لم يتوقف تطاول الكاتب الموالي للأجهزة الأمنية، محمد الباز، رئيس تحرير جريدة "الدستور" على الصحابة والطعن فيهم، كما اعتاد على ذلك من وقت لآخر، رغبة في إثارة الجدل، ولفت الانتباه إلى شخصه، بزعم أنهم بشر ولهم أخطاؤهم، فيما يهدف من ذلك إلى نزع الاحترام والتقدير الذي يجله المسلمون لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم.
وكانت آخر تطاولاته بحق شخص الصحابي الجليل خالد بن الوليد، القائد العسكري الشهير، الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بـ "سيف الله المسلول"، والذي يُعرف عنه أنه لم يهزم في معركة خاضها قط، وكان يتمتع بدهاء عسكري شهد له به الجميع.
خالد بن الوليد
فقد زعم الباز في سياق تعليقه على الحلقة الأخيرة من برنامج "الدحيح" التي تناولت شخص خالد بن الويد، أن 90 بالمائة من التاريخ الإسلامي في أمهات الكتب "مزور"، وكُتب بدوافع سياسية كثيرة، وليس لأسباب دينية.
وادعى عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك" أن من بين هذا التاريخ المزور ما كتب عن خالد بن الوليد، وأن ما كتب عن تاريخه وقدرته من الكفاءة العسكرية، ظهر بعد عشرات السنين من وفاته، لأهداف سياسية، على حد زعمه.
وأضاف الباز أن "الدحيح" يتحدث لصالح من يدفع، ومتفقًا مع توجه من يمول، معتبرًا أن استدعاء خالد بن الوليد الآن، ودوره في الفتوحات ضد فارس، لسبب سياسي، وأجندة المواجهة مع إيران، لذا تم استدعاء بطولات خالد بن الوليد كجزء من التأثير النفسي في مواجهة سياسية على الأرض الآن، بحسب قوله.
ورأى الباز أن "خالد بن الوليد صحابي جليل له ما له وعليه ما عليه، لكن محاولة رسم بطولة قائد عسكري فذ، ليس ما حدث على الأرض بقدر ما هو تزيد، وهذا الكلام الذي يتم عرضه ليس لوجه الله ولا الإسلام، ولكن هناك أجندة".
الطعن في أبي هريرة
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتطاول فيها الباز على أحد الصحابة، فقد سبق وأن فجر جدلاً واسعًا على الصحابي أبي هريرة، أحد أشهر رواة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، عندما كتب مقالاً عبر جريدة "الفجر" في عام 2007 بعنوان "سقوط أكبر "راوي" لأحاديث الرسول".
ومما قاله الباز آنذاك قدحًا وطعنًا في شخص أشهر رواة الحديث: "ولما اتصل أبوهريرة بمعاوية وأصبح من دعاته وأقبل علي أطعمته الفاخرة يلتهمها وبخاصة المضيرة التي كانت من أطايب أطعمة العرب الثلاثة المشهورة والتي كان أبوهريرة نهمًا فيها فأطلقوا عليه اسم شيخ المضيرة واشتهر بذلك في جميع الأزمان حتي جعلها العلماء والأدباء مما يتندرون به عليه في أحاديثهم الخاصة وكتبهم العامة علي مدي التاريخ".
وهذه الرواية نقلها الباز عن محمود أبي رية عدو السنة، والذي نقلها بدوره عن الثعالبي، وجاء فيها: "وكان يعجبه المضيرة جدًا فيأكل مع معاوية، فإذا حضرت الصلاة صلى خلف على رضى الله عنه، فإذا قيل له في ذلك قال: مضيرة معاوية أدسم وأطيب، والصلاة خلف على أفضل، وكان يقال له "شيخ المضيرة".
وأكبر رد على تلفيق هذه الراوية عن أبي هريرة، الذي كان بالحجاز، ومعاوية بالشام، وعلي بالعراق، فكيف يتحقق له ذلك؟!
يقول الشيخ أبو شهبة رحمه الله في " دفاع عن السنة" "كيف يصح هذا فى العقول، وعلىّ كان بالعراق، ومعاوية كان بالشام، وأبو هريرة كان بالحجاز، إذ الثابت أنه بعد أن تولى إمارة البحرين فى عهد عمر رضي الله عنه لم يفارق الحجاز.
