بقلم : محمد منصور
لشد ما تريحني كلماتُ الله الحلوة، و تبعث في قلبي قدرا كبيرا من الطمأنينة و الأمل.
بسم الله الرحمن الرحيم
( و لا تَحسبنَّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون؛ إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار؛ مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم و أفئدتهم هواء ). إبراهيم /42
و لا نملك بعدها إلا الضحك من هذا السيسي؛ الذي يهرف بالكلمات؛ و ما علم أنه مكشوف و مكره مكشوف لعلم الله؛ يحسب أن الدنيا قد ألقت إليه مقاليد الأماني و أن الدهر قد حكمه فيه و نزل علي حكمه، و ما علم أن نشوة النصر التي ينعم بها ما هي إلا وهْمٌ كبير، و أن عساكره و كلابه و رؤساءه لن يحصنوه أبداً ضد الفشل و الخيبة و الهزيمة في الدنيا و الآخرة.
وما النياشين التي على صدره إلا وصمة عار؛ لأن ثمنها قذر؛ فهي مصدر للخزي و العار، و ليست رمزا للنصر و الفخر، بل هي الخيانة و الغدر و الانحراف بأبشع معانيهم، و نذالة لا يغسل البحر أوضارها و لا يطهر الأرض من عارها.
و يا ليتك تعلم ـ يا هذا ـ أنها لو دامت لغيرك لما وصلت إليك ؟؟؟، ألا تذكر أنك لست أقوى ممن خلقك يا وضيع ؟؟؟؟؟؟؟ و أنك من سنين كنت طفلا تبول على نفسك و تحبو على الأرض كجرو حقير.
و لكنك ما زلت سادراً في أحلامك؛ تتبنى فلسفة الثعبان المقدس التي تحدث بها إلى الشحرور في قصيدة الشاعر أبي القاسم الشابي، حينما حاول أن يزين له الهلاك الذي أوقعه فيه؛ فسماه تضحية و جعله السبيل الوحيد للخلود المقدس فقال :
ورآه ثعـــبانُ الجبــال , فغَـمّـــــه *** مــا فيـه مــن مرحٍ , وفيـض شبـابِ
وانقــضّ ,مضطـغنـــاً ,كــأنــــــه *** ســــوطُ القــضـاء ولعنــةُ الأربــابِ

بُغتَ الشقيُّ فصاح في هول القضا *** متـــلــفـتـــاً للـصـائــل المنتـــــابِ
وتَـدَفَّقَ المسكيــنُ يصرخُ ثـائــراً: *** مــاذا جـنـيــتُ أنــا فحــقَ عـقابي !
لا شـــيء, إلا أنـنـــي مـتــغــــزلٌ *** بالكـــائنات مغــردٌ فــي غابــــــي
ألقـى من الدنـيــا حنانــا طاهــــرا *** وأبثهــــا نجــوى المحـب الصــابي
أيعـــد هـذا في الـوجـود جريمــةً؟ *** أيـــن العدالـــة يــا رفــاق شبابـي ؟

فتبسم الثعبــان بســـمة هـــازيء *** وأجـــاب في ســمت ,وفــرط كـذابِ:
يا أيها الغِـــر المثرثر، إنـنـــي *** أرثـــــى لثـــــورة جهـلــــك الثــــلابِ
والغـرُّ يعـذره الحكيم إذا طغى *** جهــلُ الصِّــبــا في قلــــــبه الوثـــــابِ
فـاكبج عواطفك الجوامحَ ،إنهـا *** شـردتْ بلُـبِّـكَ ، واستمـــــع لخطــــابي
إنـــي إلــهٌ، طالما عبد الـورى *** ظـلِّــي، وخــافـــوا لعـــنتــي وعــقـابي
وتقــدَّمــوا لى بالضـحايا منهمُ *** فَـــرِحـــيــن ،شــــــأن العــابـــد الأواب
وســــعادةُ النفـسِ التقــيَّــة أنَّهــا *** يــــومــاً تــكـــون ضحــيـــة الأربــاب
فتصير في روح الألوهة بضعة *** قُـدُسِـيِّــة ،خــلـــصــت مــن الأوشـــاب
أفـلا يسرك أن تكون ضحيتـي *** فتحــلُ فـي لحـمــــي وفــي أعصــــابـي
وتكون عزماً في دمي ،وتوهجاً *** فـــي نـــاظــــريَّ ،وحــدةً فــي نـابـــي
وتذوب في روحي التي لا تنتهي *** وتصيــرَ بعــضَ ألوهـتـــي وشبـــابــي
إني أردتُ لك الخلـــود مؤلهـــاً *** في روحــي الباقـــي علــى الأحـقــــــاب
فكِّــرْ، لتــــدرك مـا أريـــــد، وإنه *** أسمـــى من العيـــش القصيـر النابــي

هكذا بشَّر الثعبانُ الشحرور، والآن حان دورنا لنبشر الثعبانَ الانقلابي، أَبْشِرْ؛ فإن الخناق قد ضاق عليك و حبال المشانق منصوبة بين يديك؛ تداعبها رياح الحرية تتأرجح في الهواء.
و أبشر ثانيةً؛ إذ لا نهاب و لا نبالي؛ لأننا ندافع عن قضية عادلة، و لنا مبادئ تظلنا بظلها الحنون في أوقات الهجير الحارقة؛ فلا نفر؛ لأن الفرار لا يدفع أمر الله و لا يطيل العمر، وهذه قيمة باقية تنقض دوافع نقض العهد مع الله، و كيف ننقضه أو نهن أو نحزن و معنا الله، و نحن نسمع كل يوم 30 مرة هذا النداء العلوي المقدس، هذا النشيد العلوي : الله أكبر.
و يا شعبي الحبيب إن الأمر جد؛ قد مضى زمن المزاح، و اعلموا أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، و ( أن النصر فوق الرؤوس، ينتظر كلمة " كُنْ " فيكون؛ فلا تنشغلوا بموعد النصر و إنما انشغلوا بموقعكم بين الحق و الباطل).