26 / 06 / 2010

حازم سعيد

نعم إنها تباشير النور تلوح في الآفاق .. تعلن عن قدوم زائر جديد .. عهد ينتزع فيه بنو قومى حقهم فى الحياة الكريمة .. عهد ينتصف فيه من الظالم للمظلوم .. عهد لا تسرق فيه بلادى ولا تنهب .. عهد لا تتضخم فيه ثروات الحكام بالداخل وببنوك سويسرا ..
 
دمك الطاهر يا خالد هو مقدمة ثورة عذرية طاهرة .. يثور فيها المخلصون على أولئك الظالمين الذين قتلوا ونهبوا وسرقوا وطغوا فى البلاد .. إنها بداية النهاية لعصر من الظلم والطغيان .. استمد فيها الحكم الظالم جبروته بقوانين فرعونية طاغوتية .. وارتكن فيها لركن الطوارئ البغيض ..
 
تساؤلات عن شباب بعمر الزهور
 
نعم إنها بهجة لمثلي ممن عانى سلبية قومه عقوداً من الزمان .. فإذا به يرى بعينيه شباباً كالزهور يقفون فى منظر حضاري يعلنون فيه للظالم رفضهم لظلمه بطريقة أقل ما توصف به أنها حضارية ..
 
ما الذى جمع هؤلاء الشباب ووحدهم ونظم لهم هذه الطريقة الرائعة فى التعبير والإنكار ؟
 
كيف حددوا الأماكن فى وقت واحد فى مختلف محافظات مصر .. بل وفى كافة أقطار أوروبا ؟
 
هذه الشريحة العمرية التى كنا نظن فيها شراً – ونحن مخطئين – وكنا نحسبها لا تلتقى إلا من أجل مطرب مشهور أو مباراة كرة .. إذا بهم يتجمعون ويلتقون بالعشرات والمئات والألاف فى مختلف أنحاء بلادنا السليبة .
 
كيف فكر هؤلاء الزهور الذين ترواح عمرهم بين الثامنة عشر وبين الخامسة والعشرين وكيف عاشوا نبض القضية وانتفضوا من أجلها؟
 
لابد أن يلتفت المخلصون وأصحاب الرأى والقرار من القوى الوطنية كلها لهؤلاء الأحرار الذين رفضوا الظلم ووقفوا ضد الطغيان .
 
دمك النقى يا خالد وحد هؤلاء وأيقظهم وأحيا فينا الأمل بالثورة والتغيير .
 
النت .. لاعب قادم أساسى
 
لقد أكدت النت دورها بداية من فضح القضية على يد نشطاء صالحين رفضوا الظلم وقرروا المقاومة ، فكان لهم ما أرادوا من فضح الطاغوت وإظهار جبروت عسكره ، من خلال المدونات والفيس بوك والمواقع والجروبات .
 
صور الضحية التى ملأت جنبات النت ، وشهادات الجيران والشهود العيان كانت بمثابة خنجراً فى ظهر الظالم ، وصفعة على قفاه ، ونقطة فوق حرفها الصحيح لتثبت أن النت سلاح أكيد فى مجال محاربة الطغيان .
 
ثم ها هى الصفعة الثانية بتجمع هؤلاء الشباب من خلال النت .. ناقشوا القضية ، رسخوا ضرورة أن يكون لهم دور ، اتفقوا على المهمة ، وضعوا التفاصيل .. حملة طويلة ممتدة تبدأ بوقفة .. فى أماكن محددة بعينها وفى توقيت متفق عليه بلبس موحد وهيئة ثابتة .. وكان اللافت للنظر مصاحفهم التى رفعوها وأخذوا يقرؤون فيها كلام الله تعالى .. الملابس السوداء حداداً ليس على خالد سعيد وحده .. بل على بلد كامل مسجون ، وشعب بأسره مقهور .
 
ثم فى هذا التوقيت المحدد تجمعوا على غير تعارف بينهم سوى من خلال النت ليظهروا بهذا الشكل الحضارى فى كل أرجاء مصر ، بل وكافة المعمورة .. يا الله .. استطاعت النت أن تفعل ذلك ؟
 
إشارة وعلامة فارقة على بداية عهد جديد للتكنولوجيا .. تقود فيه النت وأخواتها من أدوات التكنولوجيا ثورة التغيير .
 
دمك الزكى يا خالد جمع الأحرار وأفاقهم وملأنا بالبشر بانتهاء حكم الظالمين .
 
حكومة غبية .. تقتل نفسها بنفسها
 
لقد طوقت هذه الحكومة الغبية شعبها بكل قيود الظلم والاستبداد حتى أوشك القيد أن ينكسر تحت لهيب الانفجار الشعبى المدوى .
 
