م/ محمد أنور رياض
ماذا تفعل لو كنت أنت الجالس علي كرسي نتانياهو رئيس وزراء الدولة التي سموها بإسرائيل ــ اصبر علي ــ فأنا أعرف أن لو لا تفتح بابا واحدا للشيطان وإنما تفتح ـ أيضا ــ كل أبواب الفضائيات المتحالفة معه ... لنفرض فرضا أنه قد حدث ولنفرض أنك يا نتايناهو المصري الذي انتحل صفته وليس صورته ورسمه وفوجئت بثورة تطيح بكل أحلام بني اسرائيل في شل قدرة أكبر تكتل سكاني يقع علي مرمي حجر من حدود دولتك .... ثورة أطاحت بالكنز الاسترارتيجي الذي وضع بلده في بؤرة التوتر المستمر طبقا للنظرية المعتمدة ( under controlled tension ) والتي تقضي بتفريغ كل مؤسسات الدولة من كل عمل جاد وحقيقي لتصبح لافتات بلا معني فالتعليم بلا تعليم ومدرسة بلا تدريس وتربية في غيبة وغيبوبة من المربي فاقد الهمة والتأهيل ومشافي بلا علاج ما بين نقص في الدواء وطبيب حائر بين وفائه لقسمه الطبي وشح في دخل لا يحقق له ضرورات الحياة خاضع لإدارة متخلفة وروتين غبي وخارجية لخصت كونداليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا ولع وزيرها بالسفريات والبحث عن النبيذ الجيد ... و ,,, وحتي الأوقاف التي ترك وزيرها المساجد لتصبح واحدة من فروع أمن الدولة ليصبح كل همه أن يوحد الأذان لينال الرضا من كل من تشنف أذنه طبول الدسكو ويزعجه نداء الصلاة .... وهلم جرا قل ما شئت في الشرطة وتلفيقاتها ونظام التقاضي الممل وانهيار الاسر وتفسخ روابطها و.... مؤسسات ضرب العفن والفساد جذورها وفروعها ورموزها ومستويات إدارتها من أول وكيل الوزارة حتي تصل إلي الموظف الذي لا يحلو له إلا المشاركة في حفل الافطار الجماعي من الفول والطعمية والبدنجان المخلل وسط ملفات المواطنين رافعا شعارا لا يتنازل عنه وهو أبّجْني تجدني ... دولة حولها النظام الصديق إلي دولة مأزومة تخرج من مصيبة لتقع في كارثة مواطنها ضايع تائه مشتت لا يكاد يفيق من الضربات التي تتوالي علي رأسه في رتابة محسوبة لا تسمح له بالموت كما لا توفر له أمن الحياة و هذا هو المراد و غاية النظرية سابقة الذكر ... و ... لكن نحن نخطط ونريد وإرادة الله الغالبة تفعل ما تريد ... وكانت ثورة أطاحت بالنظرية ولكنها تركت الأطقم التي تدير هيكل الدولة الفارغ من مضمونه وهي الإدارة التنفيذية الكسيحة المناط بها مصالح العباد والتي لا تملك بقدراتها المتهالكة إنجاح أي عمل إصلاحي وإنما تملك بكفاءتها المتدينة إفشاله بامتياز.
طيب تعمل إيه يا نتانياهو لتجميد الحال علي ما هو عليه و إن أمكن أن تعيد هذا الشعب العملاق إلي القمقم ليعيش مرة أخري في غيبوبة و كأنها قدر لا فكاك له منه ....تعمل إيه يا نتانياهو ؟؟؟ ...العمل هو تحريك جميع الخلايا النائمة و الأعوان الذي تم زرعهم كما أفاد به رئيس الاستخبارات العسكرية الجنرال عاموس يادلين وهي كما يلي كما نشر في الإعلام:
أدلى الجنرال «عاموس يادلين»، الرئيس المنتهية ولايته لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان), بتصريحات فى حفل أقيم بمناسبة تسليمه مهام منصبه لخلفه الجنرال «آفيف كوخفى» استعرض أهم ما حققه جهازه الاستخباراتى من إنجازات خلال أربع سنوات ونصف قضاها على رأسه, سرد «يادلين» قائمة طويلة من المنجزات أبرزها أمران:
الأول: أن مسرح عمليات الجهاز يشمل المنطقة بأسرها دون تمييز بين دول «صديقة» وأخرى «عدوة»، أو دول «معتدلة» وأخرى «متطرفة», حيث يبدو أن كل الدول العربية والإسلامية تعد - من منظور هذا الجهاز - إما عدواً فعلياً أو عدواً محتملاً.
