توصلت دراستان أجراها باحثون بجامعة جورجيا إلى أن الهواتف المحمولة قد يكون لها تأثير سلبي على العلاقات الأسرية والصحة العقلية للشباب.

 

تشير الدراستان اللتان أجرتها كلية العلوم الأسرية والاستهلاكية بجامعة جورجيا ونشرتا في مجلة علم نفس الأسرة والتنمية وعلم النفس المرضي إلى أن استخدام الوسائط الإلكترونية، وبخاصة بين الفتيات الصغيرات، يمكن أن يؤدي إلى زيادة الصراعات الأسرية، فضلاً عن توسيع الفجوات في المشاعر العاطفية بين الآباء والأبناء.

 

قالت الدكتورة كالسيا كوس، المؤلفة المشاركة في الدراسة، والأستاذة المساعدة في قسم التنمية البشرية وعلوم الأسرة: "نشهد نموًا نموذجيًا للمراهقين في مجال رقمي جديد وناشئ يصعب التعامل معه. إن استخدام الهاتف الذكي في مرحلة مبكرة من الحياة يُمثل مخاطرة".

 

وأضافت: "قد يرغب الآباء في التفكير في أفضل وقت للقيام بذلك. عليهم أن يكونوا مستعدين لوضع حدود يمكن للجميع الالتزام بها، ثم تطبيقها".

 

مشاكل عائلية

 

وباستخدام بيانات من مستودع التطور المعرفي لدماغ المراهقين، حلل الباحثون الديناميكيات المتغيرة لأكثر من 11 ألف أسرة لديها أطفال لمدة عقد من الزمان، بدءًا من سن التاسعة.

 

وجد الباحثون أنه بحلول سن الحادية عشرة، كان الشباب الذين يستخدمون الشاشات أكثر عرضة للخلافات العائلية، كالجدال أو انتقادات الوالدين اللاحقة للطفل. واستمر هذا التوجه طوال سنوات مراهقتهم.

 

قال كوري كارفالو، المؤلف الرئيس للدراسة، وخريج جامعة جورجيا: "في المتوسط، يبدأ الأطفال في استخدام الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي في سن العاشرة تقريبًا، وهي مرحلة مبكرة جدًا، وحتى هذا السن يتناقص. ومع تزايد اختلاف الأطفال عن آبائهم بسبب هذه التغيرات العصبية والبيولوجية العاطفية العميقة، لاحظنا أن وسائل التواصل الاجتماعي تُسبب خلافات متنوعة، وصعوبات في حل المشكلات، وشجارات، وتعبيرات عن الغضب".

 

وكان هذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة للفتيات الصغيرات اللواتي يقضين وقتًا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بدأن في الانخراط في علاقات اجتماعية وربما مقارنة أنفسهن بالآخرين عبر الإنترنت في سن أصغر، كما أظهرت النتائج.

 

مع ذلك، فإن ألعاب الفيديو ومشاهدة مقاطع الفيديو (مثل تلك الموجودة على موقع يوتيوب) لم تتسبب في حدوث صراعات في حد ذاتها.

 

الاضطرابات العاطفية

 

في نفس مجموعة البيانات، وجد الباحثون أن استخدام الوسائط الإلكترونية كان له تأثير سلبي على كيفية تعامل المراهقين والشباب مع الاضطرابات العاطفية.

 

وأشارت الدراسة إلى أنه كلما حصل الطفل على هاتف ذكي في وقت مبكر، كلما قل وعي الوالد إذا كان الطفل يعاني من القلق أو الاكتئاب في وقت رئيس حيث تزداد هذه الأعراض.

 

قالت الدكتورة نيانتري رافيندران، الأستاذة المساعدة في قسم التنمية البشرية وعلوم الأسرة والمشرفة على الدراسة: "تشير نتائجنا إلى أن حصول الأطفال على الهواتف الذكية في وقت مبكر قد يقلل من احتمالية كشفهم لمشاكلهم العاطفية لآبائهم. وبالتالي، قد يُحدث امتلاك الهواتف الذكية فجوات في التواصل بين الوالدين والطفل".

 

استيعاب المشاكل

 

قال كارفالو: "لا يزال أفراد الأسرة مهمين، لكن الأطفال يجدون المزيد من الدعم والراحة خارج نطاقهم بفضل وسائل التواصل الاجتماعي".

 

وأضاف: "نعلم أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين أعراض الاكتئاب والقلق التي تظهر لدى المراهقين والصحة النفسية في مرحلة البلوغ. من المهم جدًا اكتشاف هذه الأمور مبكرًا ليتمكن الأهل من التدخل والحد منها".

 

وعلى الرغم من أنه قد يكون من غير الواقعي تجنب شراء هاتف ذكي على الإطلاق، ينصح الباحثون بتأخير امتلاك الهاتف الذكي حتى يكبر الأطفال، أو وضع حدود زمنية لوقت استخدام الشاشة، فضلاً عن إعطاء الأولوية للتفاعلات وجهًا لوجه في الأسرة.