أعلن الجيش السوداني انسحابه من منطقة "المثلث الحدودي" بين السودان ومصر وليبيا، بعد هجوم واسع شنّته قوات الدعم السريع، في واحدة من أكثر العمليات حساسية منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان منتصف عام 2023.

وأكد الجيش السوداني في بيان رسمي، أن الانسحاب جاء في إطار "ترتيبات دفاعية" تهدف إلى صد العدوان، متهمًا بشكل مباشر قوات الدعم السريع بتنفيذ الهجوم بدعم من ميليشيات ليبية وقوى إقليمية، على رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي اتهمها الجيش مجددًا بتقديم دعم عسكري مباشر للدعم السريع، بما في ذلك تنفيذ غارات بطائرات مسيّرة.

 

اتهامات متبادلة.. ونفي ليبي
وسبق هذا الانسحاب بأيام اتهامات حادة أطلقها الجيش السوداني ضد قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، متهمًا إياها بالتدخل عسكريًا لصالح قوات الدعم السريع في المعارك الجارية على الحدود. وقالت القوات المسلحة السودانية إن الدعم الليبي يمثل "امتدادًا لمؤامرة إقليمية ودولية" تهدف إلى تقويض وحدة السودان واستقراره.

من جانبها، نفت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، بقيادة حفتر، هذه الاتهامات ووصفتها بـ"محاولة لتصدير الأزمة الداخلية السودانية وخلق عدو وهمي"، مضيفة أن قوة تابعة لها تعرضت لهجوم من جانب الجيش السوداني أثناء تنفيذها لما وصفته بـ"واجبها المشروع في حماية الحدود الليبية".

 

"الدعم السريع" تعلن السيطرة على جبل استراتيجي
وفي سياق العمليات، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على منطقة جبلية استراتيجية تُعرف باسم "جبل كسو"، قرب نقطة الالتقاء الثلاثي للحدود السودانية والليبية والمصرية، مؤكدة أنها نجحت في طرد قوات الجيش السوداني منها ودفعتها إلى ما بعد منطقة "جبل عوينات"، وهي منطقة حدودية شديدة الوعورة وتتمتع بأهمية استراتيجية قصوى.

وبث جنود من الدعم السريع مقاطع مصورة من المنطقة، مؤكدين تقدمهم الميداني في الصحراء، فيما ظهر قائد ميداني يأمر عناصره بالتراجع بعد اجتيازهم الحدود المصرية، في ما بدا أنه محاولة لاحتواء أي رد فعل مصري محتمل.

 

تصاعد القلق الإقليمي
ويأتي التصعيد الأخير وسط تصاعد التوترات الإقليمية المرتبطة بالصراع السوداني، حيث تتقاطع مصالح دول مثل الإمارات ومصر وليبيا على أرض سودانية دامية.

وكان الجيش السوداني قد اتهم مرارًا الإمارات بتسليح الدعم السريع وإرسال طائرات مسيّرة لتنفيذ ضربات ضد مواقعه، وهي اتهامات نفتها أبو ظبي مرارًا، واصفة إياها بـ"الادعاءات المغرضة".

في المقابل، وجّه قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، اتهامات للنظام المصري بدعم الجيش السوداني عبر تسهيلات لوجستية وتنسيق أمني مع حفتر، وهو ما يرفع من منسوب التوتر في منطقة الحدود الثلاثية، التي تُعد من أكثر المناطق الجيوسياسية حساسية في شمال إفريقيا.