26/06/2010

فراج إسماعيل :

هل نستخلص من التاريخ أن المصريين لا يستطيعون حكم أنفسهم، لعدة أسباب، في مقدمتها عدم قدرتهم على التغيير، واستكانتهم الطويلة التي تجعل أي حاكم من بني جنسهم يدرك أنه يستطيع أن يجلس في منصبه إلى أن يختاره الله إلى جواره!
المصريون أذكياء جدا، هم تقريبا الأذكي في منطقتهم العربية، لكن هذا لا يكفي لكي يكونوا الأفضل والأقوى، لأنهم تنقصهم الحيوية.
حيوية أي شعب تعني أنه حي مقاوم، يغير مساءه عن صباحه، يوقف الظالمين ويصرخ فيهم فيرتعدون، يخشى الحاكم غضبه ويحسب حسابه.
الشعب المصري ينام على ظلم ويصحو عليه منذ عام 1952. أكاديمية الشرطة تعلم طلابها منذ ذلك الوقت كيف يعبطونه بالكرباج فيخاف ويخفت صوته.
في بريدي هذه الرسالة التي يرى صاحبها أن التغيير في مصر لم يصنعه طوال تاريخها مصريون..
يقول: أكاد أجزم بأن الحل لمصر والمصريين أن يكون حاكمها من غير أبنائها، يوسف عليه السلام أنقذ مصر من دمار محقق قبل أربعة آلاف عام و هو من غير أبنائها، الاسكندر الأكبر أسس الإسكندرية و جعلها واشنطن عصرها في الحضارة و التقدم والرقي وهو من غير أبنائها.
عمرو بن العاص جعل من مصر ركنا للدولة الإسلامية الناشئة وخزينة طعامها وشرابها بل وجندها وهو أيضا من غير أبنائها، مرورا بالأمويين والعباسيين والفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين، إلى أن أتى محمد على وجعل القاهرة تضاهي الأستانة ولندن وباريس، بنى جيشا قويا واقتصادا مبهرا، تعرض لمؤامرة شركاؤها كثر، لكنه مع ذلك جعل من مصر دولة قوية.
كانت مصر رغم ما يقال عنها في كتب التاريخ المزورة من أجمل وأقوى دول العالم بداية من عهد محمد على لعهد حفيده اسماعيل، وتقهقرت رويدا في عهد توفيق، لكنها ما لبثت أن عاد البريق لها في عهدي فؤاد وفاروق.
من هدم مصر التاريخ ومصر الحضارة و غيب وجودها؟!.. للأسف حكام مصر من أبنائها، سيدي.. لقد تآمر على مصر أبناؤها، ومن وجهة نظري المتواضعة مصر أكبر من أن يحكمها أبناؤها.
ماذا جلب لنا ناصر؟!.. الاستبداد والفساد والهزيمة. ماذا جلب لنا السادات؟!.. نصرا مصطنعا وفسادا مستشريا ولا ننسى أنه المسؤول الأول بتعيينه مبارك نائبا له عن ما يحدث في مصر الآن.. ماذا جلب لنا مبارك؟!..الذل والهوان والخنوع والاستسلام. أتمنى أن يحكمنا الهكسوس أو البربر والله سنصير أفضل حالا مما نحن عليه الآن.
ملحوظة : عباقرة مصر من أدباء ومفكرين وعلماء وأطباء ولد أغلبهم و نشأ وتعلم في مصر الملكية التي كان يحكمها غير أبناؤها.. أغلب المصريين الآن من وزراء وأطباء ونواب في مجلس الشعب والشورى و.. و.. و..ولدوا و نشأوا و تعلموا في مصر الثورة.. وعجبي.
انتهت الرسالة التي تعبر عن حالة إحباط كبيرة تضرب مصر كلها حتى فقد أغلبنا الثقة في أنفسهم، مما جعلنا نتمنى أن يأتي غيرنا ليحكمنا عله يغير أوضاعنا التي وصلت لحالة من السوء لم تصله مصر حتى في أحلك سنوات تاريخها الطويل.
أراها رؤية غير عادلة لم تراع نتائج القهر والديكتاورية وتعذيب أقسام الشرطة والأجهزة الأمنية الذي يعيشه الشعب المصري منذ عام 1952. شعب كهذا يحتاج إلى أن نصبر عليه ليطلق صرخته المدوية القادرة على التغيير.
في اعتقادي أن جريمة تعذيب الشرطة لخالد سعيد حتى الموت ستكون هي البداية، لأن حالة الرفض الشعبية جاءت هذه المرة قوية عالية الصوت لا تخشى شيئا.
انظروا ماذا جرى في الأسكندرية أمس، وفوق كوبري 6 اكتوبر بالقاهرة. وصفت جريدة "الجمهورية" في عنوانها الرئيسي ما حدث أمام مسجد سيدي جابر بأنه مسرح عرائس، ومن يقرأ التقرير في صحيفة يمولها دافع الضرائب لأنها خاسرة لا تبيع إلا القليل "على قفا" صفحتها الرياضية، سيكتشف أنه مكتوب بلغة بوليسية لا علاقة لها بالصحافة ولا بالبطيخ!
ماذا يمكن أن يفعل الصحفيون الشرفاء في هذه الصحيفة برئيس تحريرها المصر على تشويه سمعة شخص في ذمة الله بوصفه المتكرر بأنه "قتيل البانجو، لو قاطع القراء هذه الصحيفة، فالصفحة الرياضية التي يشترونها من أجلها يمكن أن يجدوا بديلا لها في صحف أخرى.
لماذا لا يتم مقاطعة هذه الصحيفة لمدة أسبوع مثلا، ثم نرى هل ستغير سياستها التحريرية، أم أنها ستظل معتمدة على الدعم الذي يأتيها من الدولة مقابل توجيه إهاناتها للشعب؟!
مصر كبيرة جدا وعملاقة لكنها نائمة ولن ييقظها إلا شعبها بحلول خلاقة لابد أن تأتي في يوم من الأيام بحاكم عادل من صلبه يطلق أيدي الشرفاء ويقطع أيدي اللصوص.
لا أظن أننا في حاجة لأن نستورد حاكما ليبعث هذا الوطن العظيم. نحتاج فقط إلى الإيمان وترك توافه الأمور ودفع الشباب لأن يتمسك بحقه في أن يحكم بلده، فليس معقولا أن تكون مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي يحكمها جيل أربعينيات القرن الماضي.
قد يطول الوقت رغم أن الرئيس مبارك لن يخلد في هذه الحياة، لكن الأمر ليس مرتبطا به وإنما بالمرحلة الواحدة التي نعيشها منذ 23 يوليو 1952 والتي لابد أن تنتهي.