رصدت وسائل إعلام إسرائيلية تصاعد المؤشرات حول احتمالات إتمام صفقة تبادل أسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لكنها ربطت توقيت إنجاز الاتفاق بموعد انتهاء الدورة الصيفية للكنيست. يأتي ذلك وسط انتقادات داخلية متزايدة لأسلوب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– في إدارة المفاوضات، وتحذيرات من تصاعد التحديات الميدانية للقوات الإسرائيلية في قطاع غزة.

وفي تصريحات للقناة 13 الإسرائيلية، أكد شاي بزك، المستشار الإعلامي السابق لنتنياهو، أن رئيس الوزراء لن يبرم الصفقة قبل 31 يوليو، موعد ختام الدورة البرلمانية الصيفية، مرجعًا الأمر إلى مخاوف من تفكك الائتلاف الحاكم، لاسيما مع تهديدات وزيري المالية والأمن القومي، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، بالانسحاب حال إبرام الصفقة قبل ذلك التاريخ.

ووصف مراسل الشؤون السياسية في قناة الـ14 تامير موراغ ما يجري في الدوحة بأنه لا يرقى إلى مفاوضات بالمعنى المتعارف عليه، قائلا إن الأمر أشبه بـ"عطاء من طرف واحد"، إذ إن إسرائيل، حسبه، تقدم تنازلات كبيرة تشمل الانسحاب من مناطق ذات أهمية إستراتيجية تم السيطرة عليها خلال الحرب بعد معارك دامية وبتكلفة بشرية باهظة.

وأضاف موراغ أن نتنياهو يظهر اندفاعا غير مسبوق نحو إتمام الصفقة، حتى لو تطلب الأمر تقديم تنازلات واسعة تقابلها صلابة من الطرف الآخر، مؤكدا أن حركة حماس تتسلم بشكل دوري خرائط تتضمن خطوات جديدة لتقليص الوجود العسكري الإسرائيلي في القطاع، في مؤشر على تزايد المسافة بين مواقف الطرفين.

 

تفاؤل واسع

بدوره، أشار مراسل الشؤون الدبلوماسية في قناة الـ24 عميحاي شتاين إلى تفاؤل واسع يسود أوساط الوسطاء المشاركين في المفاوضات، خاصة بعد أن سلمت إسرائيل خارطة تتعلق بإعادة انتشار قواتها خلال 60 يوما من بدء سريان وقف إطلاق النار، وتشمل انسحابا كاملا من محور موراغ الفاصل بين مدينتي خان يونس ورفح، وتخفيفا للوجود العسكري في مناطق أخرى جنوبي القطاع.

وأوضح شتاين أن هذه التطورات تعد من منظور الوسطاء "اختراقا مهما"، لكنها لا تعني أن الاتفاق بات وشيكا، إذ لا تزال هناك حاجة لعدة أيام من المفاوضات المكثفة لحسم النقاط الخلافية، مشيرا إلى مرونة محدودة ظهرت في بعض القضايا الأمنية.

أما مراسل الشؤون السياسية في القناة الـ12 يارون أبرهام، فقد كشف أن الوسطاء طرحوا للمرة الأولى منذ أسابيع تفاصيل تتعلق بنسبة تبادل الأسرى والمحتجزين، دون الكشف عن أرقام دقيقة حتى الآن، لكنه نبّه إلى أن أسماء وصفات الأسرى الفلسطينيين الذين سيشملهم الاتفاق قد تفجر جدلا سياسيا داخل الحكومة والمجلس الوزاري المصغر.

ورأى أبرهام أن الأجواء الحالية توحي بأن المفاوضات تمر بلحظات حاسمة، رغم أن توقيع الاتفاق لا يزال بحاجة لأيام أخرى، ما يعني أن الأمر ليس مسألة ساعات أو يوم أو يومين، كما يتصور البعض.

 

الواقع الميداني

وفي السياق الميداني، أعلنت مذيعة الأخبار في القناة الـ12 إصابة جنديين من لواء المظليين بجروح خطيرة، إلى جانب إصابة ضابط ثالث بجروح متوسطة، خلال اشتباكات في قطاع غزة، مما يعكس استمرار حالة الاستنزاف التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي على جبهات متعددة داخل القطاع.

ومن جانبه، تحدث مراسل القناة الـ12 نيتسان شبيرا عن التحديات التي يواجهها الجنود على الأرض، مشيرا إلى أن المقاتلين الفلسطينيين يظهرون جرأة متزايدة، ويستخدمون أنفاقا أو مخابئ للظهور المفاجئ وإطلاق النار أو الصواريخ، كما حدث مؤخرا في حي الشجاعية بمدينة غزة باستخدام صواريخ مضادة للدروع وأسلحة خفيفة.

ونقل شبيرا عن جنود ميدانيين في مناطق مثل بيت حانون وخان يونس قولهم إن المواجهات باتت أكثر اتساعا، وإن المقاتلين الفلسطينيين يخوضون اشتباكات مباشرة وعلى نحو غير مألوف في الجبهتين الشمالية والجنوبية من القطاع.

وفي تعليق لافت، وصف مقدم الاحتياط إتاي ماجري، نائب قائد لواء مدرع، الواقع الميداني في غزة بأنه "عالم آخر" متعدد المستويات تحت الأرض، قائلا إن المقاتلين الفلسطينيين يتحركون ويقاتلون من خلال شبكة أنفاق على عمق مستويين أو ثلاثة، ما يجعل عملية تدمير هذا العالم عملية "منهجية وبطيئة"، بخلاف المعارك التي تجري فوق سطح الأرض.

وعلى مدار 21 شهرا من حرب الإبادة على غزة، انعقدت عدة جولات من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، بشأن وقف الحرب وتبادل الأسرى، بوساطة قادتها كل من قطر ومصر والولايات المتحدة.

وخلال هذه الفترة، تم التوصل إلى اتفاقين لوقف إطلاق النار، الأول في نوفمبر 2023، والثاني في يناير 2025، حيث شهدا اتفاقيات جزئية لتبادل أعداد من الأسرى، قبل أن تتنصل إسرائيل من الاتفاق الأخير، وتستأنف حربها على غزة في 18 مارس الماضي.