الثانى: أن مصر تقع فى القلب من أنشطة هذا الجهاز، ولاتزال تشكل أحد أهم مسارح عملياته. وليس هذا بكلام مرسل, يقال فى مناسبات كثيرة, وإنما هو عين ما قاله الرجل المسؤول عن أحد أهم أجهزة تنفيذ السياسات «الحقيقية» لإسرائيل.
ففي الفقرة التي تخص مصر فى تصريحاته, نصها كالتالى:
«لقد تطور العمل فى مصر حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979. فقد أحدثنا اختراقات سياسية وأمنية واقتصادية فى أكثر من موقع، ونجحنا فى تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى والاجتماعى لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً ومنقسمة إلى أكثر من شطر, لتعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية، ولكى يعجز أى نظام يأتى بعد حسنى مبارك فى معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشى فى هذا البلد».
هل هذا يفسر لنا ــ و نحن نعيش في النظام الذي جاء بعد مبارك ــ كيف تحولت كل مظاهرة رفعت شعارا نبيلا عن القصاص لدم الشهداء أو المطالبة بحق الجرحي أو تصحيح مسار الثورة أوأي إسم لمليونيات تكررت و تعدد ت ائتلافاتها و قواها وعددها الذي نافس عدد الليمون و التي غالبا ما تنتهي بحرب شوارع بالحجارة و المولوتوف و مثلما حدث عند مهاجمة سفارة اسرائيل و معها بالمرة سفارة السعودية و مديرية أمن الجيز و لا مانع من أن يخطف واحد من الثوار أو( المندس ) سيارة مطافي و سط الهوجة ... و هل هذا يفسر لنا ترك ميادين مصر الواسعة و الإصرار علي استهداف مقر المجلس العسكري أو التظاهر أمام مدرعات الجيش التي تحرس ممتلكات البلد بغية التحرش بها وجر الجيش إلي مستنقع من الدم ... هل هذا يفسر لنا رد فعل الشرطة الذي يتسم بالرغبة المسعورة في الانتقام من هزيمة ضاع معها هيبتهم و كأنهم يبدأون صباحهم بالدعاء إلي الله أن يرزقهم بمن يستفزهم و هل هذا يفسر لنا انتهاء كافة التحقيقات و تقصي الحقائق و تقارير حقوق الإنسان إلي متاهة وضرب الأخماس في أسداس ,و النتيجة دائما ما تعلق في رقبة طرف ثالث مندس يلبس طاقية الإخفاء بدون تحديد عما إذا كانت الطاقية صناعة صينية أم اسرائيلية... وعلي هذا لا يمكن لوم سوء الظن الذي قد لا يستثني بعضا من هذه الجهات من الاختراق...
البعض يستهجن تعليق الخيبة التي نري مظاهرها علي شماعة نظرية المؤامرة و لكنهم ينسون أن غالبية حوادث التاريخ صنعتها المؤامرات .... نجاح الثورة وضعنا أمام خيارين أحلاهما مر
الأول: أن تسحق الثورة كل عناصر الفساد ليس فقط من جميع رموز العهد البئيس و الشرطة و الإعلام وإنما ممن هم متلبسون بكل أركان الدولة بدء من كبار الموظفين إلي المستويات الأدني إلي المحليات مرورا بهيئة تدريس الجامعة ....إلخ إلخ ... وهو ما قد يؤدي إلي سقوط الدولة كلها ...
الثاني : أن ينطلق قطار الثورة في طريقه لإعادة بناء مؤسساتها الديموقراطية ساحقا و محاصرا لكل عناصر الثورة المضادة و هي عملية معقدة في حاجة إلي التكاتف من الجميع و الصبر و هو الطريق الأكثر أمنا وعدلا و لا يأخذ العاطل مع الباطل ...
فليذهب نتانياهو إلي الجحيم و لتخرج استخباراته أقذر مافي جرابها و ليتحرك الفلول و أمن الدولة المنحل في الظلام وسيكون سلاحنا في مواجهتهم هو الوعي بكيدهم و الإخلاص في العمل و كثرة الذكر و الدعاء...( و يمكرون ويمكر الله و الله خير الماكرين) ... (و الله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ...
و الوكسة مصيرهم ..

