على الرغم من محاولة حشد وتعبئة الناخبين للمشاركة في انتخابات مجلس النواب التي انطلقت مرحلتها الأولى هذا الأسبوع في 14 محافظة، إلا أن أعداد المشاركين كانت أقل من التوقعات، حتى مع إغراء الناخبين بالحصول على كراتين مواد غذائية ومقابل مادي.
لا يحتاج قياس أعداد الناخبين إلى جهد كبير من جانب المراقبين الذين لاحظوا انخفاض المقترعين في مراكز ولجان التصويت، وكانت النساء هي الفئة الأكثر حضورًا ومشاركة، لكن في المجمل كانت حالة الهدوء أمام اللجان لا توحي بأن هناك انتخابات تشهد منافسة ساخنة كما هي عادة الانتخابات البرلمانية.
وخصص العديد من المرشحين على "القائمة الوطنية في حب مصر"، التي يتزعمها حزب "مستقبل وطن"، حافلات في الشوارع لنقل الناخبين إلى لجان الاقتراع، مع ذلك كانت الاستجابة ضعيفة، ولم يخرج إلا فئة غير معنية بالاستحقاق الانتخابي بقدر الحصول على مقابل للتصويت لصالح هذا المرشح أو ذاك.
35 مليون مواطن يملكون حق التصويت
ويحق لأكثر من 35 مليون ناخب التصويت في المرحلة الأولى بانتخابات مجلس النواب، التي أجريت في 14 محافظة، وتنافس فيها 1281 مرشحًا على النظام الفردي، وقائمة واحدة هي "القائمة الوطنية من أجل مصر"، والتي تحتاج إلى 5 في المائة فقط من مجمل الأصوات المُقيدة للفوز.
وتراجعت نسب المشاركة الرسمية في الانتخابات النيابية منذ عام 2015، التي سجلت نسبة 26.56 بالمائة في المرحلة الأولى، و29.83 بالمائة في المرحلة الثانية. وفي 2020، بلغت نسبة المشاركة 29.5 بالمائة لانتخابات مجلس النواب، ثم تدنت في انتخابات مجلس الشيوخ (2025) إلى 17 بالمائة.
للمقارنة، بلغ إجمالي المشاركة في انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) في عام 2011/2012 أكثر من 27 مليونًا من مجموع عدد الناخبين البالغ 50 مليونًا، بنسبة مشاركة حوالي 54 بالمائة، لتكون هي الأعلى في تاريخ انتخابات البرلمان. في حين كانت نسبة المشاركة في انتخابات مجلس الشوري 6.43 مليون بنسة حوالي 12.9 بالمائة.
لا بيانات رسمية حول المشاركة في الانتخابات
وقال مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، في بيان، إن الهيئة الوطنية للانتخابات تعمدت عدم نشر بيانات رسمية حول مستوى المشاركة في الانتخابات "حتى لا تُحسب عليها في النتائج النهائية"، والتي تشير كل التوقعات من المرشحين إلى أنها "لن تواكب هذا المستوى المتدني من المشاركة في الانتخابات الحالية".
وأضاف أنه لوحظ في اليوم الأول للتصويت وجود طوابير أمام بعض لجان الاقتراع في محافظات مثل الجيزة، بدا خلالها أن مشاركة الناخبين بدأت في ساعات الصباح المبكرة، مشيراً إلى توثيقه عمليات نقل وحشد الناخبين إلى مقار الاقتراع بواسطة "جهات غير مرتبطة بمرشحين، ما يعكس غياب الشفافية عن هذا التحرك".
وأشار المركز إلى أن ضعف الإقبال على التصويت كان سمة واضحة في اليوم الأول، ما يعكس عدم ثقة المواطنين في العملية الانتخابية نتيجة غياب التنافسية الحقيقية، بغض الطرف عن محاولات وسائل الإعلام المحسوبة على النظام بشأن إظهار طوابير الزحام حول بعض اللجان، والتي يجري الحشد لها بمواطنين مدفوعي الأجر.
500 جنيه غرامة مالية
ومع قلة أعداد الناخبين المشاركين في التصويت، لوحت صحف موالية للأجهزة الأمنية بتوقيع عقوبة مادية تصل إلى 500 جنيه على المتخلفين عن التصويت.
إذ تنص المادة ( 56 ) من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، على أنه يعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه من كان اسمه مقيدًا بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في الانتخاب أو الاستفتاء.
وسبق أن تم التلويح مرارًا بالعقوبة المذكورة في جميع الاستحقاقات الانتخابية في عهد الانقلاب، مع تدني نسبة أعداد المشاركين، في ظل عدم الموثوقية بعدم نزاهة عملية التصويت، وهو ما يفسر سر التراجع اللافت في أعداد الناخبين المشاركين في الاقتراع.
غير أنه في جميع الأحوال لم يتم تطبيق الغرامة، خوفًا من ردة الفعل والغضب الشعبي، بخاصة وأن العقوبة حال تفعيلها ستشمل ملايين المواطنين ممن يملكون حق الاقتراع.

