20 / 02 / 2011

حازم سعيد :

دموع غزيرة انهالت من أعيننا جميعاً فى الأيام والأسابيع الأخيرة .. بين الفرح وبين الحزن ..
أما دموع الفرح فكانت حين بشرنا برحيل الطاغية .. ظللنا نبكى أنا وإخوانى وأحبابى كلما عانقنا بعضنا البعض ، فلم نكن نملك لا أعيننا ولا عقولنا ولا مشاعرنا .
وأما دموع الحزن التى ما زالت تصاحبنا .. فحين نرى صور شهداء الثورة الأبطال ، الذين كلهم فى عمر الزهور .. ووجوهم المضيئة المشرقة الباسمة ، هم الذين ترى فى نظراتهم جميعاً الأمل والبشر والتفاؤل .. وكأنهم كلهم يوجهون إلينا رسالة مليئة بالأمن والسلام ، أعينهم تقول لنا : لقد متنا من أجلكم ، ومن أجل أن تحيوا حياة كريمة آمنة مطمئنة بإذن الله ، لقد ضحينا بأنفسنا شهداء فى سبيل الله .. حتى ترفعوا رؤوسكم فلا تحنوها إلا لخالقكم ، لقد هانت علينا أرواحنا ودماؤنا وقدمناها لكم فداء .. فلا تتواضعوا لطاغية مرة أخرى أبداً ما دامت السموات والأرض .
أراهم وأتذكرهم ، وأشعر بأنفاسهم ، وبما ضحوا به من أجلنا ، وبما رزقهم الله سبحانه – بحسب نياتهم – من الفوز العظيم بالشهادة وبالحياة الهانئة الآمنة المطمئنة .. " ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتاً ، بل أحياء عند ربهم يرزقون " .
أرى أنه واجب على وعلى كل من يستطيع الكتابة أو التدوين أن يوثق لهم ، ويهدى لهم هذه الحروف ، فلقد أحيوا الأمل فى نفوسنا ، ثم ضحوا من أجلنا .. من أجل أن تسود قيم الحق والخير والعدل التى هى قيم الإسلام المجيد كل أنحاء مصر .
لقد هانت عليهم أرواحهم ونفوسهم فى لحظات ارتقاء إلى القمة السامقة ، فكانت منزلة الشهادة .. وكان استحقاقهم أن يخلد ذكرهم فى الدنيا بأمثال هذه الكتابات والإهداءات ، وفى الآخرة برضوان الله – بإذنه ورحمته –
 شهداء الثورة المباركين
مصطفى الصاوى .. أحمد بسيونى .. إسلام بكير .. سيف الله مصطفى .. كريم بنونة .. سالى زهران .. حسين طه .. محمد عماد حسين .. أحمد إيهاب .. محمد عبد المنعم حسين .. عمرو غريب .. محمد راشد .. محمود سعيد هدية .. إسلام رأفت .. محمد جمال سليم .. ياسر شعيب .. هدير عادل سليمان
أسماء لأطهار وشرفاء وشهداء ضمن 365 شهيد من شهداء الثورة .. أحسبهم أحياء عند ربهم يرزقون .. أكتب لهم هذه السطور تحية حب وتقدير وفخر لأنى كنت واحداً ممن شهد ثورتهم وأيدها وبارك لها ودعمها بما استطاع من جهد المقل .
إن دورنا مع أولئك الشباب لا ينبغى أن يتوقف عند حد الإهداء أو الدعاء .. بل لابد من استكمال مسيرتهم نحو تحرير مصر وقيادتها نحو الحرية ، لا ينبغى لنا أن نتكاسل عن مطالب الثورة التى بدؤوها وقدموا أنفسهم فداءاً لها ، ولا ينبغى أن يفلح الظالمون وطابورهم الخامس وعملاؤهم فى تفتيت كلمتنا أو توهين عزمتنا .
أؤكد هنا أننا ما زلنا فى منتصف طريق الثورة ، وأحذر من الطابور الخامس وأشجع الثوار على الاستمرار ، فما زالت الحكومة القديمة قائمة ، وما زال حكم الطوارئ سارياً ، وما زال المعتقلون السياسيون باقون فى سجونهم ومعتقلاتهم ، وما زال ضحايا المحاكمات العسكرية يعانون ويلاتها ، وقبل ذلك وبعده ما زال الطاغية يرفل فى نعيم بلادنا بلا حساب .
ثم يأتى بعد ذلك واجب أخير نحو أولئك الشباب ، وهو القصاص العادل من قاتليهم ، ومحاسبة كل من ارتكب الجرائم الشنعاء ضدهم بدءاً من رأس النظام ، الآمر الأول الذى ما زال يرتع فى بلادنا ويتمتع بما سرق من خيراتنا على أرضنا ، ثم يأتى بعده عرائس الدمى التى حركها لتنفيذ جرائمه من أمثال نظيف أو العادلى أو زبانية الداخلية وأمن الدولة الذين رتعوا فى دماء أولئك الشهداء .
 شهداء الإهمال والفساد
إن هؤلاء الأحباب الأطهار لم يكونوا أول شهداء هذا العهد البائد البئيس ، الذى لم تمر على بلدى مصر شدة أو سوء أكثر منه .
شهداء عصر مبارك كثر ، يتجاوزون فى حصرهم أضعاف أضعاف عهدى السادات وجمال مجتمعين .
فهناك شهداء الإهمال والفساد ، ويأتى فى المقام الأول لهؤلاء ضحايا العبارة التى كان يملكها أحد رؤوس النظام ممدوح إسماعيل الذى جاء حكم المحكمة بخصوصه صادماً ، كيف وقد قتل 1034 مواطن مصرى كانوا على متن هذه العبارة .
