في جريمة جديدة تضاف إلى سجل الإهمال الطبي المتعمد وبيع أمن المواطن مقابل حفنة من الدولارات، تعيش الأسر المصرية حالة من الرعب غير المسبوق مع توارد الأنباء وتطابق الشهادات حول انتشار فيروس غامض وقاتل –يرجح البعض أنه "ماربورغ"– يفتك بتلاميذ المدارس ويملأ ردهات المستشفيات. وبينما يصرخ الأهالي والأطباء من هول الكارثة، تلتزم "حكومة الانقلاب" استراتيجيتها المعتادة: الإنكار، التكذيب، والتعتيم الإعلامي، وذلك لهدف واحد دنيء؛ الحفاظ على "صورة وهمية" للاستقرار لضمان عدم تأثر الموسم السياحي الشتوي، حتى لو كان الثمن أرواح أطفال مصر.

 

المدارس تحولت إلى بؤر وبائية.. والسيسي "ينكر"

 

لم يعد الأمر مجرد شائعات تتناقلها الألسن، بل تحول إلى واقع مأساوي تعيشه البيوت المصرية يومياً. المستشفيات تضيق بالمصابين، وأعراض غريبة تظهر على الأطفال تتجاوز نزلات البرد المعتادة، وسط تحذيرات طبية مكتومة خوفاً من البطش الأمني. وفي الوقت الذي كان يجب فيه على رأس السلطة اتخاذ إجراءات وقائية فورية، خرج إعلام النظام ومنظومته للتقليل من شأن الكارثة.

 

الإعلامي محمد ناصر كشف المستور، مؤكداً أن فيروس "ماربورغ" يهاجم المدارس بالفعل، وأن "عبد الفتاح السيسي" لا يزال يمارس هوايته المفضلة في الإنكار ووصف استغاثات الناس بأنها "إشاعات"، تاركاً الأطفال فريسة لمرض لا يرحم.

 

 

بين "ماربورغ" والوباء المجهول.. الفشل الحكومي سيد الموقف

 

حالة التخبط التي تعيشها وزارة الصحة في حكومة الانقلاب تفضح غياب الشفافية وانعدام الكفاءة. فبينما تتحدث تقارير عن تشديد الرقابة على القادمين من إثيوبيا خوفاً من "ماربورغ"، يتم تجاهل البؤر الداخلية التي اشتعلت بالفعل. المفارقة الصارخة أن النظام يستعرض عضلاته "الرقابية" في المطارات، بينما يترك المدارس مفتوحة ومكتظة لتكون حاضنة مثالية لنقل العدوى، في استهتار كامل بحياة ملايين الطلاب.
 

 

ومع تصاعد أعداد الإصابات، بدأت الأصوات تتعالى محذرة من "فيروس جديد غير معروف" قد يكون متحوراً شرساً أو وباءً وافداً، إلا أن الوزارة –كعادتها– سارعت للنفي دون تقديم أي أدلة علمية أو طمأنة حقيقية، مما زاد من حالة الاحتقان والشك لدى الشارع.

 

 

صرخات الأهالي: "اقفلوا المدارس.. ولادنا بتموت"

 

لم ينتظر الأهالي البيانات الرسمية الكاذبة، بل ضجت منصات التواصل الاجتماعي باستغاثات الأمهات والآباء الذين يشاهدون أبناءهم يتساقطون مرضاً واحداً تلو الآخر. الوسوم تصدرت، والنداءات توحدت حول مطلب واحد: "إغلاق المدارس فوراً". لكن الحكومة التي لا ترى في المواطن سوى "رقم" أو "جيب" لجمع الضرائب، قابلت هذه الدعوات بصمت مطبق وإصرار على استمرار الدراسة وكأن شيئاً لم يكن.
 

 

ترافق ذلك مع نصائح مباشرة من إعلاميين ومختصين للأهالي بعدم إرسال أبنائهم للمدارس تحت أي ظرف، معتبرين أن الحكومة تمارس تعتيماً إجرامياً، وأن الحل الفردي هو سبيل النجاة الوحيد في دولة لا تقيم وزناً لحياة البشر.
 

 

سخرية من التخبط الرسمي: الدولة "التائهة"

 

لم يخلُ المشهد المأساوي من السخرية المريرة التي باتت سلاح المصريين الوحيد في مواجهة الفشل. فقد سخرت سيدة مصرية في مقطع متداول من التخبط الفج في تصريحات المسؤولين؛ فتارة يتحدثون عن فيروس تنفسي، وتارة ينفون، وتارة يتحدثون عن إجراءات وقائية وهمية. وطالبت السيدة برفع الغياب كأضعف الإيمان، لتكشف عن هوة سحيقة من انعدام الثقة بين المواطن وحكومة الانقلاب.
 

 

السر وراء التعتيم: الدولار أهم من البشر

 

تشير كل المعطيات إلى أن السبب الرئيسي وراء هذا الصمت المريب هو الخوف من ضرب الموسم السياحي الحالي، الذي تعول عليه الحكومة المأزومة اقتصادياً لسد عجز الدولار. فإعلان حالة الطوارئ الصحية أو الاعتراف بوجود وباء قد يؤدي إلى إلغاء الحجوزات وهروب السائحين، وهو ما لا يتحمله نظام أفلس الدولة وأغرقها في الديون.

 

لذلك، اختار النظام التضحية بالصحة العامة، وترك الفيروس ينهش في أجساد الأطفال، مقابل استمرار تدفق العملة الصعبة، في معادلة صفرية لا إنسانية تؤكد أن الإنسان المصري هو أرخص ما في هذا الوطن.
 

 

نظام يحترف القتل

 

إن ما يحدث الآن في مدارس مصر ومستشفياتها ليس قضاءً وقدراً، بل هو "قتل عمد" عبر الإهمال والتستر. حكومة الانقلاب التي فشلت في توفير الخبز والدواء، تفشل اليوم في توفير الحماية البيولوجية لأبسط حقوق الطفل في الحياة. إن سياسة "الكل تمام" التي يتبعها السيسي ونظامه لن توقف انتشار الفيروس، ولن تمنع الكارثة، بل ستجعل فاتورة الخسائر البشرية أثقل مما يمكن تحمله. التاريخ سيسجل أن هناك نظاماً خيّر بين "دولارات السياحة" و"أرواح الأطفال"، فاختار الدولار وترك الأطفال للموت والمجهول.