حازم سعيد :
نفس سيناريو مجلس الشعب والشورى وما حدث بعد أن فاز الإسلاميون ( إخوان وسلفيون ) بأغلبية البرلمان وحازوا ثقة الشارع ، يتكرر مع الرئيس الشرعي المنتخب الذي هو أول رئيس يأتي لمصر بإرادة شعبية حرة منذ - أو - لأول مرة على مدار السنين ، وعلى مر القرون .
أزعم أنه خلاف نبي الله موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لم يأت لمصر حاكم بإرادة شعبية إلا الدكتور محمد مرسى ( وهذا الزعم أو هذه الملاحظة بالذات كان لها أكبر الأثر على قلوب كثير ممن أعرفهم حين تتلو عليهم آيات القرآن التى تحدثت عن نبي الله موسى وكلها وأنت تقرؤها تكاد تستشعر حرارة وقعها على قلوبهم خاصة الآيات من مثل " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " ومثل " قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا . قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم فى الأرض فينظر كيف تعملون " .
ولنا مع هذا السيناريو وقفات :
1. بدأ السيناريو قبل إعلان النتيجة وبعد مؤتمر حملة الدكتور مرسي فجر اليوم التالي للتصويت والذي بعده تأكد الجميع الأنصار والخصوم من فوز الدكتور مرسي بالأدلة والوثائق ، ولكنهم فعلوا ذلك كمحاولة يائسة أخيرة لمنع إعلان الحقيقة التي تقضى بفوز رئيسنا الدكتور مرسي ، قاد حملة التشكيك مجموعة من الإعلاميين على رأسهم مصطفى بكرى وضياء رشوان ، الذى استمات – عن كِبرٍ أو أجرة – للتشكيك فى نتائج الحملة وأن هناك محاضر غير مختومة ... الخ .
أقول استمات ولف كعب داير على الفضائيات ليقول هذا الكلام مشككاً ، وليظهر أنه المحلل المدقق المراجع الذي رصد أخطاء للحملة ، نتيجة عدم ختم بعض محاضر اللجان التي مجموعها يقرب من ثلاثة مليون صوت .
ووجه هجومي على هذا المدعو رشوان أنه لم يكن محايداً ولا منصفاً من نقطة تؤكد سوء النية والطوية والترصد والكيد ومحاولة التاثيرالزائف على الرأي العام ، وهي أن هذه المحاضر التى يشكك فيها ، ما كان له أن يغيب عليه خاصة وهو يدقق بهذه الصورة من بين أكثرمن أربعمائة وخمسين محضر ما كان له أن يفوت عليه أنه لو حرم المرشحان من أصوات هذه اللجان فسيكون ذلك فى مصلحة الدكتور مرسى وسيكتسب فارق من الأصوات أكبر لأن شفيق كان متفوقاً فى هذه المحاضر التي يشكك فيها بأكثر من ثلاثة أرباع المليون من الأصوات .
بكري وأمثاله قادوها بصورة أخرى لا تستند لمنطق ولا لدليل واعتمدوا فى كلامهم على ادعاءات حملة شفيق الهلامية ومؤتمراتهم الكوميدية التي قالوا بها أنهم هم الذين ربحوا المعركة ، مع أخبار وهمية من نوعية أن الحرس الجمهورى تسلم مكان إقامة شفيق لتأمينه بما يعني ذلك من أن النتيجة التي ستعلن سوف تكون فوز شفيق ، لمحاولة عمل رأي عام يشوه نتيجة فوز مرسي .
هذا يؤكد خبث نية وطوية ضياء رشوان وبكرى وغيرهما من المتكبرين أو المستأجرين أو الحاقدين .
2. وبعد ما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات – مضطرة – بعد وقفة الثوار الأسود بالتحرير وبعد الحصار الإعلامي من قبل حملة الدكتور مصري أو حركة قضاة من أجل مصر ، وبعد أن أقسم الدكتور مرسي يمين الرئاسة وبعد أن تم نجاحه رسمياً واستلم مقاليد الأمور ، بدأت آلة الكيد والبهتان عملها .