ممدوح إسماعيل هو نفسه صاحب السفينة (السلام 95) التي غرقت في البحر الأحمر في 17 أكتوبر 2005  بعد اصطدامها بسفينة تجارية قبرصية ، عندما كانت تقل معتمرين عائدين من جدة وعلي متنها حوالي 1446 راكبا .. وتم إجلاء جميع الركاب بواسطة قوارب صغيرة ومات من جراء ذلك رجل وامرأة وأصيب 38 آخرون.
جدير بالذكر فى هذا المجال أن تقريراً لقطاع النقل البحري المصرى أشار إلى زيادة كبيرة فى عدد الحوادث البحرية في المواني المصرية فى النصف الأول من عام 2006 حيث بلغ عددها 44 حادثا ما بين تصادم وغرق واحتراق وتلوث. وقال التقرير إن عدد الحوادث في الفترة نفسها من العام الماضي بلغ 12 حادثا.
من العبارة إلى القطارات وحوادثها فى عهد مبارك يا قلبى لا تحزن ، ويكفيك أن تطلع على إحصائيتين لتعلم كم الإهمال والفساد الرهيب الذى تعرض له المصريون فى عهد مبارك جراء حوادث القطارات ، ففى يوم 19 فبراير من سنة 2002 استشهد حرقاً أكثر من 374 مواطن مصرى بعد حرق 7 عربات كاملة بقطار الصعيد المتوجه من القاهرة إلى أسوان ، وهى مجرد عينة من كم حوادث رهيب جداً ، يؤكده النموذج الإحصائى الثانى الذى أردتك أن تطلع عليه وهو ما أوضحته الدكتورة قدرية سعيد من الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن حوادث القطارات فى 2009 بلغت 1577 حادثة بنسبة زيادة عن 2008 قدرها 20 % .
حوادث القطارات مجرد نوع واحد من حوادث الطرق التى اكتوت بنارها بلادى فى عهد مبارك .
يأتى بعدها قتلى الهدم والعمارات المنكوبة والتى كان على رأسها ضحايا الزلزال وكذلك ضحايا حادثة الدويقة الذين حصدوا بالعشرات فى 7 سبتمبر 2008 .
 شهداء المستشفيات والأمراض والأوبئة
أمراض وأوبئة لم تشهدها مصر من قبل أبداً : السرطان ، الفشل الكلوى ، الكبد ، أمراض ضغط الدم والسكر .
لو حاولت إحصاء ضحايا الإهمال فى المجال الطبى ومن قبله الإهمال فى مجال التغذية ومياه الشرب وهى المسببات الأولى للأمراض فى عهد مبارك فلن أستطيع ، أسوق لكم نموذجاً واحداً فقط ، إحصائية نشرها مركز أولاد الأرض حين صدر عنه تقرير يؤكد أن ١٠٠ ألف مواطن يتعرضون سنوياً للإصابة بالسرطان، و٣٥ ألفاً بالفشل الكلوي والكبدي، وكشف التقرير عن وجود ٣٣٠ مصنعاً تقوم بصرف نفاياتها في نهر النيل بواقع ٥.٤ مليون متر مكعب سنوياً، والأخطر هو وجود حوالي ١٥٠٠ قرية في الصعيد تصب مياه الصرف الصحي مباشرة ودون معالجة في مياه النهر.
وفى تصريح للدكتور رمزي البارودي أستاذ كلي الأطفال ورئيس الجمعية المصرية لطب وزراعة كلي الأطفال إن نسبة الأطفال المصابين بالفشل الكلوي تشكل نسبة ‏10‏ ـ‏ 15 %‏ من مجموع مرضي الفشل الكلوي في مصر ، حتى الطفولة قتلوها .
 شهداء القتل السياسى على مدار ثلاثين سنة
كمال السنانيرى ، سليمان خاطر ، علاء محيى الدين ، أكرم زهيرى ، مسعد قطب ، خالد سعيد ، سيد بلال ...
أسماء أخرى كأسماء شهداء الثورة قتلها الطاغية مبارك وزبانيته ، وولغوا فى دمائهم ، وهم لا يعرفون الوعيد الذى ينتظرهم من رب الأرض والسموات الذى بلغنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم أنه أعطى لكل إنسان مسلم فسحة فى دينه ما لم يصب دماً حراماً ، وأن الدماء الحرام تأتى يوم القيامة ليطلب المقتول من ربه أن يسل القاتل فيم قتله ؟ فبماذا تراه يجيب ذلك اللامبارك هو وجلادوه وزبانيته ؟!
أختم هذه المقالة بدعوة لكل من يعلم شهيداً لم تذكره المقالة أن يذكره لنا حتى نخلد ذكرهم فى الدنيا ، وهو جهد مقل يستحقون أضعافه .
وأخيراً .. أسأل الله للطغاة أن يعاملهم بعدله لا بفضله وأن يريهم ما يستحقون .
وأما الشهداء الأبرار سواءاً شهداء الثورة الأحرار أو كل العقد الفريد الذى سبقهم ، وكانت كل قطرة من دمائهم لعنة على نظام الطاغية الراحل وزبانيته فأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتقبل منهم سعيهم ، وأن ينزلهم منازل الشهداء وأن يلحقنا بهم على خير غير مبدلين ولا مفتونين .. اللهم آمين
ـــــــــــــ
 
روابط هامة  :
لحظات استشهاد مصطفى الصاوى رحمه الله :
أنشودة بصوت شهيد الثورة مصطفى الصاوى رحمه الله :
أغنية هدية لشهداء الثورة :
تقرير عن الطفلة هدير سليمان :