19 / 05 / 2010

بقلم : حازم سعيد
هيجت تصريحات عازف الدرامز الملياردير أحمد عز عن قانون الطوارئ وأنه يسير رافع الرأس مستريح الضمير بعد تمديد العمل به .. وهو أحد أهم اللاعبين على ساحة سرقة المصرين واستنزاف طاقاتهم وأموالهم وعقولهم والتمكين للحزب الوطنى الجاثم على صدر هذا البلد ليسرق مقدراته ويسجن شعبه ..
هيجت هذه التصريحات مجموعة من الخواطر أردت أن أنقلها لك عزيزى القارئ لنقف عند بعض المعانى من ورائها ولنحاول أن نقاوم حكومة الاستبداد والسرقة والفساد التى تسرقنا ليل نهار منذ ثلاثين سنة .
أولاً : أرى أوجه تشابه كبيرة جداً بين قارون قوم موسى وبين أحمد عز ملياردير الحديد قارون مصر الجديد .. فكلاهما عاش فى مصر واقتات على فضلات حكامها .
وكلاهما كان أحد أهم أدوات التمكين لهؤلاء الحكام كصورة من رد جميل الاقتيات على فضلاتهم بالدعاية والإنفاق والتمويل وتجييش جيوش المنفاقين والمطبلين والمزمرين .. والأخيرة بالذات يحسنها قارون الجديد والذى عمل لفترة طويلة من حياته كعازف درامز فأتقن فن الطبل والزمر .
كلاهما أتقن فن الاستخفاف بالمصريين فالأول نسب النعمة التى ابتلاه الله بها لنفسه وأنه أوتيها على علم عنده ، والثانى استخف بالمصريين ليل نهار بتصريحات وبيانات أقل ما فيها أنها لا تعبأ بمن يلقى إليهم البيان وآخره تصريحاته عن قانون حبس الحريات وانتهاك الأدمية الذى أدمنته حكومة الطوارئ التابعة للحزب الوطنى .
كلا الرجلين صعد من الصفر ، من حيث لا يملك شيئاً إلى ملياردير أوتى من الكنوز ما إن مفاتيح خزائنه لتنوء بحمله العصبة من أولى القوة .. هذا فى حق قارون القديم .. وفى حق قارون الجديد تنوء عقول المتخصصين عن إدراك مدلولات أرقام ثرواته .. فكيف تيسر له ذلك ؟ .. إنه سلاح الزمر والتطبيل والنفاق والعون الذى وجداه من حكام فساد استفادوا من وجود أدوات مثلهم يخفون تحت عباءاتهم ثرواتهم ويستفيدون من بياناتهم وتصريحاتهم .
ثانياً : كيف لا يصرح قارون الجديد بما صرح به وهو الذى عاش ونمى وتربى وتضاعفت ثروته وتضخمت وسرق واحتكر ونهب دم هذا الشعب فى ظل قانون الطوارئ الذى حمى سرقته وفساده ورعاه ورباه ؟
كيف لا يرى الحياة الوردية والجنة الأبدية فى ظل حكومة الفساد والاستبداد التى نحيا فى ظلها .. فهو يرى بنظارة المليارات التى كسبها فى ظل هذا الكبت الذى يحياه المصريون .
يذكرنى حاله بأغلب جوقة ما يطلق عليهم بالفنانين والفنانات وأغلب إن لم يكن كل لاعبى الكرة إلا طائفة قليلة قد لا تعد على أصابع اليد الواحدة ، حين تسمع لتصريحاتهم وإهداءاتهم المتكررة عند أى فوز لهم فى أى مباراة للرئيس المفدى والقائد الملهم الذى لولا توجيهاته ما فازوا وما نصروا .. والذى لولا حكمته فى رعاية شئون البلاد والعباد لما كنا نشهد هذا الرخاء الذى نشهده .
