25/09/2010

فراج إسماعيل :

تصريحات الأنبا بشوي، الرجل الثاني في الكنيسة وسكرتير المجمع المقدس" الداعية لمراجعة القرآن الكريم لشكه في أن آيات أضيفت إليه في عهد عثمان رضي الله عنه، إزدراء صريح للإسلام وتطاول على كتاب الله لا تدانيه في البشاعة والفحش مطالبة تيري جونز بحرق مصاحف.

إزدراء من رجل دين مسئول لا يحتمل أقل من تقديمه للمحاكمة السريعة والعاجلة بموجب القانون وإلا فإن كارثة ستقع وستعم مصر كلها، طالما حذرنا منها، وطالما سلكت شخصيا مسلكا عقلانيا حين طالبت بعدم تصعيد مسألة زوجة الكاهن، وحين كتبت أكثر من مرة مناديا بأخوة الوطن مع شركائنا المسيحيين، فالنار إذا اشتعلت ستأتي على الأقلية ولن ينجو من تبعاتها مسيحي واحد.

قلت غير مرة إن الإسلام هو الذي يحفظ المسيحيين في مصر وهو الذي أبقى عليهم منذ فتح هذه البلاد، ولولاه لاندثروا ودفنهم الرومان إلى الأبد ولهذا قبلوا هذا الدين الفاتح العظيم ودخلوا وما زالوا يدخلون فيه أفواجا دون إكراه أو بغي.

كنا نتمنى من رؤوس الكنيسة سلوكا موازيا من أجل وطننا المشترك. فإذا كان تيري جونز أراد حرق ترجمة اللغة الأنجليزية لمعاني القرآن أو حتى حرق نسخ من المصحف، فإن نائب البابا شنودة يكذب القرآن الكريم علنا وبتصريحات لا يفصلها فاصل زمني كبير عن تلك التي اعتبر فيها المسلمين ضيوفا على مصر. إنه يتدخل في عقيدتنا ويطالب بمراجعة كتاب الله المحفوظ والذي لا يأتيه الباطل، ويزعم أن آيات دخلت عليه في عهد عثمان.

أي كارثة يرتكبها هذا الرجل!.. وكيف يتركه الآمن طليقا مهددا وحدة مصر واستقرارها.. وهل يظن أن قوة خارجية مهما كان قدرها وحجمها تستطيع أن تمنع غضب مسلم غيور على دينه وتمنعه من ردة فعل لا يعلم ضراوتها إلا الله عندما يرى القرآن الكريم يهان ويدنس من أحد أكبر رؤوس الكنيسة الأرثوذكسية التي أعطتها الدولة المسلمة التي تعيش في كنفها عهد الأمان ووفرت لها الحماية، ويرابط رجال شرطة مسلمون أمامها وأمام كل كنيسة ليمنحوا قياداتها والمترددين عليها الاطمئنان.

أصدرت الجماعة الإسلامية بالأمس القريب بيانا تحذر من نداءات تدعو إلى العنف مع المسيحيين تحت ذريعة أنهم نقضوا العهد، فالأغلبية منهم لا ينبغي أن تتحمل وزر قيادات متطرفة داخل الكنيسة، لكن كيف يمكن أن يقف هذا التحذير ثابتا قويا في قلوب عموم المسلمين وهم يقرأون التصريحات الآبقة المستحمرة الغبية لبيشوي التي أطلقها علنا وسرب محاضرته المطبوعة التي تحتويها إلى الصحافة قبل أن يلقيها في مؤتمر تثبيت العقيدة المسيحية بالفيوم يوم الأربعاء الماضي.

إهانة القرآن الكريم وتكذيب آياته ودعوات التدخل فيه بالمراجعة، كارثة وأزمة ما بعدهما كارثة أو أزمة. لا يمكن هنا أن تجدي أي تصريحات مهدئة من الأزهر أو من الدعاة المسلمين. كيف نهدئ الرأي العام ونائب البابا شنودة يزدري عقيدتهم ويتدخل فيها على ذلك النحو السافر؟!

الكارثة الأكبر أن بيشوي تمسك بتصريحاته واعتبرها مشروعة، وغيره من قيادات الكنيسة رفضوا التعليق معتبرين أن كلامه كرجل ثان لا يُرد أو يعقب عليه!

الدولة لن تستطيع أن تمنع رد فعل الغاضبين على تدنيس كتابهم الكريم. إذا كان بيشوي قد حذر من الاستشهاد في حال التدخل في شئون الكنيسة، فالطرف الآخر قد يرتكب أي سلوك يدافع به عن دينه. لقد أصبحنا كفارا نعبد دينا وضعيا بتصريح صريح أطلقه بيشوي وهو يعيش بين أحضان دولة مسلمة دينها الرسمي الإسلام، فماذا إذاً يخفيه هذا الرجل بل وماذا يخفونه في كنيستهم لمستقبل هذا الوطن؟!

لقد جرى تهجير المسيحيين في العراق واقتربت طائفتهم من الإنقراض رغم الاحتلال الأمريكي الذي يستقوي بامبراطوريته حاليا رجال الكنيسة المصرية ويطلقون تصريحاتهم مستندين على ظهرها.. فما هو مستقبلهم هنا في بلادنا في ظل اعتداءاتهم اللفظية غير المسبوقة على الإسلام والقرأن الكريم؟!

إنني هنا أحذر من كارثة ولا أدعو لأي عنف.. الكارثة يصنعها بيشوي بتكبره وصلفه وضلالاته والعنف يصنعه هو ومن يدفعه من الكنيسة ظنا بأنهم يتمتعون بالحماية الخارجية؟!

[email protected]