بدءاً من إطلاق شائعات وأكاذيب وتدشين كل البرامج الفضائية من أجل هذه الأكاذيب من نوعية أن ابن الدكتور مرسي هو الذى ودع راشد الغنوشي فى إنتاج لسيناريو تغول أبناء الرئيس ، ومن نوعية تأكيد قتل مواطن صعيدى على يد السلفيين ( تاني ) فى إنتاج باهت ممجوج لواقعة قطع أذن مواطن بالصعيد ، تلك الواقعة التي برأ فيها القاضي كل المتهمين ) .
ومروراً بالتهويل من أحداث بسيطة يمكن أن تمر كواقعة شيخ الأزهر باحتفالية جامعة القاهرة بالرئيس ، شيخ الأزهر نفسه الذى عودنا على انحناءة الرأس لمبارك الطاغية الفاسد ، الآن رفع رأسه معترضاً على واقعة ليس لها علاقة بالرئيس ويضخمها الإعلام ويتباكى عليها بحجة أنه حدث انتهاك لمقام شيخ الأزهر من قبل مؤسسة الرئاسة ، تخيلوا من يتباكى على مقام شيخ الأزهر ؟ إنه لميس الحديدي !!! ، هذا هو عين ما يصنعه الإعلام بتهويل الموقف وتداوله على كل وسائل الإعلام المرئى والمكتوب.
صورة أخرى من صور الكيد هو التحدث عن الرئيس بانتقاص بين تقليل من شأنه أو انتقاصه أو التهوين من بعض قراراته ووصل الأمر فى أشد حالات الفجور لشتيمة الرئيس والتكلم عنه بلغة تحقير وإطلاق ألفاظ فاحشة فى حقه مثل فجر عادل حمودة وموجز ياسر ، وكلاهما شخصان لو تحدثت عن نوعية مجلاتهم الصفراء لخشيت أن المقال لن يصلح للنشر فى مثل الموقع العفيف الشريف " نافذة مصر " .
صور الكيد امتدت لتشمل أرض الواقع ، وهذه هي ساحة مؤامرات الأمن الوطني وما اختلقه من تمثيليات هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهم بلطجية يظهرون فى سمت الملتزمين من لحية وثياب بيضاء ونقاب ليأمروا الناس وينهونهم بفظاظة وغلظة حتي ينفروا الناس من المشروع الإسلامي ، ليظهروا الإسلاميين فى شكل المتغولين المستقوين بمقام الرئيس وما فى ذلك من صرف للناس عن المشروع الإسلامي .
آخر ما أذكره من المآسي وليست هي الأخيرة روح التربص مع كل ما ينتجه الرئيس من قرارات أو تصرفات أو منجزات ، مع التعتيم على ما ينجزه الدكتور من قرارات وتصرفات ما حلمت مصر أن تشهده فى رئيس متدين يخشى الله فى شعبه يتعامل ببساطة وحب مع قوة وإرادة ، والتعتيم هنا ليس على القرارات فهذه لا يملكونها ، حيث يغطيها الإعلام القومي فيضطروا هم أيضاً لأن يعلنوها ولكنهم لا يتعرضون لها بالتحليل ولا بالشرح والتفصيل فيغضون الطرف عنها كلية ، وإن حللوها فبوجهة نظر ناقدة مشككة .
3. هذا الكيد الذي يصنعه الإعلام يتم بدافعين : أولهما إفشال المشروع الإسلامي والكيد له والتربص به ، وهذه معلومة منطقية متوقعه ، وما كان لهؤلاء المرجفين أن يقفوا مع مشروعنا ، ولا حتى أن يقفوا منه إلا موقفاً سلبياً ، والدافع الثاني هو التغطية على ما فاجأهم به الدكتور مرسي من شخصية متزنة متدينة بسيطة متواضعة قوية ، وبما يحققه من نجاحات هائلة ومن إنجازات ما كنا نحلم أن يرزقنا الله بمثل هذا الرئيس العادل المتزن ، من تراحم مع العاملين فى قصر الرئاسة ومن خفض لمظاهر التكلف كالمواكب والتشريفات ومن فتح الأبواب أمام أسر الشهداء ومن .. ومن ..
