تُعد أراضي طرح النهر مناطق خاضعة لقوانين حماية وإدارة خاصة في مصر، حيث يمنع البناء فيها لضمان حماية مجرى نهر النيل من الفيضانات وتقليل الأضرار الناتجة عن ارتفاع منسوب المياه. وتحكم هذه المناطق عدة تشريعات وأحكام قانونية تهدف إلى تنظيم استخدام الأراضي والمحافظة على الأمن المائي والبيئي.
ويشير خبراء قانونيون إلى أن ما شهدته محافظة المنوفية من غرق مساحات واسعة من أراضي طرح النهر خلال الأسابيع الماضية، يكشف عن فشل حكومي في إدارة الملف المائي، وإهمال واضح في تطبيق القوانين المنظمة لتلك المناطق، ما يجعل الحكومة ـ ممثلة في وزارة الري والهيئات التابعة لها ـ مسؤولة قانونيًا عن تلك الكارثة.
 

مسؤولية الحكومة القانونية

  • واجب الحفاظ على الأمن المائي
    الحكومة ممثلة في وزارة الري والهيئات المختصة تتحمل مسؤولية إدارة مياه النهر بما يضمن سلامة المواطنين وأراضيهم. هذا يشمل تطبيق خطط التصريف، بناء وصيانة السدود والقنوات، وتنظيم فتح بوابات السد العالي لتنظيم تدفق المياه. وفي حالة غرق أراضي طرح النهر نتيجة إهمال أو تقصير في هذه الواجبات، تتحمل الحكومة مسؤولية قانونية مادية وأدبية عن الأضرار الناتجة.

    ويؤكد مختصون أن الإهمال في متابعة منسوب المياه أو سوء التنسيق بين الأجهزة التنفيذية والوزارة المعنية يشكل مخالفة صريحة لالتزامات الدولة في حماية الأرواح والممتلكات، مما يفتح الباب أمام مساءلة قانونية وتعويضات للمتضررين.
     
  • احترام قوانين البناء والطرح
    بما أن البناء على أراضي طرح النهر ممنوع قانوناً، يفترض أن تقوم الحكومة بتوعية السكان وإعطاء بدائل سكنية قبل وقوع الكوارث. عدم توفير بدائل أو تعطيل تنفيذ خطط إخلاء قانونية قبل الكارثة يضع مسؤولية إضافية على عاتق الحكومة بسبب تجاهل حماية السكان وحقوقهم المفروضة بالقانون.

    ويشير قانونيون إلى أن تجاهل الحكومة لوجود سكان في تلك المناطق دون اتخاذ إجراءات وقائية يمثل إخلالاً بالواجب الإداري، خاصة أن الدولة تمتلك خرائط ومساحات دقيقة توضح مناطق الخطر على امتداد النهر.
     
  • التقصير في تنفيذ خطط الطوارئ والتصريف
    في القانون الإداري، يُعد تقصير الجهات الحكومية في اتخاذ التدابير الوقائية للحد من آثار فيضان النيل مسؤولية مدنية عن الأضرار.
    التأخر في فتح بوابات السد العالي أو سوء التنسيق في التصريف يندرج في إطار هذه المسؤولية، حيث يمكن للمواطنين المتضررين رفع دعاوى قضائية للمطالبة بالتعويض.

    ويرى الخبراء أن الكارثة الأخيرة لم تكن مفاجئة، إذ سبقتها تحذيرات بيئية وتقارير هندسية أشارت إلى ارتفاع منسوب المياه في بعض المناطق، لكن الأجهزة المعنية لم تتحرك بالسرعة المطلوبة، مما جعل الغرق أمراً حتمياً
     
  • عدم إثبات مسؤولية إثيوبيا وإسناد الأسباب بشكل قانوني
    اللوم على سد النهضة الإثيوبي وعدم تقديم دليل قانوني مقنع أو تعاون في إطار الاتفاقيات الدولية يؤثر على مصداقية الحكومة ويعزز مسؤوليتها الوطنية.

    من الناحية القانونية، لا يمكن تحميل إثيوبيا وحدها مسؤولية الكوارث التي تنتج عن فشل إداري مصري داخلي دون وجود اتفاقيات ملزمة وتصرفات موثقة.

    ويعتبر محللون أن استخدام الحكومة لحجة سد النهضة محاولة للهروب من المسؤولية الداخلية، خاصة أن غرق الأراضي جاء نتيجة ارتفاع موضعي في المنسوب داخل الترع والمجاري المحلية وليس بسبب تدفق مفاجئ من السد.

 

أثر الالتزامات الدستورية والحقوقية
تضمن الدستور المصري حقوق المواطنين في الحياة الآمنة والعيش الكريم، ومبدأ سيادة القانون يلزم الحكومة بحماية هذه الحقوق.
إخفاق الحكومة في حماية أراضي المواطنين وسلامتهم من الفيضانات يشكل خرقاً لهذه الالتزامات، وقد يعد إخلالاً بمسؤولياتها الدستورية والقانونية، ما يفتح المجال للمساءلة الحقوقية والقضائية.

الخلاصة أن الحكومة تتحمل مسؤولية قانونية واضحة عن أضرار غرق أراضي طرح النهر بسبب تقصيرها في تنفيذ خطط الحماية وإدارة مياه النهر بشكل فاعل ومناسب.
كما يقع على عاتقها مسئولية توفير بدائل للسكان وحقوقهم القانونية.
بالمقابل، إلقاء اللوم على سد النهضة الإثيوبي دون دليل قانوني قوي لا يعفيها من مسؤولياتها الوطنية والمباشرة في إدارة مواردها المائية وحماية أراضيها ومواطنيها.

وبالأدلة القانونية والبراهين الواقعية، يتضح أن حكومة الانقلاب تتحمل كامل المسؤولية عن غرق أراضي طرح النهر في المنوفية، بفعل الإهمال الإداري وسوء إدارة الموارد، مما يستوجب المساءلة القضائية والسياسية أمام الرأي العام.