حاصرت حكومة الطوارئ المصريين بالفقر والأمراض والأوبئة والأزمات الاقتصادية وانهيار المرافق الأساسية والبنية التحتية والسرقات والحرائق والحوادث من قطارات وعبارات ..
 
ثم حاصرت حكومة الطوارئ شعبها بقوانين سيئة السمعة .. قانون الطوارئ وتعديلات الدستور التى فصلها ترزية القوانين لكى يتولى شخص بعينه وبشحمه وبلحمه حكم البلاد بعد عمر طويل أو قصير لسلفه ..
 
ثم حاصرت حكومة الطوارئ شعبها بإسقاط هيبة ورمزية المؤسسات التى يفترض فيها الدفاع عن مصالح الشعب فجاءت الحكومة بمجالس شورى مزورة مائة فى المائة كتجربة ميدانية لمجلس شعب مزور مائة فى المائة هو الآخر .
 
كما أسقطت الحكومة هيبة القضاء مرتين .. مرة بضرب القضاة وسحلهم بالشارع جهاراً نهاراً عياناً بياناً .. ثم الأخرى بإيقاعهم هم والمحامين ضحية أزمة مفتعلة موجهة إعلامياً تهييجاً وتسخيناً لتسقط هيبة القضاة والمحامين هكذا دفعة واحدة .
 
وضعت الحكومة سياجاً مراً من الخوف والكره بين الشرطة من جانب والمواطنين من جانب بنشرها لكليبات التعذيب وإطلاق يد الشرطة الفاسدة فى انتهاك المواطنين وآخرها مقتل خالد سعيد يرحمه الله .. ثم دافعت الحكومة دفاعاً مراً عن القتلة مرة ببيانات خائبة واهية .. ومرة بتقارير للطب الشرعى مفبركة .. ليزداد حاجز الكراهية بين المواطنين وبين الشرطة التى يفترض أنها لخدمتهم .. لا لقتلهم وسحلهم وانتهاكهم .
 
ثم التقارير المفبركة للطب الشرعى تتسب فى سقوط هيبة ورمزية هيئة أخرى يفترض فيها أنها يد للحق والعدالة – مصلحة الطب الشرعى – لتذهب هيبتها ورمزيتها والتصاقها بالعدالة وتهوى هذه المصلحة وسمعتها إلى هاوية سحيقة ..
 
تراها ماذا تنتظر هذه الحكومة بعد ذلك من المواطنين ؟ حكومة تحاصر مواطنيها بكل أنواع التضييق والقهر ..
 
هل كانت تتوقع ردورد الأفعال المتتالية هذه والتى بلغ آخرها مبلغاً لا أظن أن أحداً بحكومة الفساد كان يتمناه من انتفاضة الشباب الحر الذين ينظر إليهم بنو جيلى ومن فوقنا على أنهم " عيال " .. فإذا بهم هم الرجال .. وإذا بنا نحن – ولا مؤاخذة – " العيال " .. نعم نحن عالة عليكم أيها الرجال ذوى الثمانية عشر عاماً ..
 
هل هناك فى حكومة الطوارئ أجهزة بالمخابرات أو أمن الدولة تحلل هذه السلسلة من الغباء لحكومة الطوارئ الغبية وتنتبه لخطر ما تفعله على نفسها .. وأنها هكذا تنتحر وتقضى على نفسها ، وكأن الله استجاب لدعاء المقهورين " اللهم أهلك الظالمين بالظالمين ، وأخرجنا من بينهم سالمين " ؟
 
أليس فى هذه الحكومة رجل رشيد يوقف هذا المسلسل من الغباء ؟
 
 
عموماً .. هذه أشياء يفرح بها مثلى ممن عانى الظلم على يد حكومة الطوارئ .. ظلم مر كالعلقم يتمنى معه زوال الظالم ونهاية حكمه ..
 
نعم يا خالد .. لقد أصبح دمك وقوداً .. ومفجراً .. وعلامة على بداية النهاية .. لثلاثة .. بل لستة عقود من الظلم والظلام ..
 
وأكاد ألمح فى الأفق فجر الثورة .. فهنيئاً لك يا خالد هذه البركة .. وهذا الخلود .. نم قرير العين أيها البطل الذى سيكتب اسمه فى سجل الخالدين .. الذين رفضوا ظلم هذه الحكومة الغبية لتنضم لسلسلة طاهرة من المصلحين ..
 
نم قرير العين يا خالد فلقد اقترن اسمك باسم سليمان خاطر وكمال السنانيرى وأكرم الزهيرى ومسعد قطب ..

ولله الأمر من قبل ومن بعد

 ==========

[email protected]