وقال الإمام ابن عبد البر: استعمله عمر على البحرين ثم عزله ، ثم أراده على العمل، فأبى عليه، ولم يزل يسكن المدينة وبها كانت وفاته. اللهم إلا إذا كان المؤلف يرى أن أبا هريرة أعطى بساط سليمان أو كانت الأرض تطوى له طيًا!".
ثم يمضي الباز محاولاً التحقير من شأن أبي هريرة: "ولم يعرف عن حياة أبي هريرة شيء له قيمة.. وكان ما عرف عن أصله أنه من عشيرة سليم بن فهد من قبيلة أزد من دوس إحدي قبائل العرب الجنوبية، أما نشأته فلم يعرف عنها شيء وكذلك لم يعرف الناس عن حياته في بلاده اليمن في مدي السنين التي قضاها قبل إسلامه غير ما قاله عن نفسه من أنه كان يرعي الغنم وكان فقيرًا معدمًا يخدم الناس بملء بطنه وقد ذكر هو أنه كان أجيرًا لابن نعان وابنه غزوان بطعام بطنه، ولقد كان أبوهريرة أميًا لا يقرأ ولا يكتب وظل على أميته طوال حياته".
وقال عنه إنه "اختار أن يعيش علي ما تجود به نفوس المحسنين من صدقاتهم عليه، اختار أبوهريرة ببساطة أن يسأل الناس فهذا يعطيه وهذا يمنعه.. سكن في الصفة التي كان يجلس فيها الفقراء والعاجزون ـ وهي مكان في مسجد الرسول ـ في انتظار من يتصدق عليهم ويطعمهم".
الحسين ظالمًا!
ولم يسلم آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من تطاول وحقد الباز، وذلك عندما كتب مقالاً في جريدة "الدستور" في 2017، تحت عنوان: "الحسين ظالمًا"، مما أثار انتقادات ضده دفعته للاعتذار عنه لاحقًا.
ومما قاله في مقاله: "ما الذي كان سيحدث لو أنّ الحسين رضي الله عنه، بايع يزيد بن معاوية عندما طلبت منه البيعة؟"، وما الذي كان سيحدث لو أنه اختار السلام، ولم يضع رحاله في أرض الحرب؟، وما الذي كان سيحدث لو أنه دخل إلى منظومة الحكم تحت ظلال يزيد، أو على الأقل لو أنه تفرّغ لدعوة الناس إلى الحق، وعلمهم الإسلام كما عرفه في بيت جده وبيت أبيه على بن أبى طالب من بعده؟.
وأضاف في سياق هجومه على حفيد النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد أورثنا الحُسين بموقفه من يزيد شقاقاً في الصف الإسلامي لا نزال نعانى منه حتى اليوم"، زاعمًأ أنه "لم يلتزم الحُسين عليه السلام بفلسفة جده النبي الأعظم، ولو قلت إنه تحوّل إلى أسطورة، وأصبح رمزًا لكل المقهورين والمظلومين ومسلوبي الحقوق، سأقول لك: وما الذي يستفيده هؤلاء من أسطورة الحُسين؟ إنهم لا يحصلون على حقوقهم أيضاً، لا ينعمون بحياتهم".
وأردف قائلاً: "لقد ظلم الحُسين الفقراء والمساكين والمعوزين، خدعهم عندما قال لهم قاتلوا عن الحق وأنتم ضعفاء، كان يجب أن يعلمهم أن يدافعوا عن حقهم بعد أن يصبحوا أقوياء، لأنهم بذلك يمكن أن يحصلوا على حقهم، الذي لن يسمح لهم أحد به إلا إذا كانوا أقوياء".
ثم ختم قائلاً: "حبوا الحسين، اعشقوه، علقوا صُوَره على حوائط بيوتكم، اذهبوا إلى ضريحه، اطلبوا شفاعته، واصلوا تعظيم أسطورته.. لكن أنصحكم وأنتم في حربكم مع الحياة، لا تتعاملوا بمنطقه، فمنطق يزيد هو الأجدى."!
وبعد أن أثار المقال موجة هجوم حادة ضده، اعتذر الباز عنه، مؤكدًا أن مقاله لم يكن إساءة أبدًا من قريب أو بعيد لسيدنا الحسين، بل كان انتقادًا للإخوان الذين يعتقدون أنهم على حق ويقولون أنهم يسيرون على نهج الحسين".

