قال قيادي بارز في حركة حماس لـ"المنصة" إن القيادة الميدانية للحركة قررت مواجهة جيش الاحتلال في المنطقة التي يسيطر عليها داخل الخط الأصفر، مؤكدًا رفض المستويين السياسي والميداني للحركة "بشكل قاطع" خيار الاستسلام الذي طرحته إسرائيل خلال المفاوضات، في رسالة واضحة تؤكد أن المقاومة الفلسطينية لن تنكسر مهما اشتدت وطأة الحصار والحرب.
كان الاحتلال عرض استسلام مقاتلي الحركة في أنفاق رفح خلال مفاوضات أجريت خلال الأيام الماضية، مقابل وقف استهدافهم في الأنفاق، وهو ما أكده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أيضًا مقترحًا تسليم أسلحتهم لطرف ثالث مقابل عفو إسرائيلي مشروط. لكن القيادة الفلسطينية أغلقت هذا الباب نهائياً، مؤكدة أن المقاومة لا تستسلم ولا تتخلى عن سلاحها تحت الضغط والتهديد.
رفض قاطع للاستسلام.. والمواجهة هي الخيار
قال القيادي الذي تحدث لـ"المنصة"، طالبًا عدم نشر اسمه، إن قيادة الحركة بعد مشاورات داخلية رأت أنه "طالما الاحتلال لا يسعى لحل شامل للقضية عبر التفاوض بمشاركة الوسطاء، فلا خيار أمام هؤلاء المقاومين سوى المواجهة". هذا الموقف الحاسم يكشف أن حماس والقسام قرروا ألا يكونوا ضحية سهلة لمخططات الاحتلال، وأن الصمود في الأنفاق ليس مجرد دفاع عن النفس، بل جزء من استراتيجية مقاومة طويلة المدى.
وأضاف القيادي أن القيادة الميدانية تركت للمقاتلين حرية تحديد شكل العمليات القتالية وفق ظروف الميدان، وقد يتعاملون كاستشهاديين حال التأكد من عدم التوصل لاتفاق، وهو ما أُبلغ به الوسطاء. هذا التصريح الخطير يعني أن المقاتلين المحاصرين في أنفاق رفح مستعدون لتنفيذ عمليات استشهادية ضد قوات الاحتلال إذا حاولت اقتحام الأنفاق، ما يعني أن إسرائيل تواجه معضلة عسكرية معقدة قد تكلفها خسائر فادحة.
رفح ساحة المواجهة القادمة
أكد القيادي أن الحركة أبلغت الوسطاء أيضًا بأن أي تصعيد في رفح مسؤولية الاحتلال، مشددًا على الالتزام بقرار وقف إطلاق النار في المناطق الواقعة خارج الخط الأصفر، ورفض محاولات إسرائيل لتوسيع هذا الخط بما يخالف اتفاق شرم الشيخ. هذا الموقف يكشف أن حماس تلتزم بالاتفاق في المناطق المتفق عليها، لكنها لن تسمح للاحتلال بفرض شروطه على الأرض باستخدام القوة والحصار.
حرب نفسية وادعاءات كاذبة
نفى القيادي صحة حديث جيش الاحتلال عن القبض على خمسة من عناصر القسام في رفح أو استسلام أي من المقاتلين المُحاصرين، مشددًا على أن خيار الاستسلام غير مطروح نهائيًا، ومعتبرًا أن ما ينشره الاحتلال يأتي ضمن حرب نفسية لإجبار المقاتلين على الاستسلام في ظل مخاوف بين قواته من عملية الاشتباك أو الاستهداف، بعدما فشل في الوصول إلى المقاتلين أو التعامل معهم ميدانيًا.
100-200 مقاتل في شبكة أنفاق معقدة
لا توجد معلومات دقيقة حول أعداد مقاتلي كتائب القسام المتواجدين في أنفاق رفح، فيما تشير تقديرات إلى أن أعدادهم تتراوح بين 100 إلى 200 مقاتل تحت قيادة أبو أحمد البواب، كما تؤكد مصادر بالحركة لـ"المنصة"، أنهم لا يزالون يحتفظون بشبكة أنفاق كبيرة ومعقدة لم يصل لها الاحتلال بعد.
وأكدت المصادر أن الحديث عن تواجدهم في نفق واحد غير صحيح، وأن القدرات العسكرية للكتائب لا تزال جيدة رغم الحصار المستمر منذ أكثر من عام ونصف. هذه المعلومات تكشف أن المقاومة نجحت في الحفاظ على بنيتها التحتية وقدراتها القتالية رغم حرب الإبادة التي شنها الاحتلال لأكثر من عامين، وأن شبكة الأنفاق لا تزال تشكل تحدياً عسكرياً حقيقياً لإسرائيل.
فشل التكنولوجيا الإسرائيلية في مواجهة الأنفاق
أفادت تقارير إسرائيلية بأن جيش الاحتلال استخدم خلال الفترة الأخيرة من الحرب على غزة، روبوتات مفخخة وأجهزة استشعار متقدمة وأنظمة استشعار جوية لرسم خرائط تحت الأرض. كما نشر موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي تقارير تفيد باستخدام تقنيات تعتمد على الذكاء الاصطناعي وأنظمة استشعار متعددة الطبقات لاكتشاف ممرات تحتية وعمقها.
لكن رغم كل هذه التكنولوجيا المتطورة، قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس قبل أيام، إن شبكة الأنفاق تشكّل العمود الفقري لقدرات حماس القتالية، وأن نحو 60% منها ما يزال قائمًا رغم القصف الذي تواصل لأكثر من عامين، ما أثار أسئلة حول مدى نجاح العمليات الإسرائيلية في تدمير هذه البنية التحتية تحت الأرض. هذا الاعتراف الإسرائيلي الرسمي يكشف فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العسكرية، ويؤكد أن المقاومة لا تزال تمتلك قدرات قتالية كبيرة.
رسالة واضحة.. المقاومة لا تستسلم
التصريحات القيادية من حماس تحمل رسالة واضحة للاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية: المقاومة الفلسطينية لن تستسلم، ولن تسلم سلاحها، ولن تقبل بشروط الاحتلال مهما اشتد الحصار والضغط. المقاتلون المحاصرون في أنفاق رفح مستعدون للمواجهة حتى الاستشهاد، والقيادة السياسية والميدانية تدعمهم وتترك لهم حرية اختيار شكل المعركة.
هذا الصمود الأسطوري الذي يواصله المقاومون تحت الأرض، رغم أكثر من عامين من الحرب والحصار والإبادة، يؤكد أن إرادة الشعب الفلسطيني أقوى من كل أسلحة الاحتلال وتكنولوجياته المتطورة. وأن حلم إسرائيل بتصفية المقاومة ونزع سلاحها يظل مجرد وهم لن يتحقق مهما طال الزمن.