لقد تفاجأ هؤلاء وبهتوا ، وهم الآن يحاولون طمس أو التغطية على هذا النجاح ولن يستطيعوا ولو ولج الجمل فى سم الخياط إن شاء الله ، فما كان لهم أن يقفوا أمام سيل الدعوات من الضعفاء والأذلاء لربهم المخبتين له فى جوف الليل ، أحسب أن كلمة الإمام أحمد تتحقق فى واقعنا المعاصر عن ادخار الدعوة الصالحة للإمام الصالح ، فاللهم وفق عبدك مرسي لما تحبه وترضاه واللهم قيض له بطانة صلاح تعينه على ما ابتلي به من الآمر .. آمين .. آمين .
4. إن لم أتعجب من روح التربص والترصد للرئيس من قبل وسائل الإعلام والفضائيات الخاصة المأجورة ، فإني أتعجب كما أشرت لواقعة شيخ الأزهر ، وأتعجب من عموم من يتربص من غير المأجورين ممن هو مخدوع بالإعلام ، ذلك أنهم عاشوا سنين قهر واضطهاد وطالما حنوا الرؤوس للطغاة ، ولطالما انتقدونا نحن الإخوان وجادلونا فى أننا نرمي بأنفسنا للتهلكة حين وقفنا للظالمين وكنا حجر عثرة فى طريقهم ، وكانوا يسجنوننا ويعتقلوننا مقابل ذلك .
والآن بعد أن قيض الله لكم رئيس عدل وحق وصلاح ، تتربصون به وتعدون له أنفاسه ، فواعجباه ؟!
5. أوافق على ما يطلقه البعض من شائعات عن تورط بعض الإعلاميين فى فضائح وأن الأمن يستخدمهم كورقة ضغط ليهاجموا الدكتور مرسي ويفشلوا مشروعه ، فكل شئ جائز فى تلك الحياة الآسنة الفاسدة التي عشناها لأكثر من ستين سنة وما مارسته أجهزة المخابرات أيام صفوت الشريف ( موافي ) وما مارسه جهاز أمن الدولة من توريط الناس فى الفضائح وابتزازهم بعد ذلك ، حتى أن السينما المصري صاغته فى أفلام عديدة وعبرت عنه بوضوح وأصبح من المعلوم بالضرورة ..
كل ذلك يجوز ويرد على العقل ويقبله ، لكن لا نعين أشخاصاً بأسمائهم لأننا حينها سندخل فى دائرة القذف المنهي عنه شرعاً ، أحسب أنه من الجائز لي أن أتحدث وأطلق هذا الحكم على طائفة من الإعلاميين الفاسدين على العموم ، وكل المؤشرات تقود لذلك عن توريط أجهزة الأمن الوطني الفاسد والوريث الشرعي لجهاز أمن الدولة البائد وربيبه وخليفته ، ولكني أحذر نفسي وإخواني من الوقوع تحت طائلة الحرج الشرعي بتعيين أسماء بلا أدلة ولا براهين ، فإن شريعة الإسلام نهتنا عن ذلك رغم ما يسلطونه علينا من ألسنة حداد ومن شائعات .
كذلك فإن الموافقة على هذا الذى يطلقه البعض لا يعني أنهم كلهم مضطرون ، بل إن الأكثرية تفعل ذلك عن عقيدة وعن رغبة وعن دافع ذاتي سواءاً بسبب الأيديولوجية التي يتبناها أو بسبب المصالح والعلاقات التي سيفقدها بسبب وجود التيار الإسلامي النزيه بسدة الحكم .
6. هذه النقطة بالذات تؤدينا إلى نتيجة – فى حالة التوثق من دور الأمن الوطني فى ذلك مفادها أنه لابد من القضاء على الجهاز الفاسد المسمى بالأمن الوطني ، ويستطيع الرئيس ذلك بقرار سيادي أن يلغي هذا الجهاز الفاسد الآسن الذي تربى على ممارسات أمن الدولة القميئة .
