في تقرير جديد صادم بعنوان "ضاعت كل أحلامي"، كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش تفاصيل تهجير الجيش الإسرائيلي القسري لآلاف الفلسطينيين من ثلاثة مخيمات للاجئين مطلع 2025، مصحوبًا بتدمير واسع للمنازل ومنع العودة بالقوة، ما يمثل جريمة حرب موثقة بشهادات حية وصور أقمار صناعية وتحقيقات ميدانية للمنظمة.
المنظمة دعت إلى فرض عقوبات وملاحقة مرتكبي تلك الجرائم أمام المحكمة الجنائية الدولية، معتبرة ما جرى أحد أسوأ فصول التطهير العرقي في المنطقة منذ عقود.
تهجير جماعي وعنف مروع تحت غطاء عسكري
بدأت عملية "السور الحديدي" أواخر يناير 2025 بزعم "إحباط الإرهاب"، فاقتحمت قوات الاحتلال مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس مستخدمة مروحيات قتالية وطائرات مسيرة وجرافات، وأجبرت المدنيين على إخلاء منازلهم خلال ساعات قليلة.
نقلت المنظمة شهادات ضحايا تحدثوا عن أوامر إخلاء عبر مكبرات صوت على المسيرات، واقتحامات عنيفة تخللتها نهب واعتداءات. واحدة من النساء وصفت المشهد قائلة: "كانوا يصرخون ويرمون الأشياء في كل مكان... كانوا يرتدون أقنعة ويحملون جميع أنواع الأسلحة".
تدمير واسع ومنع قسري للعودة
وثق التقرير تدمير أكثر من 850 مبنى بين منازل ومرافق في تلك المخيمات، فيما قدر مركز يونوسات الأممي الأعداد بنحو 1460 مبنى متضررًا بشدة أو مدمرًا بالكامل.
وأكدت المنظمة أنّ الجيش الإسرائيلي لم يكتفِ بالتهجير بل منع عودة النازحين حتى بعد توقف العمليات، وفرض قيودًا بإطلاق النار على من حاول العودة، ما حول المخيمات لمناطق منكوبة شبه خالية من سكانها الأصليين.
بررت إسرائيل ذلك بزعم "وجود عناصر إرهابية" دون تفسير لتهجير المدنيين.
أدلة توثق الجريمة ومسار المحاسبة الدولي
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات ميدانية مع 31 نازحًا وراجعت صور أقمار صناعية وأوامر هدم ومقاطع مصوّرة وفرتها منظمات إنسانية وسكان محليين، لتؤكد طبيعة الجريمة الممنهجة.
الباحثة نادية هاردمان شددت على أن ما جرى يخرق القانون الدولي ويشكل تطهيرًا عرقيًا مفضوحًا، مطالبة الحكومات بفرض عقوبات على كبار المسؤولين الإسرائيليين، بينهم نتنياهو وكاتس وقيادات عسكرية، وتعليق صفقات السلاح مع إسرائيل، بالإضافة إلى تنفيذ مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.
إسرائيل تسعى لطمس القضية والمجتمع الدولي مطالب بالتحرك
رفضت سلطات الاحتلال التجاوب مع طلبات العودة أو توضيح مصير النازحين مستقبلاً، فيما تواصل تشديد العقوبات الجماعية على المخيمات لصالح مشروع استيطاني أبعد، كما صرح وزير المالية سموتريتش بأنه سيكون مصير المخيمات "أطلال غير صالحة للسكن" إذا استمر الفلسطينيون فيما سماه "أنشطة إرهابية".
حمل التقرير دعوة صارخة للتحرك القانوني والحقوقي ضد السياسات الإسرائيلية، التي تستغل الانشغال العالمي بغزة لإخفاء جرائم كبرى يجري تنفيذها في الضفة.
وأخيرا فجريمة التهجير القسري المنظمة التي وثقتها هيومن رايتس ووتش بحق آلاف اللاجئين في الضفة تضع الحكومة الإسرائيلية في مواجهة غير مسبوقة مع العدالة الدولية، وتكشف الوجه الحقيقي لسياساتها القائمة على التطهير العرقي ونهب الأرض واحتجاز الحقوق، فيما يظل صمت المجتمع الدولي وعدم المحاسبة الفورية عنوانًا لتواطؤ أطراف دولية تجاه واحدة من أعنف وقائع الإجرام الحديث ضد الفلسطينيين.

