هل تنجح الأجواء الاحتفالية الضخمة التي يحرص قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي على حضورها خلال الآونة الأخيرة في التغطية على حالة الفشل التي يعاني منها نظامه على المستويين الداخلي والخارجي، على الرغم من التظاهر ومحاولة إعلامه الترويج لما يعتبرها نجاحات له.
ما من شك أن التوظيف السياسي لحفل افتتاح المتحف المصري الكبير كان حاضرًا بقوة، وهو ما يتجلى في محاولة التضخيم من حجم الحضور على الرغم من مقاطعة قادة الدول العربية للاحتفالية، وكذا العديد من الرؤساء الأوروبيين.
تآكل شعبية السيسي
فالسيسي الذي تآكلت شعبيته في أوساط داعميه، يسعى لتحقيق مكاسب جماهيرية تقلل من حدة الغضب في أوساط الرأي العام، نتيجة السياسات الحكومية المثيرة للجدل، والتي تعد السبب الأبرز في حالة الغليان بين المصريين، بعد أن أرهقتهم ماديًا إلى حد أنهم باتوا عاجزين عن مجاراة الارتفاعات المتوالية في أسعار السلع والخدمات والوقود.
ومن المفارقات أن الحاضنة الشعبية لقائد الانقلاب هي أكثر من تأثرت بالإجراءات التي اتخذها خلال السنوات الأخيرة، مع لجوئه للاقتراض من صندوق النقد الدولي، والإذعان لشروطه ومطالباته برفع الدعم الحكومي عن السلع والخدمات الأساسية، وهو الأمر الذي أجج مشاعر الكراهية بين أولئك الذين خرجوا يهتفون له في الميادين، وجعل كثيرين منهم يعترفون بسقوطهم ضحية لخداعه وبيع الأوهام لهم.
إنجازات وهمية
لا يملك السيسي ما يقدمه للمصريين في هذا الوقت سوى المتاجرة بإنجازات وهمية تعمل أذرعته الإعلامية على تسويقها للمصريين، وإن كانت مهمة كهذه أصبحت من الصعوبة بمكان بعد أن أفاق كثيرون من المخدوعين من سكرتهم، وأصبح لديهم الوعي الكافي بما يحميهم من تكرار خداعهم، والمتاجرة بأحلامهم في تحقيق الاستقرار.
حتى إن المتحف المصري الكبير، وبشهادة حتى الموالين للسيسي يرجع الفضل في إنشائه وتنفيذه إلى حقبة الرئيس حسني مبارك، وكان مخططًا للمشروع الانتهاء منه في 2012 لولا الأحداث التي مرت بها مصر وأدت إلى تعطيل الانتهاء منه.
يمكن من خلال النظر في وجوه المصريين بالشوارع أن ترى غضبًا مكتومًا يموج في نفوسهم مما انتهوا إليه تحت حكم قائد الانقلاب، الذي خابت كل وعوده بتحقيق الرخاء والرفاهية لهم في غضون سنوات قليلة. انتظروا طويلاً ولم يروا إلا مزيدًا من الفقر والعوز الذي دفعتهم إليه سياساته البغيضة.
الردة على الديمقراطية
كان أمام مصر مستقبل أفضل لو مضى مسار الديمقراطية الوليدة في 2011 حتى النهاية، فلم يكن للرئيس وقتها أن يحتقر إرادة الشعب، ولا أن يقمع حريتهم، ولا أن يسوقهم إلى السجون والمتقلات بلا تهمة حقيقية، وما كان سمح المصريون له بأن يحيل حياتهم إلى جحيم أسود، بزعم الحفاظ على الأمن والاستقرار.
تدفع مصر والمصريون غاليًا، نتيجة الاندفاع بكل قوة في اتجاه هذا المسار العبثي البعيد كل البعد عن الديمقراطية. فلا يملك لأحد أن يعترض، أو يخالف إرادة قائد الانقلاب وإلا واجه مصيره معتقلاً أو مختفيًا قسريًا، فهو لا يؤمن إلا بوجهة نظره، ولا يستجيب لنصائح أحد بالتراجع عن سياساته المذلة للمصريين.
يكاد يجمع المصريون على أن ما نجح فيه قائد الانقلاب هو توحيدهم ضد سياساته التي يمضي بها غير عابئ بانعكاساتها السيئة على أحوال الوطن والمواطن. لا يرى المصريون تحت حكمه بصيصًا من الأمل يدفعهم إلى التفاؤل في انتشالهم من هذا الحضيض الذي أوصلهم إليه.
فالبذخ والإسراف هما أهم ما يميز أسلوب حكمه، ونظرة على حجم القصور التي يشيدها والطائرات الرئاسية التي يستخدمها تعطيك الانطباع بأن مصر دولة ثرية وليست "فقيرة" كما اعترف هو بنفسه، حين قال: "إحنا فقراء قوي".

