د. وائل عبده

أثناء تلاوتي يوم الجمعة الماضية لسورة الكهف وقفت أمام قوله تعالي:

وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28)

وتأملتها فإذا هي أجزاء عظيمة كأنها تنطق لنا اليوم نصحا وتعريفا وتوعية , والقرآن ينطق الي يوم الدين بما يصلح لنا واقعنا والحمد لله رب العالمين:

وجدت قوله تعالي آمرا وناصحا  وَاصْبِرْ نَفْسَكَ  بحثت عنها فاذا صبر الشيء أي حبسه أيقنت أن اصبر نفسك يعني احملها في مدلولها معاناة وفيها مكابدة وفيها تصبير ولو علي غير هواها ولو حدث ما لا تحبه وما تكرهه علي أن تكون عملك لله مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي  .

يقول عن هؤلاء الشهيد سيد قطب   (الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ). فالله غايتهم , يتجهون إليه بالغداة والعشي , لا يتحولون عنه , ولا يبتغون إلا رضاه . وما يبتغونه أجل وأعلى من كل ما يبتغيه طلاب الحياة .

وقوله تعالي   وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا  أي شهوة الحياة الدنيا وشهوات الدنيا عدة منها شهوة النفس وحظها والاستمتاع بها كلاما وكتابة والاستمتاع بإطراء الناس عليها وفتح الفضائيات أمامها والصحف في مقابلتها ورؤية صورتها علي صدر الصفحات وأغلفة الكتب تدور مع الآفاق ,نفس يسألها اهل الحق واهل الضلال عن رأيها فتنطلق بلا حواجز تتكلم حقا أو باطلا ولأنها نفس مشتهرة فإنها تستبيح لذاتها ان تقول في الناس ما تقول لا يردعها رادع ولا يحدها حد وتنسي فضل أهل الفضل وحقهم لا يمنعها معروف أهدي إليها يوما فتنسي وداد سنين وليس وداد لحظ فقط .

نفس مسكينة يذكرها البشر بصفات من عندهم , فيعمون عليها حقيقتها أنها نفس فانية ستقف يوما ما بين يدي عالم الغيب والشهادة ينبئها بكل كبيرة وصغيرة  كم هي بئيسة تلك النفس كم هي مسكينة تلك النفس .

بل ويزيد ايضا التحذير الرباني وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً  فيحذرنا من متابعة وطاعة أصحاب الأغراض ضد الإسلام الذين يقفون لكل ما هو اسلامي فيلقون الشبهات ويسيئون الي الاشخاص ويصرفون الناس عن دين الله تعالي وهم يتصفون بصفات ثلاث:

·         أغفل الله قلبه عن ذكره والذكر هنا أي أن يعمل لوقفته بين يدي الله حساب ,فغفل هو عن الله فامتلأ قلبه بغير الله فلا يوجد في قلبه لله تعالي مكان.

·         إنهم يتبعون أهوائهم ومزاجهم ورغباتهم من أموال سخية ومتع دنيوية و إطراءات شهية

·         وكان أمره فرطا وفرطا قال العلماء من التفريط يعني الانسلاخ من الالتزام وقالوا فرطا يعني قدما في الشر

والآية لما قفت معها وقد وضح منها صفات من نصطبر بالعمل معهم لله ومن يجب علينا ان نحذر منهم  ,تمثلت بعضا ممن ترك الجماعة وليس الكل, أسمعهم في الفضائيات وأقرأ لهم تصريحاتهم ومقالاتهم  اسأل الله الا يميتني واياهم علي حالهم من عدم الصبر علي مجالسة من كان الله غايته وإن حدث يوما مع البعض اختلاف فلسنا نسخا مكررة (وقد عرجت علي هذا سابقا في الرد علي مقال الاخوان لا تنفي طيبها )بل أسأل الله أن يصبرنا جميعا علي طريقه وألا نغتر بمن يمد لنا يد شر لنتبع هوانا في الطعن بأهل الغايات الربانية فننسي الله ونتبع أهل التفريط والاهواء

أذكر يوما قول  أخي الكريم الاستاذ محمد القصبي  في  قوله تعالي (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا) الله تعالي خلقنا مختلفين ليري منا هل نصبر علي بعض طالما أن الغاية واحدة وهي رضوانه لذا كانت السؤال أَتَصْبِرُونَ  ؟؟

اللهم اجعلنا من أهل نعم نصبر يارب فلا نفارق طريقك الذي ارتضيت ولا نموت إلا علي طريقك الذي رضيت فنقف جميعا يوم القيامة صفا واحدا خلف الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وحمزة وزيد وحسن البنا وسيد قطب ومرشدينا الكرام وأهل سبق دعوتنا الأحبة وإخواننا في الصف ومن يأتون بعدنا نصبر علي بعضنا البعض ونصبر علي أهلنا وامتنا فهم اهل الرباط والنضال وحفظ الاسلام وان حاول اعداء الدين والوطن غير ذلك فسعيهم خائب وسهمهم طائش ان شاء الله تعالي ونحن في صبرنا نستضيئ بموعودك يا رب:

أوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً