره، مشيرًا إلى استغلال المهاجمين لعدم خبرة الشرطة، فأنهوا عمليتهم الإجرامية بسهولة وخطفوا المدرعتين، ثم نجحت طائرة إسرائيلية في ضرب إحداها وقتل سبعة مسلحين.

طيراننا -للأسف- لا يستطيع الطيران في تلك المنطقة بسبب قيود كامب ديفيد، إضافةً إلى افتقاد الاتصالات الحديثة التي تتيح له إغاثة الجنود والضباط في سيناء، فالهجوم وقع والضحايا سقطوا، وإسرائيل تحركت واصطادت بعض المهاجمين، فيما أجهزتنا علمت بذلك كما يعلمه مواطن بسيط في أسوان مثلاً من خلال الإعلام!!

ثم يأتي الجنرال السابق سيف اليزل ليقول: إن الهجوم تزامن مع إفطار بعض قيادات المخابرات المصرية وشيوخ سيناء، وهو قول يدفع للغضب، فالمفترض أن تلك القيادات علمت بتحذيرات الشاباك للسائحين الإسرائيليين من هجوم وشيك قبل عدة أيام، ولديهم اتصالاتهم المعلوماتية التي تتيح لهم تقييم هذه المعلومات والاستعداد جيدًا وأخذ الاحتياطات اللازمة، والمؤكد أن ذلك كله لم يحدث.

تقصير شديد من أجهزتنا مقابل يقظة إسرائيلية افتخر بها نتنياهو ووزير دفاعه، فكان الشاباك على حد قولهما مستعدًّا للتعامل الفوري، وأرسل طائرة اصطادت إحدى المدرعتين المخطوفتين من المركز الأمني المصري، وقتل سبعة من المسلحين.

سيناء لن تكون آمنة بدون بسط مصر لسيادتها السياسية والأمنية عليها. قبول القاهرة بالأوضاع الحالية، يعني استمرار التضحية بأرواح جنود وضباط ندفعهم لمحرقة الإرهاب بدون سلاح أو ظهير.