يتناول هذا التقرير صرخة أخلاقية أطلقها الشيخ محمد الصغير وهو يذكّر الناس بأنهم في التكييف بينما يموت أهل غزة بردًا داخل الخيام، رابطًا بين الواقع الإنساني في القطاع والمسؤولية الشرعية والأخلاقية على الأفراد والأنظمة. تنطلق الخطبة من سؤال محوري: من يتحمل وزر ما يحدث في غزة، وتجويع أهلها وتركهم يواجهون البرد والمطر والجوع في مخيمات النزوح المهترئة؟

 

أولًا: مشهد الخيام الباردة في غزة

 

الشتاء في غزة لا يعني فقط انخفاضًا في درجات الحرارة، بل يعني أيضًا تهديدًا مباشرًا لحياة الأطفال وكبار السن داخل خيام لا تقي من البرد ولا من تسرب مياه الأمطار. تقارير صحية وإنسانية حذرت من أن موجات البرد والسيول أدت إلى غرق خيام نازحين، وهددت حياة الآلاف ممن فقدوا منازلهم وباتوا يعيشون في ظروف لا تليق بالكرامة الإنسانية. في هذه الصورة القاسية، يصبح البرد سلاحًا إضافيًا فوق القصف والحصار، يحصد أرواحًا أعجز من أن تدافع عن نفسها.

 

ثانيًا: ترف التكييف في مقابل موت الخيام

 

الجملة الصادمة: "نحن في التكييف.. وأهل غزة يموتون بردًا بالخيام" ليست مجرد وصف لحالتين مختلفتين، بل فضح لفجوة أخلاقية بين من يعيش في رفاه نسبي ومن يترك شعبًا محاصرًا يواجه البرد وحده. هذا التناقض يطرح سؤالًا مباشرًا للضمير: كيف يقبل إنسان أن ينعم بالدفء والطعام بينما يرى صور أطفال غزة يتجمدون في خيام غارقة بالمطر دون أن يتحرك قلبه أو يده أو ماله؟ الشعور بالراحة لا يعفي من المسؤولية، بل يحمّل المترفين عبئًا أكبر في نصرة المظلومين.

 

ثالثًا: من يتحمل الوزر شرعًا وأخلاقًا؟

 

تؤكد خطبة الشيخ محمد الصغير أن المسؤولية عن تجويع أهل غزة وعن تركهم تحت القصف والبرد لا تقع على الاحتلال وحده، بل تمتد إلى كل من يملك قدرة على النصرة أو الإغاثة أو الضغط ثم يتقاعس. يوضح الخطاب الشرعي أن من يمنع الطعام والدواء والكساء عن المحاصرين، أو يشارك في الحصار، أو يغض الطرف عن جرائمه، يتحمل وزرًا عظيمًا أمام الله، لأن حفظ النفس من ضروريات الشريعة، ولأن التخلي عن المنكوبين خيانة لواجب الأخوة والدين والإنسانية. ويتسع نطاق المسؤولية ليشمل الأنظمة المتواطئة، والمؤسسات الصامتة، والإعلام الذي يزيّف حقيقة ما يجري.

 

رابعًا: واجب الفرد والأمة أمام مأساة غزة

 

لا يكتفي الخطاب بتحميل المسؤولية للآخرين، بل يضع الأمة وأفرادها أمام واجب عملي، كلٌّ بحسب استطاعته، من التبرع والإغاثة والدعم الإعلامي، إلى المواقف السياسية والضغط الشعبي. فصور الخيام الغارقة والأطفال الذين يموتون بردًا ليست مادة عاطفية عابرة، بل نداء تكليف: أن يتحول الألم إلى فعل، والتعاطف إلى مبادرات حقيقية لنصرة غزة ورفع الحصار عنها، وعدم القبول بتطبيع الموت اليومي كخبر عادي في نشرات الأخبار.

 

ولمشاهدة مقطع الخطبة كاملًا يمكن متابعة الفيديو عبر منصة إكس على هذا الرابط:


 

واخيرا تذكّرنا فكرة "نحن في التكييف.. وأهل غزة يموتون بردًا بالخيام" بأن المأساة ليست قدرًا محتومًا بل نتيجة حصار وظلم وتواطؤ وصمت، وأن لكل إنسان قدرًا من الوزر أو الأجر بحسب موقفه مما يجري في غزة. ما بين من يبرر، ومن يسكت، ومن ينصر، تُكتب فصول تاريخ أخلاقي ستُعرض يومًا ما أمام الله، حيث لا تنفع الأعذار ولا يضيع دم طفل أو أنين شيخ في خيمة ممزقة تحت مطر لا يجد من يصدّه عن أجسادهم الضعيفة.