سلط تحليل لمجلة "هورن ريفيو"، الضوء على جماعة "الإخوان المسلمين"، بوصفها واحدة من أكثر الحركات الإسلامية نفوذًا واستقطابًا في العصر الحديث، من خلال رصد نفوذها الجيوسياسي الذي يتجاوز حدود الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليُشكّل الإسلام السياسي في منطقة القرن الأفريقي. 

 

وأبرز التحليل الذي أعده الباحث تسيلوت جيتاتشو، انتشار جماعة "الإخوان في دول مثل السودان والصومال وإريتريا وإثيوبيا في سياق حركاتٍ إسلامية، وإن كانت مُختلفة في سياقها، إلا أنها تشترك في قواسم أيديولوجية مشتركة معها على دمج المبادئ الإسلامية مع مبادئ الحكم، فيما وصفه بأنه "تأثير خفيٌّ ولكنه بالغ الأهمية".

 

الإخوان في السودان


كانت البداية كما رصد التقرير من السودان، حيث الجبهة الإسلامية القومية بمثابة الذراع السياسي للإخوان المسلمين، التي رسّخت الفكر الإسلامي بعمق في المؤسسات والتعليم، بعد سيطرتها على الدولة، واستمر ذلك طويلًا حتى بعد انحسار هيمنتها الرسمية. 

 

وطوّرت شبكة هرمية ومرنة في آنٍ واحد تربط علماء الدين والمجموعات الشبابية والمنظمات الخيرية. وحتى بعد سقوط حكم الرئيس عمر البشير، قال إنه لا زالت الحركات الإسلامية التابعة للإخوان تمارس نفوذها من خلال دعم القوات المسلحة السودانية، والمناورات السياسية الاستراتيجية، والتحالفات الدولية.

 

الإخوان في الصومال


وانتقل إلى الصومال، حيث تعمل حركة الإصلاح، التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، في المقام الأول كحركة اجتماعية دينية. وعلى عكس الجماعات المسلحة مثل حركة الشباب، تدعو الحركة إلى استراتيجيات سلمية لإقامة دولة إسلامية، مع التركيز على الدعوة والتعليم والشبكات المهنية. 

 

ويرى بعض المحللين أنه على الرغم من أن عناصر الإخوان لا ينخرطون في "الإرهاب"، إلا أن أفكارهم حول الحوكمة والتنظيم الاجتماعي قد تؤثر بشكل غير مباشر على الخطابات التي تستغلها حركة الشباب للتجنيد، لا سيما بين شباب المدن غير الراضين عن الحوكمة.

 

الإخوان في إثيوبيا


وفي إثيوبيا، وعلى الرغم من أنه لا يوجد فرع رسمي للإخوان المسلمين، لكن التقرير قال إن النشاط المستوحى منها يتجلى من خلال لجان المساجد، والجمعيات الخيرية، والجماعات الطلابية، والجمعيات المهنية. 

 

وقد أظهر الحراك الإسلامي في أديس أبابا بين عامي 2011 و2013 - والذي أثاره تدخل الدولة في انتخابات المجلس الإسلامي - كيف يمكن للمظالم المتعلقة بالاستقلال الديني أن تُولّد نشاطًا واسع النطاق يُشبه التنظيم الإخواني، بحسب التقرير.

 

الإخوان في إريتريا


وفي إريتريا، يرصد التقرير تواجد الإخوان وإن بصورة أقلّ تنظيمًا، لكن التطورات الأخيرة تُشير إلى تنامي الروابط. وتشير التقارير إلى أن المنظمات الإسلامية الإريترية تتلقى دعمًا من تركيا، وهي دولة وثيقة الصلة بشبكات الإخوان. 

 

على سبيل المثال، افتتحت رابطة علماء إريتريا مكتبًا لها في إسطنبول عام 2019، بحضور مسؤول حكومي تركي، فيما اعتبره التقرير تطورًا يعكس تنامي الروابط بين الجماعات الإسلامية الإريترية والتيارات الإسلامية العابرة للحدود الوطنية الأوسع.

 

استراتيجية الإخوان


وأوضح التقرير، أن استراتيجية الإخوان في بناء الشبكات لا تتميز بقيادة مركزية، بل بنفوذ أيديولوجي عابر للحدود الوطنية. تُبنى هذه الشبكات من خلال خريجي الجامعات المصرية والسودانية، والمشاركة في المؤتمرات الإسلامية، وشبكات الجاليات، والمنصات الإعلامية في قطر وتركيا. 

 

وقال إنه غالبًا ما يركز التجنيد على طلاب المدن، والمهنيين، والدوائر الشبابية في المساجد، مستغلين خطابات التجديد الأخلاقي، والعدالة الاجتماعية، والحكم الرشيد. 

 

وعلى عكس الجماعات السلفية الجهادية، عادةً ما تُركز الجهات الفاعلة المستوحاة من الإخوان على الإصلاح التدريجي من خلال التعليم، والانتخابات، والمشاركة المدنية، بدلًا من الكفاح المسلح.

 

عالميًا، لا يوجد إجماع حول كيفية تصنيف جماعة الإخوان المسلمين. تُصنّفها مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وروسيا منظمةً إرهابية. 

 

بينما تُفرّق الديمقراطيات الغربية - بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومعظم دول الاتحاد الأوروبي - بين نشاطها السياسي والتطرف العنيف، مُفضّلةً استراتيجيات التدخل الانتقائي المُقترن بالمراقبة.

 

في الختام، خلص التقرير إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تقاوم التصنيف البسيط. فهي ليست حركة دينية بالكامل، ولا مجرد فاعل سياسي؛ بل هي ظاهرة هجينة متجذرة في سياسات الهوية، والمظالم التاريخية، والتعبئة الاجتماعية. 

 

وقال إن اعتبارها قوة سياسية موثوقة أو فاعلاً مزعزعًا للاستقرار يبقى محل خلاف، وسيعتمد في النهاية على أفعالها، والتزامها بالمعايير الديمقراطية، وقدرتها على التطور الأيديولوجي. 

 

وانتهى إلى أن القمع لن يقضي وحده على الظروف الهيكلية التي تُفضي إلى نشوء مثل هذه الحركات. لذلك، يجب أن تعتمد السياسات المستدامة على المشاركة الاستراتيجية، والمراقبة الدقيقة، والمرونة المؤسسية. 

 

وأوصى التقرير بالنظر إلى جماعة الإخوان المسلمين على أنها ليس من مخلفات الماضي، بل كحركة ديناميكية ومتكيّفة، سيُشكّل مسارها المستقبلي تطور الإسلام السياسي والاستقرار الإقليمي في العقود المقبلة.

 

https://hornreview.org/2025/11/20/the-muslim-brotherhood-and-its-horn-of-africa-connections/