إنهم بطانة السوء التى ملأ الحاكم المستبد عيونها بالمال وكروشها بالرشاوى والفضلات فنظروا إليه بأعين الهبات والعطايا والمنح التى منحها لهم ، فما كان لعيونهم أن ترى الانتكاسات التى نحياها فى ظل هؤلاء المفسدين من ضياع هيبة مصر فى المحافل الدولية ومن بطالة ومن فقر ومن أمراض وأوبئة ومن مشاكل إسكان ومواصلات وطرق ومرافق ومن .. ومن ..
لابد لكل حاكم ظالم من بطانة سوء تحيط به تنتفع بفضلاته وتقتات على فساده فتهتف له وتقلب الحقائق وتلونها استخفافاً بقومهم وشعوبهم .. هذا هو الدرس الذى وعاه وأتقن الاستفادة منه حكامنا بصناعة أمثال عز وجوقة المنافقين من الفنانين ولاعبى الكرة وغيرهم ..
ثالثاً : حين أقلب الصورة على وجهها الآخر أرى جانباً مشرقاً لعظماء ظلموا وسجنوا واضطهدوا وهم من صفوة المجتمع ومن خيرة عقوله من أمثال بديع وعزت والشاطر وبشر والحداد والبلتاجى وحمدى حسن .. وكلهم كان يستطيع أن يحيا حياة كريمة مرفهة ميسرة بما آتاه الله من بسطة فى الرزق وسعة فى المال ..
ورغم ذلك فإنه يرفض هذه الحياة التى لا تساوى عند الله شيئاَ .. لأن الدنيا كلها بما فيها من نعيم وأموال لا تساوى عند الله جناح بعوضة ..
إنه صاحب فكرة وحامل رسالة ما كان له أن يقدم عليها شيئاً أو يختار عليها حياة .. لقد باعوا والله اشترى .. اشترى نفوساً عزيزة كريمة أبية رفضت أن ترى بنى قومها يعيشون الذل والظلم والانتهاكات ويسكتوا .. فاختاروا أفضل الجهاد .. كلمة حق عند سلطان جائر ..
كلفتهم حريتهم وكلفتهم أموالاً من أموالهم ، وكلفتهم صحتهم ..
الدكتور حمدى حسن يرقد فى فراش مرضه كمداً وحزناً منذ أن فرضوا قانون الطوارئ ، والدكتور البلتاجى ينقل إلى المستشفى على إثر أزمة قلبية ساعة أن جددوا القانون ، مع العلم أن لديهم من الحصانة التى تخرجهم عن طائلة الوقوع تحت هذا القانون الجائر .. إلا أنها الحسرة والحزن والكمد على هذا الوطن السليب وعلى هذا الشعب المنتهك ..
إنها صورة مشرفة منيرة مشرقة ، يفخر بها كل حر ، ويقتدى بها كل صاحب رسالة .
رابعاً : شئ عجيب جداً ومحير .. لم هذا السكوت العجيب للأغلبية من المصريين على هذا الفساد وعلى هذه السرقة وعلى هذا النهب المنظم لمقدرات هذا البلد المنكوب ؟
ألهذه الدرجة وصلت الخفة والسلبية والانهيار فى عقلية وحس المواطن المصرى المنهوب المسروق المسلوب ؟
يذكرنى سكوت المصريين على فساد وإفساد حكامهم بما رواه لنا التاريخ عن المسلمين حين غزانا التتار فكان مما روى أن تترياً لقى جماعة من المسلمين ولم يكن معه سيف ، فأوقفهم وقال لهم ابقوا مكانكم حتى أعود لكم بالسيف .. وذهب وعاد بعد قليل ومعه سيف قام بقتلهم به ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أى خفة وأى مهانة وأى سلبية تلك التى وصل لها أولئك المسلمون الأقدمون ، ووصل إليها المصريون فى ظل استخفاف حكومة الطوارئ الحالية ..
اللهم قيض لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك .
__________