هؤلاء حكمهم حكم الجلالة فى الشريعة الإسلامية ، وهي الماشية أو المأكول من الحيوان أو الطير أو النبات الذين رعوا فى النجاسة والخباثة ، لابد لهم كي يطهروا أن يعزلوا فى بيئة نظيفة طاهرة يرعوا فيها ، وهذه لم تتوفر لهم بعد ، فلابد من عزلهم وحجزهم وحبسهم ، وقد لا يفلح ذلك مع أمثالهم .
7. لابد أيضاً من إجراءات أخرى رادعة عاجلة من مؤسسة الرئاسة ومن الرئيس نفسه بمقاضاة هؤلاء الذين يطلقون الشائعات حوله أو حول عائلته ، ولا يجوز للدكتور مرسي أن يفترض أن الإهانة الشخصية له ينبغى أن تمر لتواضعه أو لتسامحه ، أو لما أطلقه فى أول خطاب أنه لا حق له ، فإن الذى يهينه إنما يهين مشروعه وفكرته الإسلامية المصونة ولا يقصد بالإهانة الشخصية له إلا ذلك ، ونحن حملة المشروع الإسلامي لا يقصدنا الناس على المستوى الشخصي بالعداء وإنما يقصدون الفكرة ورمزية تمثيلي لها ، فإذا ارتقت الرمزية لأعلى مكان فى البلد وهو مكان الرئاسة كان الاعتداء من الموتورين أشد ، وأطالب الرئيس بأن يكون الرد أكثر شدة ، وكله بالقضاء والقانون ، فلا أرى للرئيس مانعاً عن ذلك .
8. على التوازى مع ذلك لابد من إجراءات تشريعية عادلة ناجزة من قبل مجلس الشورى ، ولا يقال أن هذا تكميم للأفواه أو قصف للأقلام ، فشتان بين حرية الفكر والإبداع وبين الكذب والتلفيق ، وشتان بين الحرية فى الخبر وبين البهتان والافتراء .
لو أنك تؤلف قصة وتبتكر فيها وتبدع ، فلا أستطيع أن أمنعك لأني أعلم أنك تؤلف رواية ، أما أن تذيع خبراً كاذباً مختلقاً من الأساس تحت دعوى الحرية فهذا ما لا أرى لمجلس الشورى ولا حتى للرئيس حق السكوت عليه ، وأحسبه من باب إشاعة الفتنة والفاحشة بين المؤمنين ، ومن أحاديث الإرجاف التي لا يقوم بها إلا الخبثاء والمنافقون والمرجفون .
9. وأخيراً فإن الملف الإعلامي للإخوان والحرية والعدالة يحتاج بعد هذا الكيد لنظرات وطفرات وتطوير ، وعلى عظم المهمة تكون الهمة .
هذا التحدى القائم يفرض علينا أن نعيد النظر فى المنابر الإعلامية التى نملكها ، ولا أعنى بذلك النت ، فإن النت على جلالة قدرها قد لا يتجاوز تأثيرها سبعة إلى عشرة فى المائة من شريحة المصريين .
وإنما الملف الذى ينبغى أن ننظر إليه نظرة جدية هو الفضائيات والصحف ، من حيث الكم والكيف ، فما نملكه قليل وقليل جداً ولا يطلع عليه سوانا وكأننا نكلم أنفسنا أو نؤذن فى مالطة ، والمحتوى الذى نعرضه ضعيف ، ولا يرتقى لكونه عنصر جذب للمشاهدين ، ولا يصلح للمنافسة مع أولئك المحترفين .
على نفس السياق ملف رموزنا الذين يظهرون بالإعلام بدءاً من آلية اختيارهم ومروراً بتأهيلهم ليكونوا على حجم التبعة والدور المطلوب منهم .
وأخيراً ملف انتشار جهازنا الإعلامي بين الناس بالخدمة والخلق والقبول الحسن ، وأعنى به أفراد الإخوان وأعضاء الحرية والعدالة ، فهؤلاء أيضاً عليهم واجب عظيم وعبء كبير .. وفقنا الله جميعاً لنكون بطانة صالحة لرئيس صالح ، ووفقنا الله جميعاً لأن نكون على حجم العبء والتبعة والدورالمطلوب .. آمين .
-------------

